ما أن بدأت الحكومة العراقية بخصخصة القطاع الكهربائي حتى أصبح هذا الموضوع أمراً مثيراً للجدل بين الكتل السياسية، ولاسيما بعد أن تم رفضه من قبل خمس محافظات جنوبية هي: ذي قار، والمثنى، وواسط، والديوانية، والنجف؛ وتعود أسباب الخصخصة إلى فشل مؤسسات الدولة «التي أثبتت أنها مبذرة وغير فعّالة، وتقدم خدمات ذات جودة منخفضة بتكلفة مرتفعة». إن إصلاح قطاع الكهرباء هو أمر ضروري لتلبية الاحتياجات المحلية، وجذب الاستثمار على حدٍ سواء، لكن عدم توفر البنى التحتية اللازمة يعدُّ عائقاً أمام الاستثمار، فضلاً عن أن العجز في توفير الكهرباء يكلف الاقتصاد العراقي من 3 إلى 4 مليارات دولار سنوياً.
تم تنفيذ عملية خصخصة القطاع الكهربائي في عدة بلدان تواجه صعوبات مماثلة كتلك التي يواجهها العراق، فعلى سبيل المثال عانى قطاع الكهرباء في بلدان أمريكا اللاتينية من التدخلات السياسية، والمرافق المملوكة للدولة المكتظة بالموظفين، وانخفاض مستويات الإنتاجية، والأسعار المدعومة بنحوٍ كبير، إذ أدّت جميع تلك التحديات إلى عرقلة الجهود المبذولة لتحسين الكهرباء، فضلاً عن الحد من إمكانية تمويلها؛ “كونها أصبحت عبئاً مالياً ثقيلاً على الدولة”؛ ولذلك لجأت هذه البلدان إلى برامج الخصخصة خلال الثمانينيات؛ فجميع تلك التجارب من الممكن أن تساعد العراق في تعزيز تجربته الناشئة في الخصخصة، وقد وضع العراق بالتشاور مع البنك الدولي استراتيجيات متعددة المراحل لإصلاح القطاع الكهربائي على نحوٍ تعالج فيه جميع التحديات المحلية.
سيقوم هذا البحث بمناقشة الجهود المبذولة في خصخصة الكهرباء في العراق، والأسباب التي دفعت السياسيين المحليين لرفضها، وسيستعرض القسم الأول جهود الخصخصة الحالية، أمّا القسم الثاني فسوف يشرح أسباب الرفض، وفي القسم الثالث سيتم تقييم جهود الخصخصة الحالية، وأخيراً سيختتم البحث بالقسم الرابع الذي سيقدم توصيات لتعزيز خصخصة القطاع الكهربائي في العراق.