back to top
المزيد

    محادثات أستانة القصة غير المكتوبة

    صحيفة يني شفق التركية

    مضى عامان على ذكرى إسقاط الطائرة المقاتلة الروسية على الحدود التركية-السورية بعد تحذيرها بنداء من القوات المسلحة التركية إثر انتهاكها المجال الجوي، وبعد سنة من الحادث وفي التأريخ نفسه تعرّض عناصر من القوات المسلحة التركية مع مقاتلين من الجيش السوري الحرّ -في أثناء عمليات درع الفرات العسكرية على الحدود التركية السورية وقرب معبر الباب الحدودي وعلى بعد 20 كيلومتراً من منطقة التواجد الأمريكي- لقصف أدّى إلى مقتل ثلاثة جنود أتراك وجرح عشرة، وفد أكدت القوات التركية المسلحة في صفحتها الإلكترونية هذا الأمر، وكتبت عن احتمال قيام النظام السوري بتنظيم هذا الهجوم المسلح، ولكن بيان القوات التركية لم يكن واضحاً لأنها أضافت قائلة إن رئاسة الأركان التركية تواصل مباحثاتها العسكرية اللازمة مع نظرائها لمعرفة ملابسات الهجوم والجهة التي قامت بها.

    أما النظام السوري ففضّل الصمت، ولم يصرّح بأي بيان عن قيامه بالغارة على القوات التركية للردّ على اتهام أنقرة على الرغم من أنها كانت تطبل لأية عملية عسكرية كانت تقوم بها. ولو عدنا إلى الذاكرة ولفتنا الأنظار إلى روسيا مع صمت دمشق بعد مرور سنة على حادثة المقاتلة الروسية، فأنه يتبادر إلى الذهن التساؤل الآتي: هل يمكن أن يكون انتقاماً مدروساً ومتماشياً مع الظروف المناسبة؟ فالكلُّ يعرف أن رد الدب الروسي سيكون ذكياً وسيأتي حاسماً ولن تنسى موسكو الأمر، ويمكن أن يكون اندفاع روسيا باتجاه الجيش التركي في أثناء عمليات درع الفرات العسكرية في سوريا من ذلك الرد على الرغم من الاتفاق على إنهاء تلك الأزمة بين البلدين.

    ولكن الغريب في الأمر هو أنه بعد حادثة إسقاط المقاتلة الروسية تم الاتفاق بعد مدة ليست بالطويلة على تفاهم مشترك ومعقول على النقطة التي عجلت في حل الأزمة بين أنقرة وموسكو، وأوضحت أنقرة أنها لا تريد للعلاقات مع موسكو أن تتدهور؛ لذا يجب العمل على إيجاد اتفاق من أجل إنقاذ العلاقات الاقتصادية والعودة خطوة بخطوة إلى سابق عهدها.

    هل أمريكا من أعطت إحداثيات الطائرة؟

    لنلقي نظرة حول المسالة الأساسية التي أدت إلى أسقاط الطائرة، هل كانت هناك اتفاقية بين الطرفين للظهور بمظهر الأعداء أمام الأطراف الأخرى في الساحة ولمعرفة العدو من الصديق؟

    إن كثيراً من الأطراف السياسية والمعارضة والعصابات المتواجدة في شمال سوريا يقومون بأبشع الأمور، ويمكنهم أن يعقدوا أحقر الاتفاقيات؛ ونفهم من هذا أنه يمكن أن توجد الاتفاقيات السرية التي تظهر العداوات كما لو كانت في حرب ضروس مع بعضها بعضاً.

    دور البيت الأبيض

    هنا أريد أن أعرض دور الولايات المتحدة، فالبيت الأبيض كان معارضاً لعملية درع الفرات منذ البداية، فهل نحن في حرب مع أمريكا على الأراضي السورية؟

    ونوضح ونقول إن هناك بعض العلاقات المترابطة أكثر من كونها عمليات عسكرية منظمة، ففي 24 تشرين الثاني 2016 قتل ثلاثة من جنودنا وجرح عشرة آخرين على الحدود التركية السورية قرب معبر الباب، فهل من الممكن أن تكون الإحداثيات قد أرسلت من قوات أمريكية!

    قراءة لاجتماع أستانة

    لنتفحص ونلقي نظرة على محادثات أستانة، لقد كانت الولايات المتحدة معارضة على عمليات درع الفرات، وردت أنقرة على اعتراض واشنطن بالتباحث مع الدول والقوى المتحالفة لتنفيذ عمليات درع الفرات على الرغم المعارضة الأمريكية للفكرة أساساً، وبعد إصرار تركيا وافقت الولايات المتحدة شريطةَ عدم اقتراب القوات التركية من حدود معبر الباب.

    لماذا هذا الشرط؟

    إن شرط البيت الأبيض بعدم الاقتراب من المعبر الحدودي التركي السوري هو لتنفيذ المخطط الأمريكي في تشكيل حزام يسيطر عليه الكرد على طول الحدود مع تركيا ومن ثم وصول الحزام إلى البحر الأبيض المتوسط، ولكن تركيا كانت بالمرصاد حينما اتفقت مع روسيا وتوغلت وأفشلت المخطط الأمريكي الكردي؛ ولهذا فإننا لم نفهم المغزى من تصريحات القوات التركية المسلحة بأن هناك إحداثيات مسربة من طائرة أمريكية في أثناء عمليات درع الفرات قرب معبر الباب الحدودي. هل لأن مصالح البيت الأبيض في سوريا تتعارض مع العمليات العسكرية في تلك المنطقة؟ أو لأن أنقرة أدركت أن البيت الأبيض يريد أن يحقق مصالحه في سوريا على حساب مصالح تركيا؟ وبعد هذا قررت أنقرة الدخول في اتفاقيات أستانة والعمل مع روسيا وإيران لإيجاد صيغة حل سياسي لأزمة سوريا، وتوصلت إلى القناعات الآتية:

    ١- إن الإرهاب الموجود في سوريا يوثر على أمن الحدود التركية وسلامتها.

    ٢- إن اتفاقيات الولايات المتحدة مع حزب العمال الكردستاني يحقق مزيداً من الفوائد لصالح أمريكا في سوريا.

    هل داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي خارج قوسين؟

    لقد زار الرئيس الروسي بوتين أنقرة والتقى مع أردوغان، وكان هذا اللقاء العاشر بين البلدين خلال هذه السنة؛ من أجل إيجاد حل للازمة في سورية، وفي أثناء اللقاء تم الحديث والاتفاق على مجموعة من الخطط السياسية للأزمة السورية، وقد قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو في لقاء متلفز إن تركيا ستقوم ببعض الإجراءات السياسية، وإنها ستطرح جدول أعمالها في القمة الروسية. ووضعت أنقرة وحدات حماية الشعب الكردي خارج الحوار، وقال وزير الخارجية إن وحدات حماية الشعب الكردي لا تمثل إلا نسبة ضئيلة من الأكراد ونعرف أن في سوريا ائتلافاً وطنياً كرديا،ً وهناك أيضاً مجموعة الأكراد الذين يعيشون في أوروبا، وهناك عشائر كردية كبيرة ونحن على اتصال مع رؤساء هذه المجموعات والعشائر، ونحن لسنا ضدهم ولا نعارضهم، على العكس من ذلك فإننا نقوم بمساعدتهم ووضعنا أسماء ممثليهم في جدول الأعمال المقدمة لروسيا في مؤتمر الحوار، وبدأت روسيا بالاتصال والتواصل معهم.


     

    المصدر:

    http://www.yenisafak.com/yazarlar/mehmetacet/astana-surecinin-yazilmamis-bir-hikyesi-2041522