زهير جمعة المالكي
مع بداية عام 2017 بدأت تداعيات التحديات التي سيفرضها العام الحالي على الوضع العالمي بصورة عامة، ومن ضمنها الوضع في العراق، كونه مركزاً من مراكز تقاطع الصراعات والمحاور الدولية التي ستشكل مستقبل المنطقة والعالم. واليوم يقف العراق أمام تحديات ثقيلة تحتاج في أغلبها إلى تضافر الجهود من الجميع، وتحتاج إلى حلول خلاقة وإبداعية لتجاوزها.
هناك اليوم حديث عميق عن أربعة تحديات رئيسة تواجه كيان الدولة العراقية ومستقبل البلد ككل ولا يمكن التعامل مع تلك التحديات إلا بالمواجهة المباشرة، وتتمثل تلك التحديات في تحدي الأمن القومي، وتحدي السياسة الخارجية، وتحدي الوحدة الوطنية، وتحدي الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة؛ بطبيعة الحال أننا لم نتناول تحدي الفساد كونه موضوعاً يستدعي تخصيصَ مقالات خاصة، ولكن في هذا المقال نتحدث عن التحديات المباشرة التي جلبها العام 2017.
يتمثل تحدي الأمن القومي في ملفات يأتي في مقدمتها القضاء على الجماعات الإرهابية، ولاسيما داعش التي ما زالت تحتل جزءاً كبيراً من الموصل، وما زالت تلقي بظلها البغيض على مساحات من محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك، والملف الثاني يرتكز إلى معالجة انعدام الأمن في المحافظات التي لم تتمكن الجماعات الإرهابية من مد أصابعها داخلها، ولكنها تشهد من الناحية الأخرى انفلاتاً أمنياً بسبب غياب أو ضعف قبضة أجهزة الدولة الأمنية.
فيما يخصُّ ملف الجماعات الإرهابية فإنها على الرغم من الضربات التي تلقتها من الناحية العسكرية وخسرانها 75% من مجموع الأراضي التي سيطرت عليها في عام 2014 فإنها ما زالت قادرة على التحرك في منطقة شهدت لمدة طويلة غياباً فعلياً لأجهزة الدولة، فضلاً عن انتشار ظاهرة الفساد بين أوساط الأجهزة الأمنية التي كانت هناك قبل العام 2014؛ وللتعامل مع هذا الملف يجب أن ندرك أن تلك الجماعات لها ارتباطات دولية شجعت على ظهورها وتسليحها وتمويلها، فضلاً عن وجود عوامل داخلية ساعدت على نموها؛ لذلك فإن التعامل معها يستدعي التعامل مع تلك الارتباطات الخارجية من خلال فرض شرعية الدولة العراقية، وحكومتها المنتخبة وقطع الطريق على أي محاولة من أي دولة في العالم التعامل مع جهة عراقية ما غير الحكومة المنتخبة إلا بالتنسيق مع الحكومة الشرعية. ومن ناحية الحاضنة الداخلية للجماعات الإرهابية فيجب عن المعنين إدراك أن الهزيمة العسكرية للجماعات الإرهابية واستعادة السيطرة على الأرض لا تعني اختفاء الفكر الإرهابي، فالفكر لا يموت بموت حامله، ولكن يتم القضاء عليه بإثبات فساده وهذا واجب الحكومة التي يجب أن تعالج الوضع الإنساني في المناطق التي كانت تحت سيطرة المجموعات الإرهابية من خلال بث ثقافة الثقة بين مكونات الشعب، فضلاً عن معالجة مشكلة الأطفال الذين ولدوا من زيجات سكان تلك المناطق وأفراد من داعش، فهؤلاء الأطفال يعدون مواطنين عراقيين على وفق أحكام الدستور العراقي لعام 2005.
إن التحدي الآخر هو مشكلة الانفلات الأمني نتيجة لوجود ما يمكن تسميته بـ(البنادق المنفلته)، الذي يتمثل في وجود أسلحة بيد العشائر أو الأفراد، والتنظيمات التي لا تخضع لسيطرة الدولة وهذا يستدعي اتخاذ إجراءات رادعة وضابطة لتنظيم حمل السلاح.
أما ما يخصُّ تحدي السياسة الخارجية فهذا يتمثل في قدرة الدولة على تحقيق أهدافها التي تعتمد على مقدار ما تمتلكه من القوة التي تستطيع بها مواجهة تحديات المحيط الداخلي والخارجي، والاستفادة من الفرص المتاحة التي يوفرها النظامان الإقليمي والدولي، واحتواء أو تحييد القيود التي تنتج عن التفاعلات الدولية والإقليمية، وبالنظر إلى البيئة الداخلية والخارجية التي تعمل في إطارها السياسة الخارجية العراقية والتي تواجه بمزيد من التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحد من فاعليتها وكفاءتها في تحقيق أهداف الدولة، فمن المعروف أن قدرة الحكومة على تنفيذ سياسة خارجية ناجحة تعتمد على قوة قاعدة التأييد السياسي التي تنطلق منها.
في العراق فإن عام 2017 يحمل في جعبته على الصعيد الخارجي ملفات ساخنة أولها وأهمها هي معركة تثبيت الشرعية الحكومية، فمنذ عام 2003 تحاول العديد من القوى العالمية التشكيك في شرعية الحكومات العراقية المتعاقبة بالإيحاء بأنها حكومات طيف معين من أطياف الحكومة العراقية ويشجعها في ذلك أصوات تنطلق -مع الأسف- من داخل العملية السياسية، فضلاً عن قوى مدعومة من دول عربية وإقليمية ليس من مصلحتها استقرار الوضع العراقي، وتعمل على توظيف الموقف في العراق في صراعاتها الإقليمية، وأبرز مثال على ذلك المؤتمرات التي تعقد في عدة دول لمناقشة الأوضاع الداخلية العراقية ويحضرها قوى مشاركة في العملية السياسية، ولها ممثلون في مجلس النواب أو مجلس الوزراء، متناسين قسمهم في احترام الدستور الذي يؤكد على سيادة العراق وأن ملف الخارجية هو من الملفات التي تختص بها الحكومة المركزية. أما الملف الثاني في التحديات الخارجية فهو ملف ترتيب الأولويات بالنسبة للسياسة العراقية للتحول من سياسيات رد الفعل إلى إداء دور فاعل وريادي.
لمعالجة هذين الملفين فيجب أن تركز السياسة الخارجية العراقية على استيعاب طبيعة الآثار السلبية التي من الممكن أن تلحق بالدولة في مراحل الصدام الاستراتيجي بين قوى كبرى ضمن الحيّز الجغرافي الذي تنتمي إليه، ومن هنا فعلى السياسة الخارجية العراقية إخضاع سياساتها وعلاقاتها مع القوى الدولية والإقليمية إلى نوع من التوازن القائم على المصالح القومية للاستفادة من الدعم الدولي لمحاربة الإرهاب، وهو الدور الذي يكون فيه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية مركزاً فعالاً مع إقامة علاقة استراتجية مع روسيا في جانبها العسكري والاقتصادي، مع الأخذ بنظر الحسبان أن طبيعة التحالفات والاتفاقيات قد تتغير في حالة طرأ تغيُّر على الساحة السورية، وأن المحافظة على التوازن بين القوى الدولية سوف تعزز من اعتراف الدول بشرعية الدولة العراقية والمحافظة على التوازن، ويجب إدراك التغيرات الآتية في العالم:
- إن هناك تغيُّراً واضحاً في السياسات الأمريكية مع وصول ترامب إلى البيت الابيض فبدلاً من بناء السياسات المخصصة لتعزيز الاستقرار، فإن اتجاه الولايات المتحدةة الجديد هو استخدام التفوق الأمريكي لتعزيز مصالحها.
- هناك اتجاه في السياسة الروسية إلى استعادة الدور السوفيتي السابق في منطقة الشرق الأوسط مع استغلال العامل الجيوسياسي؛ من أجل تأدية دور رجل الشرق القوي، وبالفعل تمكنت روسيا من فرض نفسها عنصراً فاعلاً في تحديد مصير منطقة الشرق الأوسط عن طريق بناء سلسلة من التحالفات التي تساعد في تثبيت الواقع السياسي في المنطقة.
- في عام 2017، تعقد دول أوروبية عديدة انتخابات عامة، ولا ينبغي لنا كما يؤكد سولانا الممثل السامي للاتحاد الأوروبي إغفال خطر الظهور القوي للحركات الانعزالية والشعبوية المناهضة لأوروبا، فخسارة الاتحاد الأوروبي دولة بأهمية المملكة المتحدة عسكرياً واقتصادياً أمر مؤسف بالقدر الكافي، أما خسارة دولة مؤسِّسة للاتحاد الأوروبي مثل فرنسا فهو أمر مأساوي، وبالنسبة لألمانيا فالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أظهرت -حينما كانت قوية- أنّه لا يمكن الاستغناء عنها لإدارة أزمات أوروبا، إلا أنها بدأت تتعرض للانتقادات على سياساتها تجاه اللاجئين والمهجرين، وقد واجهت انتقادات من أحزاب اليمين في ألمانيا ومن زعماء بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فكل ذلك لم تجعلها تتراجع، وعلى الرغم من أنها بدأت تستعيد نسبة من المناصرين الذين كانوا ابتعدوا عنها فإنها بعد الانتخابات القادمة حتى لو فازت ميركل في ولاية جديدة هذا العام، فإنها ستخرج مستشارة ضعيفة، وسيترك هذا أوروبا دون قيادة قوية في الوقت الذي تحتاج فيه لتلك القيادة.
- في الجانب التركي فإن الرئيس رجب طيب أردوغان يواجه الآثار الارتدادية لسياساته التي انتهجها طيلة ست سنوات في التساهل مع القوى التكفيرية واستغلالها في توسيع الدور التركي الإقليمي التي تمثلت في الأعمال الإرهابية التي ضربت المدن التركية؛ لذلك يعمد أردوغان إلى الاستمرار في استخدام قانون الطوارئ لتعزيز سلطاته في القضاء والإعلام وقطاع الأعمال، ومن المتوقع أن يستخدم الاستفتاء لتعديل الدستور هذا العام ليوسع سلطاته الرئاسية.
- في إيران يستمر الصراع بين المتشددين والإصلاحيين في فرض آثاره على الملف العراقي فعلى الرغم من أن وزارة الخارجية الإيرانية يقودها الإصلاحي (محمد جواد ظريف) كوزير للخارجية وهو شخص له احترامه في العالم، إلا أن الوزارات السياسية والثقافية والمخابراتية ما زالت تحت قيادة المحافظين، وهم ما زالوا يوجهون سهام النقد لتوجهات الرئيس الإصلاحي روحاني في ربط السياسة الخارجية بالأزمة الاقتصادية.
- فيما يخصُّ دول الخليج -وعلى راسها المملكة العربية السعودية- فإن سياساتها قد تأثرت بنحوٍ واضح فيما يتعلق بتحديد العدو المفترض مواجهته، وهنا فهي قد اعتبرت أن الجمهورية الإسلامية في إيران تمثل العدو الأول لها، وهو ما يوضح التحول الذي شهدته أجندة السياسة الخارجية لعدد من الدول العربية، ويؤكد ذلك أيضاً توجيه دول الخليج لقواتها العسكرية تجاه القوى المتحالفة مع الجمهورية الإسلامية، وعلى مستوى السياسات الخارجية فقد شهدت نهايات العام الماضي ضربات للتدخل غير المباشر لدول الخليج في الملف السوري بعد خسارة حلفائها لشرق مدينة حلب، فضلاً عن الصعوبات التي يواجهه التحالف العربي الذي تقوده السعودية في تدخله المباشر في اليمن، وكانت نتيجة ذلك الفشل إن جاءت محاولات تقليص النفوذ الإيراني بنتائج عكسية لدرجة أن دول الخليج التي كانت ترفض دائماً تقليص إنتاجها النفطي مقابل زيادة الإنتاج الإيراني وجدت نفسها مضطرة للموافقة على ذلك خلال آخر اجتماع لمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، وذلك الفشل أدى إلى تحول السياسات الخليجية التي كانت دائماً تفضل التدخل غير المباشر إلى سياسات تميل إلى الحلول العسكرية المباشرة غير مضمون العواقب دائماً.
- يأتي عام 2017 بتعميق تهميش دول العالم الثالث من القضايا المثارة في ظل التحولات العالمية الراهنة، وتظهر عملية التهميش هذه في مؤشرات معينة، فالدور الذي يساهم به العالم الثالث في التجارة الدولية ينكمش بشدة، إذا استبعدنا الدور المتنامي لعدد محدود من الدول الصناعية الجديدة، ويبدو الانكماش أشد في الدول التي تهددها المجاعة والمديونية مع الفقر ومشكلة التصحر والجفاف وتدني مستويات المعيشة مع الانفجار السكاني ومشكلات اللجوء السياسي والاقتصادي والحروب الأهلية والدولية والفجوة التكنولوجية؛ مما يظهر العالم وكأنه ينقسم على عالمين أحدهما يعاني من الظروف السابقة والآخر بعيد عن هذه المشكلات، ويرتبط بعملية التهميش هذه فشل العالم الثالث في إقامة منظمات ذات ثقل؛ وهنا يشـار إلى التدهور الحادث في حركة عدم الانحياز ومجموعة الـ77، فالأولى تواجه أزمة دور وأزمة قيادة، والثانية تلاشت عملياً؛ بسبب فشلها في الدفع نحو بناء اقتصادي عالمي جديد نتيجة لرفض الدول الكبرى المتقدمة للمطالب الأساسية لهذه الحركة(15)، ويتمثل الوضع بالنسبة للدول العربية في عدة أبعاد، من الناحية السياسية تراجعت الأهمية الاستراتيجية للدول العربية وعلى الرغم من استمرار احتفاظ الدول العربية بجزء من هذه الأهمية إلا أن ذلك لا ينفي تراجع تلك الأهمية بنحوٍ واضح عن فترة الحرب الباردة والصراع بين الشرق والغرب.
- أظهرت الاتجاهات العامة في العالم أن القيادات السياسية في العالم أصبحت تتأثر بصورة متزايدة بما يقدم لها من دراسات وأبحاث سياسية وفكرية، ومن المفيد دراسة العلاقة بين القيادات السياسية وبين الجهات التي تتولى تقديم النصح لها لمعرفة كيف يصنع القرار السياسي في دولة ما، وقد انتشرت مراكز الأبحاث الفكرية والسياسية في الولايات المتحدة بشكل كبير منذ بداية السبعينيات من القرن الميلادي الحالي، وظهر تأثير هذه المراكز في صناعة القرار الخاص بالسياسة الخارجية الأمريكية بنحوٍ واضح وملموس في السنوات الأخيرة.
- إن الدور الخارجي النشيط يجلب معه بالضرورة مواجهات ومعارك، وهي معارك تستلزم حداً أدنى من التوافق الداخلي، وقدراً معقولاً من تأييد القيادة، ونصيباً أصيلاً من الشرعية السياسية والمشروعية القانونية.
بالنسبة لملف التحدي الداخلي فإن العراق يستقبل عام 2017 في ظل خلافات داخلية تهدد أساس بقاء العراق كدولة موحدة تكون مظاهرها واضحة تتمثل في الخلافات حول تفسير نصوص الدستور وتوزيع الصلاحيات بين المركز والأطراف، والمشكلات الإجرائية بين مجالس المحافظات والسلطة المركزية، إلا أن تلك الخلافات في حقيقتها تمتد لأعمق من ذلك، فهناك خلافات بين المركز وإقليم كردستان تتعلق بمسائل توزيع الثروة النفطية وتبعية المناطق المتنازع عليها والرواتب، وهناك مشكلة مع المناطق الغربية فيما يتعلق بصلاحيات مجالس المحافظات والدعوات التي تدعو إلى إقامة إقليم على أساس مناطقي، ولكن السؤال الأعمق هو هل أن حل تلك المشكلات سوف يكون الأساس لحل تحديات الوحدة الوطنية؟
إن الإجابة بكل وضوح هو كلا؛ فالمشكلات تستدعي مواجهة مباشرة لأساسيات المشكلة وهو الجواب على سؤال يجب أن يتم توجيهه للقوى والأطياف العراقية كافة، هل ترغبون في البقاء ضمن العراق الموحد؟ وما هي التضحيات الذي أنتم مستعدون لتقديمها من أجل المحافظة على وحدة العراق؟
الإجابة الصريحة على هذين السؤالين هو الذي سيحدد مستقبل العراق.
إذ إن ما يخصُّ التحدي الاقتصادي فإن مراكز الأبحاث العالمية لا تتوقع تقدماً في النمو الاقتصادي في عام 2017، فإذا كانت المؤشرات إيجابية بالنسبة لبعض الدول مثل الهند والمكسيك، فإن تلك المؤشرات تفيد إلى أن التحسن الاقتصادي في تلك البلدان بلغ أقصاه ولا يتوقع أن يتطور خلال عام 2017 ولا يتوقع أن يتم تحقيق الإصلاح في فرنسا وألمانيا إلا بعد الانتخابات، وتواجه الصين مرحلة انتقال في السلطة بحلول الخريف، وتنشغل بريطانيا تيريزا ماي وتركيا أردوغان وجنوب أفريقيا جاكوب زوما بمشكلات محلية تستنفد أوقاتهم كلها، وهناك عدد من الدول قريبة من الإفلاس، مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وفي البرازيل والسعودية ونيجيريا تم تبني خطط طموحة، لكنها لم تحقق الثمرة المطلوبة بعد.
أكد ماتيو غودمان، المستشار الأول للاقتصاد الآسيوي بالمركز أن الاقتصاد العالمي بعد أزمة عام 2008 لم يتعاف بعد، ولم يصل إلى حلول جديرة بإنقاذ النظام الاقتصادي من جديد، ويستشهد غودمان بثبات مستوى النمو عند 3% سنوياً كمتوسط منذ الأزمة إلى غاية 201، ويرجع غودمان هذه الأسباب إلى حالة عدم الاستقرار السياسي، والنقلة التكنولوجية السريعة، وتوقع سكوت ميلر المستشار وخبير إدارة الأعمال الدولية أن نمو الاقتصاد العالمي سيستمر بين 3 إلى 3.5% سنوياً، ويستشرف ميلر نمو الاقتصاد الأمريكي بـزيادة 2% عن النمو الحالي بين 2017 و2018.
إن موازنة العام 2017 في العراق اعتمدت سعر 42 دولاراً للبرميل؛ لتغطية نفقات الموازنة العامة، إلا أن حلم سد العجز سيواجه بالعديد من المصاعب التي أفرزتها الأحداث العالمية، كالشكوك التي يطرحها الخبراء في إمكانية وصول النفط لهذا السعر، فمع حركة مد أنابيب الغاز من الشرق إلى الغرب متوجهه إلى أوروبا يصبح عرش النفط الخام مهدداً، فضلاً عن الوضع الداخلي المعقد في العراق الذي يتمثل بالخلافات النفطية مع حكومة إقليم كردستان، ومطالبة المحافظات والأقاليم المنتجة بالحصول على “دفعات البترودولار” التي تقدرها المحافظات بخمسة دولارات للبرميل، وإمكانية الحكومة المركزية بسداد الالتزامات المالية لشركات النفط المقدرة بمليارات الدولارات، وما مدى الالتزام بخفض الإنتاج، ومن ثم الصادرات على وفق اتفاق “أوبك” من الصعب تصوّر إيجاد حلول لجميع هذه المشكلات؛ وبالتالي سيحتاج العراق سعراً أعلى مما هو مقدر له في موازنة 2017.
إذن يأتي عام 2017 وهو محمل بتحدياته التي تضاف إلى المشكلات التي يواجهها العراق منذ عام 2003 من إعادة البناء، وإعادة إعمار المدن التي دمرتها الحرب؛ وهذه التحديات تستلزم مواجهه حاسمة ومحترفة قائمة على التحليل العلمي الدقيق والمختص للمشكلات، وإيجاد الحلول الناجعة لمعالجتها.