يعدُّ موضوع التنمية المستدامة من أكثر الموضوعات المعاصرة إثارةً للجدل والنقاش، وبدأ يستحوذ خلال العقدين الماضيين على اهتمام العالم، فعقدت القمم والمنتديات العالمية، ووضعت استراتيجيات، ورسمت سياسات، ونفذت عدّة برامج تنموية.
فالاستدامة فلسفة لرؤية جديدة للبحث عن بناءات اجتماعية، ونشاطات اقتصادية، وأنماط إنتاجية، واستهلاكية، وتقنيات تعمل على استدامة البيئة، وتمكين الجيل الحالي، وتحسين حياته، وضمان حياة ملائمة للأجيال القادمة.
وتأتي خطة التنمية المستدامة في العراق للعام 2030 لاستكمال مسيرة الأهداف الإنمائية للألفية، وإنجاز ما لم يتحقق في إطارها، وهي خطة طموحة شاملة لم يسبق لها مثيل من حيث النطاق والأهمية، وتضم أهدافاً وغايات عالمية تشمل العالم أجمع ببلدانه المتقدمة والنامية على حد سواء، وهي متكاملة غير قابلة للتجزئة، وتحقق التوازن بين أبعاد التنمية المستدامة الثلاثة، وتقوم على إحداث تحول خالٍ من الفقر والجوع والمرض والعوز، بعالم يسود أرجاءه كافة احترامُ حقوق الإنسان، وكرامته، وسيادة القانون، والعدالة، وعدم التمييز؛ وانطلاقاً من أهمية التخطيط في بناء المجتمعات، ووضع حلول واقعية للتحديات؛ فنحن بحاجة ماسة إلى رؤية استراتيجية متكاملة تتناول الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، يشارك في إعدادها القطاع الخاص والمجتمع المدني والأكاديميين فضلاً عن ممثلي الوزارات والهيئات الحكومية ذات العلاقة؛ كي تكون خارطة طريق في مسيرة تحقيق اهداف التنمية المستدامة 2030 في العراق، ولاسيما أن العراق ما يزال يخطو بخطوات بطيئة في سعيه الحثيث نحو تنفيذ متطلبات التنمية المستدامة، وأن واقع الحال يشير إلى وجود عوائق وتحديات أوجدتها ظروف مختلفة كانت سبباً وراء تراجع المؤشرات الخاصة بهذه التنمية؛ وعليه تأتي هذه الورقة لتحديد مسار هذه الاستراتيجية من حيث الرؤية والأهداف والمحاور أولاً، ومن ثم تحديد السبل والإجراءات الكفيلة بإنجاز محور التنمية الاقتصادية والنمو برؤية مستقبلية ثانياً؛ لأهميته وارتباطاته الوثيقة بالمحاور الأخرى بعد التعرف على واقع حال مؤشرات الاستدامة في العراق؛ وفي ضوء ذلك قُسّمت الدراسة على عدة مباحث:
المبحث الأول: التنمية المستدامة .. المفهوم والأبعاد.
المبحث الثاني: متطلبات التنمية المستدامة.
المبحث الثالث: التنمية المستدامة في العراق .. الواقع والتحديات.
المبحث الرابع: الاستدامة في إطار التنمية .. رؤية مستقبلية.
الخاتمة.