أثار التدهور الكبير في أسعار النفط الخام في السوق العالمية في الآونة الأخيرة مخاوف الاقتصاديات النفطية ولاسيما الريعية منها واقترابها من حالة الانهيار والإفلاس؛ كونها ربطت مصير اقتصادياتها بمورد النفط؛ مما جعلها تدفع الثمن باهظاً مقابل تلك السياسات وجاءت المخاوف أكثر حدة في الاقتصاديات التي اعتمدت النفط مورداً وحيداً لموازناتها السنوية، ومصدراً أساسياً من المصادر المكونة للناتج المحلي الإجمالي.
وفي العراق يكتسب النفط أهميته من طبيعته كسلعة حيوية أثرت في صياغة المشهد الاقتصادي العراقي وما زالت تؤثّر، إذ يعدُّ النفط مصدراً مهماً من مصادر العائدات النقدية والمالية، والمورد الأساس لتمويل عملية التنمية، فهو يشكل بحدود ثلثي الناتج المحلي الإجمالي و92.2% من مجموع العوائد المالية الحكومية و98% من إجمالي الصادرات الكلية؛ لذا فإن ما يتعرّض له هذا القطاع من صدمات في السوق النفطية سينعكس بنحوٍ مباشر على الأنشطة التنموية في الاقتصاد العراقي، وانطلاقاً من ذلك ارتأينا البحث في هذا المجال؛ لتسليط الضوء على الإشكالية المعقدة للاقتصاد العراقي وبيان مدى الآثار المترتبة على تقلبات أسعار النفط على مجمل النشاط الاقتصادي.
وينطلق البحث من فرضية مفادها وجود ارتباط وثيق بين أسعار النفط الخام ومجمل فعاليات الاقتصاد العراقي، وأن التغير في الأسعار ينعكس(إيجاباً أو سلباً) على مختلف الأنشطة الاقتصادية.
ولإثبات فرضية البحث تم بناء أنموذج قياسي يوضح العلاقة بين أسعار النفط الخام ومجموعة من المتغيرات الاقتصادية الرئيسة منها: (الناتج المحلي الإجمالي، وسعر الصرف، والموازنة العامة، والصادرات الكلية، والواردات الكلية)، وباستخدام الأساليب القياسية الحديثة. وقد تضمنت الدراسة المحاور الآتية:
المحور الأول: الاقتصاد العراقي: السمات والتحديات.
المحور الثاني: دور القطاع النفطي في الاقتصاد العراقي.
المحور الثالث: الأنموذج القياسي وتحليل النتائج.
المحور الرابع: الاستنتاجات والتوصيات.