back to top
المزيد

    إخراج إيران من اللعبة الدولية للنفط والغاز

    حوار مع : د. ساره وخشوري رئيسة المؤسسة الدولية لاستشارات الطاقة SVB.

    طرحت الدكتورة سارا وخشوري رئيسة المؤسسة الدولية لاستشارات الطاقة SVB في حوارها مع (ديبلوماسي أنرجي)، أموراً مهمة بشأن التطورات في منطقة الشرق الأوسط، قائلة: إن السعودية حاولت من خلال الاستجابة لشؤونها الأمنية أن تحيي مرة أخرى باستثماراتها في الاقتصاديات العالمية المهمة ومن ضمنها أمريكا المعاهدةَ الضعيفة «النفط مقابل الأمن» في قالب جديد سمّته: «الاستثمار مقابل الأمن». وتعتقد خشوري أن السعودية قد اقتربت من أمريكا في فترة رئاسة ترامب، وقد غيّر ترامب آليات السياسة الخارجية الأمريكية بدقة حيث يتم اتخاذ القرارات في وزارة الخارجية، والآن تتحدد السياسة الخارجية الأمريكية في البيت الأبيض بواسطة ترامب ومستشاريه. وقالت إن مصنع “إل أن جي” الأمريكي استفاد من الأزمة القطرية وعزلة هذا البلد، وتفيد السياسة الخارجية الهجومية للرياض في مواجهة الدوحة هذا المصنع. وقالت خشوري: في الوقت الحاضر لم تستطع إيران كثيراً ربط اقتصادها باقتصاديات دول العالم الأخرى، وفي تلك الظروف كان من الممكن أن يفكر اللاعبون المهمون في سوق النفط والغاز في إخراج إيران من هذه الأسواق المتشبعة حتى تتضاعف أرباحهم. واقترحت خشوري أنه على إيران أن تقوي ردع اقتصادها مقابل هذه الأهداف.

    أحد الأخبار الرئيسة المتعلقة بالشأن السعودي في الأشهر الأخيرة هو التغييرات التي طرأت على المستوى الأول في الحكومة السعودية، باعتقادكِ ما الأثر الذي سيتركه هذا التغيير على برامج الطاقة السعودية؟

    كما تعلمون أن هذا التغيير الأساسي قد بدأ منذ مدة حين وصل سلمان من ولاية العهد إلى منصب الملك، وهذه السلطة انتقلت من الملك عبد الله إلى الملك سلمان. وفي هذا الوقت واجهت السعودية ثلاثة تحديات مهمة:

    الأول: التحدي الأمني؛ فقد عقدت السعودية منذ الملك الأول -أي عبد العزيز- اتفاقا أمنياً مع الرئيس الأمريكي آنذاك روزفلت توفر أمريكا بموجبه أمن السعودية مقابل تصدير النفط إليها، لكن خلال السنوات الأخيرة ومع زيادة إنتاج النفط والغاز في أمريكا، قلّ معدل ارتباط أمريكا بالنفط الخليجي والسعودي بنحوٍ ملحوظ، ورأت السعودية أن وجود اتفاق توفير الأمن مقابل تأمين النفط في خطر؛ وقد اشتد هذا القلق مع سياسة عدم التدخل المباشر لحكومة باراك أوباما في شؤون المنطقة مثل ليبيا وسوريا واليمن، وبالتزامن مع توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية ومن ضمنهم أمريكا. وشعرت الرياض بأن حكومة أوباما لا تمتلك حساسية الحكومات الأمريكية السابقة حيال السعودية.

    الثاني: كان نصيب سوق النفط السعودي مقابل نفط شيل الأمريكي؛ إذ أعلن علي النعيمي وزير النفط السعودي حينها في اجتماع أوبك عام 2014 أن هذه البلاد كان لها دور منتج للتعويم بنحوٍ تقليدي وفي حال عدم تعاون جميع أعضاء أوبك فلن تقلل من إنتاجها للنفط، ثم قررت السعودية زيادة الإنتاج بسبب حفظ نصيبها في السوق حيث ساعد هذا الأمر في هبوط السعر وبالطبع تسبب في خلق التحدي الثاني، أي التحدي الاقتصادي للسعودية، وتوصل القادة السعوديون إلى هذه النتيجة أنه بملاحظة تنامي إنتاج النفط الأمريكي، فلن يستطيعوا في المستقبل أن يعيشوا على أساس الارتباط بالنفط فقط ويجب حدوث تغييرات في اقتصادها وتقليل ارتباطه بالنفط حتماً.

    الثالث: كان تحدي الربيع العربي، الذي بدأ منذ عهد الملك عبد الله، وكان على السعودية أن تجد طريقاً للحل من أجل بقاء شبابها الذين تقل أعمارهم عن ٣٠ عاماً والذين كانوا يشكلون جزءاً مهماً من عامة الشعب.

    كيف ترين التحدي الأخير بين السعودية وقطر؟ وهل تريد السعودية من خلال هذا النزاع أن تزيد وجودها الأمني في المنطقة، أو أن لهذا الأمر أسباباً خفية تختصُّ بالطاقة؟ فعلى سبيل المثال يعتقد بعضهم أن السعودية تريد السيطرة على قطر والاطمئنان على حماية غازها.

    أنا أعارض هذا الكلام، فالسعودية لم تثق طوال تأريخها بأيٍّ من منتجي الطاقة من أجل الاستيراد؛ أي إنها لم تستورد الغاز القطري أبداً خلال جميع السنوات التي لم يكن لديها أي خلاف أو تحدٍّ مع قطر؛ لذلك أنا أرى الأمر أمنياً أكثر.

    لقد كان للسعودية وأمريكا في فترة أوباما انطباعان مختلفان حول ما يسمى بـ«التهديد الإيراني»، إذ كانت السعودية تعتقد أن إيران تقوم بالـ«تدخل النيابي» في بلادها؛ وعلى سبيل المثال تزعم أنها تحرض الشيعة أو تقوم بعمليات سريّة، إلا أنّ حكومة أوباما كانت تعتقد أن الدفاع عن السعودية سيحدث فقط حينما تقدم إيران على تهديد عسكري مباشر؛ ونتيجة لهذه «المخاوف» وصلت السعودية إلى هذا الاستنتاج بأنّ عليها اتخاذ دور فاعل من أجل تأمين أمنها، وحدودها ومصالحها؛ لذلك أقدمت على الحضور المباشر في اليمن والسعودية، وهكذا في فترة حكم الملك سلمان تحولت السياسة المنفعلة السابقة إلى سياسة فاعلة؛ لأن السعوديين كانوا يشعرون أنهم لا يستطيعون الاتكال على أمريكا فقط. إلا أن الأمر تغيّر مع مجيء ترامب، حيث إن الولايات المتحدة تضغط على إيران بنحوٍ مباشر، وتأخذ الجانب السعودية بنحوٍ صريح جداً. وبالطبع فإن غطاء هذه السياسة الفاعلة للسعودية هو الاستنجاد الاقتصادي والاستثمار وقد فعلت الأخير مسبقاً؛ كما أنها وقعت اتفاقيات استثمار مع جميع البلدان المسلمة، والآسيوية، والتابعة لمنظمة عدم الانحياز، والهند وإندونيسيا وأمريكا، ومن جهة أخرى اتبعت سياسات عقابية بحق شركائها وحتى بعض المصارف. وعلى سبيل المثال: لقد هددت بعض المصارف إن كانت تريد أن تكون لديها حصة في أثناء تداول أسهم أرامكو، فعليها ألا تستثمر في إيران.

    وقد اتبعت مثل هذه السياسة العقابية ضدَّ قطر، وفي المقابل إن كان هذا الأمر يعد قضية «أمنية» بالنسبة للسعودية فإنه قضية «طاقة» بالنسبة للولايات المتحدة؛ لأن قطر قررت أن تستثمر مجدداً في حقل كُنبد الشمالي، وهذا يعدُّ تهديداً لمشاريع أمريكا المتعددة لإنتاج الغاز الرخيص عن طريق “إل أن جي”. وأنا لا أريد أن أتكلم بناءً على نظرية المؤامرة بأن أمريكا تريد أن يحدث مثل هذا الأمر مباشرة، ولكن على كل حال تعد شركة “إل أن جي” القطرية تهديداً لشركة “إل أن جي” الأمريكية ويربح قطاع “إل أن جي” الصناعي الأميركي من الخصام الأخير بين السعودية وقطر؛ لأنه من الممكن أن يقرر المشترون التقليديون لـ”إل أن جي” القطرية في فترة تمديد عقودهم شراء حاجاتهم من الغاز من أمريكا عن بعد؛ لأنها تبدو مصدراً للطاقة أكثر أماناً مقارنة مع قطر.

    هناك انطباع يقول إن قطر في سياسة أوباما الخارجية بمجال الطاقة كانت نقطة ارتكاز لمساعدة أوروبا من أجل تقليص اعتمادها على الغاز الروسي، إلا أن ترامب يرى قطر كتهديد بناءً على هذا الأمر الذي أشرت إليه بنفسك، هل ترين هذا الانطباع صحيحاً؟

    بناءً على هذا الأمر فقط لا يمكنني القول إن ترامب يعدُّ قطر بأنها تمثل «تهديداً»؛ لأنه وحتى الآن لم يعلن مثل هذا الأمر من قبل الحكومة الأميركية صريحاً. وقد قال تيلرسون في سفره الأخير إلى قطر: إن رد قطر لدول الائتلاف السعودي كان منطقياً جداً؛ وفي هذا الصدد أعلن ترامب فقط أن لديه بديلاً للقاعدة العسكرية الموجودة على الأراضي القطرية؛ وهذا يعني أنه من الممكن أن تنقل الولايات المتحدة هذه القاعدة، إلا أن أمريكا أعلنت أن نوايا السعودية تجاه قطر غير واضحة بالنسبة إليها.

    برأيك هل من الممكن أن تزداد العقوبات ضد قطر؟ على سبيل المثال: تصوري أن تكون هناك عقوبات ضد عبور سفن “إل أن جي” القطرية من قناة السويس أو مشكلات في جذب استثمارات أجنبية في مشاريع تنمية، ولاسيما الحالة التي ذكرتها حول حقل كُنبد الشمالي.

    لا، لا أظن؛ فحتى الآن لم نرَ أي توقف لإنتاج قطر، ولا أظن أنّ صادرات قطر ستصاب بمشكلات، والعائق الوحيد الذي من الممكن أن يحدث هو ألا تسمح الإمارات بأن تتزود السفن بالوقود في ميناء الفجيرة؛ وهذا من الممكن أن يبعد خط سيرها، وسيكون له تأثير تافه على المصاريف وزمن الشحن والنقل. والحدث الذي كان من الممكن أن يقع هو الإخلال في تدفق غاز خط دولفين، مثلاً تتخذ الإمارات قراراً بقطع وارداتها من هذا الخط وهو ما لم يحدث. وبشأن مصر يجب القول إنه مع أن واردات “إل أن جي” من قطر مهمة بالنسبة لهذا البلد، إلا أن كل منتجات “إل أن جي” التي دخلت مصر من قطر كانت عن طريق شركات تجارة البضائع؛ أي منذ أن يتم شحن “إل أن جي” على سفن هذه الشركات وتكون ملكيتها كلها لهذه الشركات، فلو امتنعت مصر عن واردات قطر، فإنهم يستطيعون بسهولة تحويل بضاعة قطر إلى بضاعة أخرى، ويحضروها من مكان آخر؛ لذا ليست هناك مشكلة في أسلوب التأمين.

    لكن من ناحية أخرى كان يجب أن تنتظر هل ستمتد الاتفاقيات السابقة لمستوردي “إل أن جي” من قطر أو لا؟ عملياً أكبر مستوردي “إل أن جي” الذي ستنتهي عقوده مع قطر هو اليابان، التي كانت بالطبع منذ عدة سنوات مهتمة بشدة بأن تستثمر في أمريكا؛ سواء بتوثيق علاقاتها السياسية والاستراتيجية مع أمريكا، أو من أجل تنوع مصادر تأمين “إل أن جي” الخاص بها. ولاسيما بسبب أن قوانين أمريكا الاستثمار تقوم على نحو إن استثمرت اليابان في حقل ما واستخرجت منه الغاز، فسوف تُمنَح الملكية والسيطرة والنفوذ بنحو أوسع على المشروع من أجل تلك المصادر بحيث تبدو هذه الرؤية جذابة بالنسبة لليابانيين، لكن لم يتخذ اليابانيون لغاية الآن قراراً هل يعقدون اتفاقاً مع أمريكا أو مع قطر؟.

    كيف تحللين الدعم التركي لقطر أمام السعودية؟ وهل يمكن أن نعدَّ أن ثمة أطماع تركية للطاقة في هذه الخطوة، أو أن الأمر سياسي وأمني تماماً؟

    أنا لا أرى أن هناك كثيراً من الطاقة، وأفكر أكثر في أن سبب هذا الأمر يعود إلى نهج أردوغان تجاه السياسات السعودية؛ وبنحوٍ عام أرى هذه القضية بمجملها سياسية بالدرجة الأولى لا مؤامرة في مجال الطاقة. ولكن بشأن سؤال: هل هناك من ينتفع من الطاقة أم لا، وما تأثير هذا الأمر على السوق؟ أقول مع أن هذا الأمر لم يؤثر فعلياً على السوق، إلا أنه يمكن أن يؤثر على الأسعار في المنطقة أو على توقيت الشحنات. ولو اشتد النزاع فإن منتجي “إل أن جي” كالمنتجين الأميركيين سينتفعون من هذا الأمر، ولكن هل هذا الأمر مهم جداً أم أن أمريكا جاءت لتفعل هذا الأمر وتربح منه، فأنا لا أعترف بالقراءات القريبة من نظرية المؤامرة.

    باعتقادك هل يمكن لإيران أن تستغل مثل هذه الفرصة؟ وعلى سبيل المثال هل ترين أن يكون هناك احتمال تعاون بين إيران وقطر من أجل الاتفاق على استخراج الغاز من حقل فارس الجنوبي؟

    حين تصبح قطر -التي تقع أطول حدودها مع السعودية والإمارات- منطويةً تستطيع إيران أن تأخذ مكانها، أو في المقابل يمكن لقطر أن تستفيد من المجال الجوي الإيراني؛ لذلك هناك انتفاع اقتصادي بالنسبة لإيران. ومن الناحية السياسية فإن زوال الوحدة في مجلس التعاون الخليجي، بالتأكيد سيضعف موقفهم تجاه إيران، ولكن بشأن النقاش حول الطاقة فإني لا أعتقد أن يحدث مثل هذا التعاون بين كل من إيران وقطر في حقل فارس الجنوبي؛ لأن قطر ما زال بإمكانها الوصول إلى المستثمرين الأجانب، وأن المستثمرين الأجانب مهتمون بالاستثمار، وحين يتنافس بلدان في هذا المجال فباعتقادي لن تربح قطر شيئاً من هذه المشاركة الافتراضية. وحينما لا يكون لإيران تقنية أو استثمار كي تشترك في القطاع القطري، فحينئذٍ ستكون علاقات إيران وقطر في حقل “فارس الجنوبي” المشترك محدودة ضمن تبادل المعلومات على مستوى بحوث رسمية وهذا الأمر كان موجوداً في السابق أيضاً.

    ما توقعك لمستقبل الصراع الحالي بين قطر والسعودية؟ هل تظنين أن قطر ستقبل بشروط السعودية في النهاية، أو ستضطر السعودية بسبب الموقع الذي تمتلكه قطر إلى إطالة الأزمة وتتصالح معها في النهاية. برأيك ما المستقبل الذي يمكن تصوره؟

    مع إعلان شروط السعودية، لم تكن تنتظر أصلاً أن توافق قطر على هذه الشروط؛ لأن هذه المطالب التي وجهتها السعودية لقطر إنما هي مطالب غير منطقية وغير قابلة للحدوث. وفي الأساس إن عدّت دولة ما نفسها مستقلة فلا يمكن أن توافق على تلك المطالب؛ لذا كانت هذه المطالب التي وجهتها السعودية وحلفاؤها لقطر غير قابلة للتنفيذ. وإنني أظن أن قطر لم توافق على هذه الشروط ولن تفعل، وأظن أن موقف أمريكا سيكون في تحديد نهاية هذا الجدل مهماً للغاية، لأن قرارات السياسة الخارجية في حكومة ترامب لا تمر عبر المرشحات التقليدية السابقة خلافاً للماضي. 

    أعود إلى موضوع إيران، في رأيك إلى أي مدى يمكن للسعودية أن تستمر في سياستها المناوئة ضد إيران؟

    أعتقد أن الأمر المهم هو أن نتنبّه إلى قادة السعودية الحاليين، فوزير الخارجية الحالي عادل الجبير لا يمتلك التجربة التي كانت للوزير السابق سعود الفيصل، فهؤلاء الجدد لديهم خطط إصلاحية راديكالية جداً -مثل تغيير ولي العهد السعودي-، وفيما يخصُّ إيران فإن انطباعاته وتحليلاته عنها تبدو راديكالية، ويعود هذا الأمر إلى تصوره أن لإيران تصورات راديكالية جداً تجاه السعودية؛ ومثال على ذلك: إنه في الكثير من أحاديثه يقول دائماً إن إيران تريد أن تبسط حكومة شيعية في كل مكان؛ وهذا يدل على أنه يرى إيران تهديداً جدياً وأيديولوجياً؛ لأنه لا يمتلك تجربة علاقة المسنين في البلاط والأجهزة التنفيذية السعودية، التي كانت لديهم مع إيران؛ لذلك أعتقد بأن هذا النهج الراديكالي جداً سوف يستمر طالما يمسك محمد بن سلمان زمام السلطة بصفته ولياً للعهد أو ملكاً. 

    سؤالي الأخير: في الأوضاع الراهنة حيث إنه حسب زعمكِ سوف تستمر سياسة السعودية الراديكالية، باعتقادك إلى أين يجب أن تسير استراتيجية إيران؟ وفي الحقيقة أي سياسة يمكن اقتراحها لإيران؟

    باعتقادي أن السياسة السعودية في تقوية علاقاتها الاقتصادية مع الدول الأخرى ساعدت على زيادة حصة تصدير النفط السعودي إلى أهم أسواق آسيا، فهذه الخطوة ذكية جداً، وأعتقد أنه في ظل هذه الأوضاع الراهنة حيث تقوم فيها إيران بإرسال إشارات إلى العالم تدلُّ على قوتها العسكرية بمختلف الطرق من ضمنها برنامجها الصاروخي عليها أن تبيّن أنها قوية اقتصادياً أيضاً، ولكن الشيء الذي أراه هو أن إيران لم تندمج كثيراً في الاقتصاد العالمي بسبب العقوبات المفروضة، في حين أن السبب الرئيس يعود إلى القرارات الداخلية، وعلى سبيل المثال: منذ إلغاء العقوبات وقعت إيران عقداً واحداً مع IPC، ولا يعود السبب إلى ترامب ولا العقوبات، بل إن الأمر إيراني داخلي تماماً، والحدث المهم جداً الذي لا تهتم به إيران هو أنه حينما نواجه الفائض في العرض في السوق، ويشعر المنتجون العالميون الكبار من السعودية حتى بقية دول أعضاء أوبك وروسيا بالآثار السلبية لتدهور أسعار النفط والفائض في العرض على اقتصادياتهم، فإن توجهاتهم تسير باتجاه طرد لاعب مهم من اللعبة. وفي فترة حكم السيد أوباما كانوا على وشك فعل هذا الأمر مع روسيا، من ضمنها فرض عقوبات عليها؛ إلا أنه بعد وقوع بعض الأحداث أصبحت روسيا الآن مقربة للبيت الأبيض، أو حتى يمكن القول باتت علاقتهما حميمة جداً.

    لو نظرت إلى اللعبة الدولية فإنها تصب في مصلحة جميع اللاعبين الدوليين الأساسيين حيث إنهم يطردون “إيران” وهي لاعب رئيس للنفط والغاز، ويخرجون كامل نفطها وغازها من السوق كي يستمر المنتجون جميعهم بلعبتهم بسهولة ورضا تامين. وإن سألت لماذا أعتقد أن إيران تعد خياراً لتُحذَف من السوق، فجوابي هو أن دولاً مثل إيران، والعراق، وكازاخستان من ضمن الدول التي لها إمكانية تنمية إنتاج النفط والغاز وعرضهما في السوق؛ وفضلاً عن هذه فإن وزير النفط السيد زنكنة قد صرح بأنه بعد 4 سنوات سيصل إنتاج نفط البلاد إلى 5.7 ملايين برميل، وسوف يزداد إنتاج الغاز الإيراني أيضاً؛ لذلك فإن إيران أحد اللاعبين في السوق ونتوقع أن يتضاعف تصديرها للنفط والغاز. والآن إذا لم ترَ إيران ربح الشركات والدول الأخرى في هذه اللعبة فبالتأكيد لن يكون لأحد أي دافع لإبقائها في هذه اللعبة. وإحدى الحالات التي أرادت فيها إيران أن تجعل سوقها رائعاً للآخرين، كانت عقود IPC نفسها؛ إلا أننا نرى أن هذا الأمر لم ينفذ كما أعلن في البداية؛ لذلك لو أخذنا التعامل مع سوق الاقتصاد والتجارة العالمية وأرباح الدول والشركات الأخرى بالحسبان، فيمكن عدّه رادعاً كبيراً بالنسبة لإيران. ولكن في الوقت الراهن يمكنني القول إن لدى إيران الرادع الاقتصادي الأقل؛ أي ليس لديها عقود لافتة للنظر، ولو ازداد إنتاجها النفطي والغازي فلن تربح الشركات كثيراً من هذه العقود، باستثناء زيادة الإنتاج التي ستكون خسارة ليس فقط للدول المنتجة، بل لكثير من الدول التي استثمرت أموالها في أمريكا؛ لذلك فإن هذا الوضع لا يصب في مصلحة إيران ويجب أن يتغير.


    المصدر: (ديبلوماسي أنرجي)