back to top
المزيد

    استعراض تحليلي حول “أسباب فشل الأمم”

     

    مع تزامن انحسار الأزمة الاقتصادية العالمية عادت السمتان الرئيسيتان للاقتصاد العالمي إلى الظهور في عصرنا الحالي؛ إحداهما الفجوة بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة، فمنذ 200 عام مضت لم تكن هناك فجوة كهذه -أو على الأقل ليس على النطاق المعتاد في يومنا هذا- إلّا أن الواقع الحالي يتسم بفارق كبير؛ فبإمكان الأفراد الآن أن يعيشوا في حالة فقر مدقع في أحد البلدان، وقد تراهم أفضل حالاً مادياً بمجرد انتقالهم إلى بلد آخر.

    ومثال على ذلك مدينتا نوغاليس التوأم، فإحداهما تقع على الجانب المكسيكي من الحدود، والأخرى على الجانب الأمريكي، ولكن السؤال الأهم هنا هو: لِمَ تشكل الحدود فرقاً بهذا الشأن؟ ويعدُّ هذا سؤالاً بالغ الأهمية؛ لأن عدم المساواة غير المقبول يولد حقائق وحشية أخرى كالإحساس بالذنب، والاستياء، وتصاعد الضغوط للهجرة، والخيارات المرعبة التي ستواجه العالم برمته حينما تتعرض بعض الدول إلى الانهيار التام وليس التأخر عن الركب فحسب.

    لقد كافح العلماء لعقود طويلة من الزمن من أجل التوصل إلى إجابة مقنعة لذلك، وغالباً ما كان الاتجاه المتبع في البحث تكنوقراطياً؛ ففي الستينيات كان التفسير السائد هو أنّ البلدان الفقيرة تفتقر إلى رأس المال؛ وبحلول الثمانينيات، كان تفسيرهم بأن السياسات الاقتصادية لتلك الدول سيئة للغاية.

    إلا أنّ العقد الماضي قد أظهر لنا فكرة جديدة وقوية؛ وهي تقدم الصين، التي تعد السمة الأساسية الأخرى في عصرنا الحالي. إذ يعدُّ نمو الصين ظاهرة اقتصادية لم يسبق لها مثيل من قبل، ولها آثار على الفقر والجغرافيا السياسية، فقد حسّنت الوضع المالي للملايين من الأفراد، ومن المتوقع أن تطيح الصين بأمريكا من موقعها كأكبر اقتصاد في العالم، وقد فُسِّر تقدم الصين الاقتصادي على نطاق واسع -ولاسيما من قبل النخب الأفريقية- كونه دليلاً على فوائد الحكم الاستبدادي.

    وقد حاول كلٌّ من دارون أسيموجلو وجيمس روبنسون دراسة العوامل المسؤولة عن النجاح السياسي والاقتصادي للدول أو فشلها في كتابهما: ” Why Nations Fail: The Origins of Power, Prosperity, and Poverty”[1]، إذ يزعمان أن التفسيرات الحالية حول ظهور حالة الرخاء والفقر كاللجوء إلى الجغرافيا، والمناخ، والثقافة، والدين، أو جهل القادة السياسيين لا تعدُّ محاور كافية أو لا تصلح لتفسير تلك الحالة.

    ويدعم أسيموجلو وروبنسون بحثهما بمقارنة دراسات حالات خاصة على المستوى القطري، التي تحدد البلدان المتشابهة في العديد من العوامل المذكورة آنفاً، ولكن باختلاف الخيارات السياسية والمؤسسية تصبح أكثر ازدهاراً، وأفضل مثال على ذلك هو كوريا سابقاً التي قسّمت بعدها على كوريتين شمالية وجنوبية في عام 1953، وقد تباينت اقتصادات البلدين بنحوٍ كامل، وأصبحت كوريا الجنوبية واحدة من أغنى بلدان آسيا، في حين ما تزال كوريا الشمالية في عداد المناطق الأكثر فقراً في العالم. وذكر الكاتبان أمثلة أخرى تشمل المدينتين الحدوديتين نوغاليس (سونورا، المكسيك) ونوغاليس (أريزونا، الولايات المتحدة الأمريكية)، وبالرجوع إلى المدن الحدودية يحلل المؤلفان تأثير البيئة المؤسسية على ازدهار السكان الذين يتشاركون الثقافة والمنطقة الجغرافية عينها.

    ويستند بحث أسيموجلو وروبنسون إلى أنّ الرخاء الاقتصادي يعتمد قبل كل شيء على شمولية المؤسسات الاقتصادية والسياسية، إذ تكون المؤسسات “شاملة” حينما يكون لدى السكان رأي في عملية صنع القرار السياسي، مقارنة بالحالات التي تسيطر فيها مجموعة صغيرة من الأفراد على المؤسسات السياسية، ويرى الكاتبان أن الدولة الديمقراطية التعددية الفاعلة تضمن سيادة القانون، ويعتقدان بأن المؤسسات الشاملة تعزز الازدهار الاقتصادي لأنها توفر حافزاً يتيح للمواهب والأفكار الإبداعية مكافأتها.

    وفي المقابل، يصف المؤلفان المؤسسات “الاستخراجية” بأنها مؤسسات تمنح السلطة بيد فئة قليلة، وتدار الحوافز والفرص لصالح هذه الفئة فقط، وإذا حصل نمو اقتصادي فلا يستفيد منه أغلب المواطنين. فالأمم التي لها تأريخ بحكم المؤسسات الاستخراجية لم تزدهر أبداً؛ لأن أصحاب المشاريع والمواطنين لم يكن لديهم الحافز للاستثمار والابتكار، وأن أحد الأسباب لذلك هو أن النخب الحاكمة تخشى من (التدمير الخلّاق) -وهو مصطلح صاغه الاقتصادي النمساوي جوزيف شومبيتر-، الذي يعرّف بأنه عملية إبادة المؤسسات القديمة والسيئة لتوليد مؤسسات جديدة وجيدة؛ ومن شأن التدمير الخلّاق أن يصنع مجموعات جديدة تتنافس على السلطة ضد النخب الحاكمة. ولجأ الكاتبان إلى ظهور التعددية الديمقراطية في بريطانيا العظمى بعد الثورة المجيدة عام 1688 كونها مثالاً حاسماً للثورة الصناعية، ويحاول الكاتبان أيضاً شرح الازدهار الاقتصادي الأخير في الصين.

    ولا يتعارض ماضي الصين الحديث مع القضية المطروحة في الكتاب؛ فعلى الرغم من النظام الاستبدادي في الصين، إلا أن النمو الاقتصادي فيها يعزى إلى السياسة الاقتصادية المتزايدة الشمولية التي اتبعها دنغ شياو بينغ، مبتكر سياسة الانفتاح في الصين بعد الثورة الثقافية.

    وعلى وفق الإطار الذي رسمه أسيموجلو وروبنسون، فإن النمو الاقتصادي سيغير توزيع الموارد الاقتصادية؛ وبالتالي يؤثر على المؤسسات السياسية؛ ومن هنا وعلى الرغم من النمو السريع الحالي للاقتصاد الصيني فمن المتوقع أن ينهار اقتصادها بالكامل مثل سابقتها الاتحاد السوفيتي في أوائل التسعينيات ما لم تحسن من سياستها الشمولية، ويستند الكاتبان إلى نظريتين رئيسيتين: توضح النظرية الأولى محركات الأنظمة الديمقراطية والديكتاتورية، بينما توضح النظرية الثانية كيف تعزّز الأنظمة الديمقراطية النمو الاقتصادي في حين تمنع الأنظمة الديكتاتورية ذلك.

    محركات الديمقراطية

    تتأصل نظرية أسيموجلو وروبنسون حول محركات الديمقراطية في عملهم السابق الذي يتضمن بحثاً نشر في المجلة الاقتصادية الأمريكية بعنوان: “نظرية التحول السياسي”[2]. ويعتمد هذا البحث على نماذج رياضية تبين أسباب التذبذبات بين النظم الديمقراطية وغير الديمقراطية على أساس تأريخ التحوّل الديمقراطي في أوروبا الغربية وأمريكا اللاتينية، ويؤكد البحث على دور التهديد بالثورة والاضطرابات الاجتماعية في إرساء الديمقراطية.

    وهناك عدد من الافتراضات الكامنة وراء أنموذجهما لنظرية المباراة*:

    أولاً: يفترض أسيموجلو وروبنسون أن المجتمع ينقسم على فئة غنية صغيرة وفئة فقيرة كبيرة.

    ثانياً: يفترض الكاتبان أن الأنظمة يجب أن تكون ديمقراطية أو غير ديمقراطية؛ لا يوجد شيء بين بين.

    ثالثاً: لا تتحدد تفضيلات الناس في المجتمع إلا بإعادة التوزيع النقدي من الطبقة الحاكمة الغنية، فكلما زادت الفوائد النقدية التي يحصلون عليها كانوا يفضلون الطبقة الحاكمة.

    رابعاً: لا يهتم الناس بإعادة التوزيع في الوقت الحالي فقط، بل بإعادة التوزيع في المستقبل كذلك؛ ولذلك، فإن الناس لا يرغبون بإعادة التوزيع النقدي اليوم فقط بل يريدون ضماناً أن هذا التوزيع سيستمر في المستقبل.

    خامساً: يتقلب الناتج الاقتصادي لبلد ما عاماً بعد آخر؛ مما يعني أن الثورة تعد أقل تكلفة بالنسبة للطبقة الحاكمة خلال مدة الركود الاقتصادي.

    سادساً: يحاول كل فرد في المجتمع تعظيم منفعته الخاصة.

    ففي أنموذجهما، يبدأ البلد كمجتمع غير ديمقراطي تسيطر فيه مجموعة صغيرة على معظم الثروة وتحكم الأغلبية الفقيرة، ويحصل الأغنياء -كونهم الطبقة الحاكمة- على عائدات الضرائب من الناتج الاقتصادي؛ لذا بإمكان الأغلبية الفقيرة أن تقبل بما يقدمه لهم الأغنياء بعد أن تفرض الضرائب على الإنتاج (الناتج الاقتصادي بعد الضريبة مقسوماً على حجم السكان)، أو بإمكانهم اختيار إقامة ثورة ضد الطبقة الحاكمة، التي لها تبعات معينة؛ ففي حالة الثورة، تكون النتيجة النهائية للفقراء هي فائدة الثورة ناقص تكلفة الثورة، وفي ظل هذا الظرف، ينقسم عائد الطبقة الحاكمة الغنية بين أمرين: إمّا توجيه عقوبات على الطبقة الحاكمة في حالة ثورة الفقراء، وإمّا زيادة الضرائب في حال رضي الفقراء بما تقدمه الطبقة الحاكمة.

    إن أنموذج نظرية المباراة التي اتبعها الكاتبين تتألف من مرحلتين، هما:

    (1) حين يُقرُّ الأغنياء معدل الضريبة ومستوى إعادة التوزيع.

    (2) ومن ثم يقرر الفقراء ما إذا كانت الثورة هي الخيار الأمثل لهم.

    وبسبب الخسارة المحتملة للمنافع الاقتصادية للثورة، ومعرفة ما يفضله الأغلبية من الفقراء، فإن لدى الأغنياء حافزاً في اقتراح معدل ضريبي لن يثير الفقراء لإقامة أي ثورة، ولن يكلف الأغنياء فوائد كثيرة جداً في الوقت نفسه. وهكذا، فإن التحول الديمقراطي يشير إلى الحالة التي يزيد فيها الأغنياء إعادة التوزيع النقدي؛ وبالتالي منح الفقراء امتيازات من شأنها تمنع أي ثورة محتملة.

    هناك العديد من المتغيّرات التي تحدد عملية صنع القرار لكلا الجانبين:

    • الإنتاج الاقتصادي لسنة معينة.
    • تكلفة الثورة.
    • معاقبة الطبقة الحاكمة إذا تولى الثوار السيطرة.
    • معدل الضريبة المفروضة من قبل الأغنياء.
    • فوائد الثورة.

    ويبين الجدول في أدناه تأثير هذه المتغيّرات على التحول الديمقراطي:

    المتغيرات الإجراء أرباح الفقراء

    دون الثورة

    أرباح الفقراء

    بوجود الثورة

    أرباح الأغنياء

    دون الثورة

    أرباح الأغنياء

    بوجود الثورة

    احتمالية إرساء الديمقراطية؟ لماذا؟
    1 متراجع منخفض ثابتة منخفض ثابتة محتمل خلال الركود الاقتصادي، فإن انخفاض الناتج الاقتصادي سيدفع الفقراء نحو الثورة. ولمنع حدوث ذلك، سيزيد الأغنياء من إعادة التوزيع ومنح الامتيازات للفقراء لمنعهم من إحداث ثورة.
    2 متراجع ثابتة مرتفع ثابتة ثابتة محتمل مع تراجع ثمن الثورة، على سبيل المثال: إذا كان المرء عاطلاً عن العمل مقابل الفرد الذي يمتلك عملاً، فإن الثمن يكون أقل بكثير حينما يكون الثوار عاطلين عن العمل؛ فإن الفقراء يميلون إلى اللجوء إلى الثورة؛ وبالتالي فإن الأغنياء سيقدمون مزيداً من الفوائد للفقراء لمنع حدوث ذلك.
    3 مرتفع ثابتة ثابتة ثابتة منخفض محتمل مع ازدياد العقوبات، سيكون الأغنياء أكثر استعداداً لزيادة إعادة التوزيع النقدي للفقراء لتجنب العقاب الأكثر شدة.
    5 متزايد ثابتة مرتفع ثابتة ثابتة محتمل إذا كانت فوائد الثورة مرتفعة، فإن الثورة تكون خياراً مفضلاً للفقراء؛ وبالتالي سيكون للأغنياء حافز أكبر لإعادة التوزيع النقدي لتجنب الثورة.

    استناداً إلى التحليل الوارد آنفاً، فليس من الصعب أن نستنتج أن تهديد الثورة يحفز الأغنياء نحو اتباع الديمقراطية باستمرار، وتتوافق هذه النظرية مع بحث كلارك وغولدر اللّذين كتبا بحثاً بعنوان: “السلطة والسياسة”[3] الذي يشير إلى أن الحكومة قد تستجيب للمواطنين أو لا بناءً على العائد، في الوقت الذي يتاح فيه للمواطنين بالخروج من البلد (الهجرة إلى بلدان أخرى) أو بالبقاء فيه وموالاة الحكومة ولهم الحق في ابداء مخاوفهم من طريق الاحتجاج السلمي.

    كيف تؤثر الديمقراطية على الأداء الاقتصادي

    بالنظر إلى أنّ العوامل المؤدية إلى الأنظمة الديمقراطية مقارنة بالنظم الديكتاتورية، فإن الجزء الثاني من سبب فشل الأمم يبين لنا السبب في أن تؤدي المؤسسات السياسية الشاملة إلى نمو اقتصادي فعّال. ونوقشت هذه الفرضية في السابق بنحوٍ رسمي في بحث آخر للكاتبين أسيموجلو وروبنسون بعنوان:

    “المؤسسات السبب الرئيس للنمو على المدى الطويل” (Institutions as the Fundamental Cause for Long-Run Growth)[4]، وبهذه النظرية، يحاول أسيموجلو وروبنسون شرح المستوى المختلف للتنمية الاقتصادية في جميع البلدان بإطار واحد.

    تحدد المؤسسات السياسية (مثل الدستور) التوزيع القانوني للسلطة السياسية، في حين أن توزيع الموارد الاقتصادية يحدد التوزيع الفعلي للسلطة السياسية، ويؤثر توزيع السلطة السياسية -بحكم القانون- على المؤسسات الاقتصادية في كيفية تنفيذ الإنتاج، فضلاً عن كيفية تشكيل المؤسسات السياسية في المدة المقبلة، وتحدد المؤسسات الاقتصادية توزيع الموارد للمدة المقبلة أيضاً؛ ولذلك فإن هذا الإطار يعتمد على عمل المؤسسات حسب المدة الزمنية، إذ إن مؤسساتنا في هذا الوقت تحدد النمو الاقتصادي وشكل المؤسسات في المستقبل.

    وفي بحث آخر أجري مع الباحث سيمون جونسون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بعنوان: “الأصول الاستعمارية للتنمية المقارنة: بحث تجريبي”[5] يستخدم المؤلفون تجربة حدثت في التأريخ لبيان أن المؤسسات المختلفة تؤدي إلى إحداث مستويات مختلفة من النمو الاقتصادي. ويدرس البحث الخيارات المؤسسية خلال المدة الاستعمارية للعديد من الدول بالتنمية الاقتصادية للدول نفسها في الوقت الحالي. ووجد البحث أنه في البلدان التي يوجد فيها بيئة مرضية من الصعب على المستعمرين البقاء على قيد الحياة أي ارتفاع معدل الوفيات؛ لذلك فإنهم يميلون نحو إرساء النظم الاستخراجية؛ مما أدّى إلى ضعف النمو الاقتصادي في تلك البلدان اليوم. أمّا في الأماكن التي كان من السهل على المستعمرين فيها البقاء على قيد الحياة -أي انخفاض معدلات الوفيات- فكانوا يميلون إلى الاستيطان وتكرار إنشاء مؤسساتهم المقامة في بلدانهم ولاسيما المملكة المتحدة، ورأينا نجاحها الاستعماري لأستراليا والولايات المتحدة. وهكذا، فإن معدل الوفيات بين المستوطنين الاستعماريين قبل مئات السنين قد حدد النمو الاقتصادي لأمم ما بعد الاستعمار في يومنا هذا عن طريق إنشاء المؤسسات على وفق مسارات مختلفة جداً.

    إن نظرية التفاعل بين المؤسسات السياسية والاقتصادية تعززت من قبل أسيمجلو وجونسون وروبنسون في بحثهم الموسوم “نهوض أوروبا: التجارة عبر المحيط الأطلسي، والتغيير المؤسسي، والنمو الاقتصادي” (The Rise of Europe: Atlantic Trade, Institutional Change, and Economic Growth)[6] الذي يضمُّ التقدم الاقتصادي لأوروبا بعد عام 1500. ووجد البحث أن التجارة عبر المحيط الأطلسي (العبودية والسلع وما إلى ذلك) بعد عام 1500 قد ازادت أرباحها؛ وبالتالي خلق فئة (التجار) الذين كان بإمكانهم تحدي السلطة الملكية. وبإجراء تحليل الانحدار على متغير التفاعل بين نوع المؤسسة والتجارة عبر المحيط الأطلسي أظهر البحث أيضاً وجود تفاعل كبير بين التجارة عبر المحيط الأطلسي والمؤسسة السياسية: إذ إن وجود سلطة الملك المطلقة يعيق الارتفاع الاقتصادي للتجارة عبر المحيط، وهو ما يفسر سبب تراجع إسبانيا الاقتصادي، على الرغم من تمكنها من اتباع التجارة نفسها عبر المحيط الأطلسي.

    لقد أوضح أسيموجلو وروبنسون أن نظريتهما مستوحاة إلى حد كبير من عمل دوغلاس نورث -عالم اقتصادي أميركي-، وباري وينغاست -عالم سياسي أمريكي-. وفي بحث نورث ووينغاست الذي نشر في عام 1989 بعنوان: “الدساتير والالتزام: تطور المؤسسات التي تحكم الاختيار العام في إنجلترا في القرن السابع عشر” (Constitutions and Commitment: The Evolution of Institutions Governing Public Choice in Seventeenth-Century England)[7] استنتجا أن الفائزين التأريخيين يشكلون المؤسسات لحماية مصالحهم الخاصة؛ ففي حالة الثورة المجيدة، وضعت فئة التجار المنتصرة قوانين حقوق الملكية واقتصرت على سلطة الملك، التي تعزز أساساً النمو الاقتصادي. وفي وقت لاحق ضمّن كل من نورث وواليس ووينغاست ذلك القانون ونظام الوصول المفتوح، في بحثهم عام 2009 بعنوان: “العنف وظهور أوامر الوصول المفتوح” (Violence and the Rise of Open-Access Orders)[8]. إذ أشاروا إلى أن الوصول المفتوح للجميع، والمساواة والتنوع تؤدي كلها إلى ظهور مجتمعات أكثر قدرة على الازدهار والتقدم، وركز هذا الكتاب على هذه النظريات وينبغي أن يؤخذ به بعين الحسبان من قبل صانعي السياسات، والأكاديميين، والأشخاص المعنيين بالمؤسسات العامة والتنمية الاقتصادية[9].


     

    المراجع:

    1. Daron Acemoglu is the Killian Professor of Economics at MIT. James Robinson is the David Florence Professor of Government at Harvard University.
    2. Acemoglu, Daron. “A Theory of Political Transitions”. The American Economic Review.

    * تعرف بأنها وسيلة من وسائل التحليل الرياضي لحالات تضارب المصالح للوصول إلى أفضل الخيارات الممكنة لاتخاذ القرار في ظل الظروف المعطاة لأجل الحصول على النتائج المرغوبة.

    1. William, Clark. “Power and Politics: Insights from an Exit, Voice and Loyalty Game”.
    2. Acemoglu, Daron. “Institutions as the fundamental cause for long-run growth”(PDF). NATIONAL BUREAU OF ECONOMIC RESEARCH.
    3. Acemoglu, Johnson and Robinson, Daron, Simon and James (December 2001). “The Colonial Origins of Comparative Development: An Empirical Investigation”. The American Economic Review. Retrieved May 5, 2016.
    4. Acemoglu and Robinson, Daron and James (June 2005). “The Rise of Europe: Atlantic Trade, Institutional Change, and Economic Growth”. The American Economic Review. Retrieved May 5, 2016.
    5. North and Weingast, Douglass and Barry (December 1989). “Constitutions and Commitment: The Evolution of Institutions Governing Public Choice in Seventeenth-Century England”. The Journal of Economic History. JSTOR2122739.
    6. North, Wallis and Weingast, Douglass, John and Barry (January 2009). “Violence and the Rise of Open-Access Orders”. Journal of Democracy. Retrieved May 6, 2016.
    7. Original sources for this review: https://www.theguardian.com/books/2012/mar/11/why-nations-fail-acemoglu-robinson-review https://en.wikipedia.org/wiki/Why_Nations_Fail