مايك بيرد وجريجور ستيوارت: مراسلان في صحيفة وول ستريت جورنال.
مع ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي إلى مستويات قياسية لعدة سنوات، فإن الريال السعودي ودولار هونغ كونغ وغيرهما من العملات تقع تحت ضغوط كبيرة، إذ ارتفعت قيمة الدولار إلى أعلى مستوى له منذ 13 عاماً أمام مجموعة من العملات الأخرى في أواخر تشرين الثاني وسط توقعات بارتفاع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية. وراقب العالم برمته اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي عقد يوم الثلاثاء -وسيستمر لمدة يومين- وسط توقعات بأن أسعار الدولار الأمريكي ستستمر بالارتفاع.
تسبب ارتفاع قيمة العملة الأمريكية إلى انهاء ربط العملات الكازاخستانية والأذربيجانية والنيجيرية بالدولار الأمريكي، وتراجعت قيمة عملاتهم بنحوٍ كبير؛ الأمر الذي أدّى إلى انهيار اقتصاداتهم مع ارتفاع معدلات التضخم وهروب رأس المال. ويراهن بعض المحللين بأن ارتفاع معدلات الفائدة السريع سيؤثر على العديد من العملات مثل دولار هونغ كونغ والريال السعودي.
إن ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي في الأسواق الدولية أدّى إلى الضغط على العملات المرتبطة به، ودفعت المستثمرين إلى سحب المال من صناديق الأسواق الناشئة، إذ تم سحب نحو 24.4 مليار دولار من الأسواق الناشئة في تشرين الثاني.
قال إريك لونيرغان -مدير صندوق في شركةM & G للاستثمار- : “إن أحد الأسئلة التي تطرح على الصعيد العالمي هو ما إذا كان باستطاعة دول العالم تقبُّل ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية وارتفاع الدولار، وهل سيتسبب هذا الارتفاع بضغوطات مالية في دول أخرى؟”.
تربط أغلب الدول أسعار صرف عملاتها مع عملات أجنبية أخرى للحفاظ على سعر صرف مستقر وموثوق به، وحينما تتراجع قيمة عملتها مقابل العملة التي ارتبطت بها يقوم المسؤولون بشرائها لدعم سعر الصرف، وحينما ترتفع قيمة عملتهم يقومون ببيعها.
في السنوات الأخيرة قام بعض المستثمرين بربط عملاتهم بالدولار الأمريكي عن طريق شراء العقود الآجلة التي تسمح لهم بشراء عملة في وقت لاحق، فمثلاً وصلت الأسعار الآجلة لدولار هونغ كونغ لهذا الأسبوع إلى أعلى مستوى له منذ بداية هذا العام، وتسبب ارتفاع الدولار بوجود مخاوف حول الاستهلاك المستدام لعملة الرنمينبي الصينية؛ الأمر الذي تسبب باضطراب السوق في جميع أنحاء المنطقة، وفي ذلك الوقت أبدى بعض المستثمرين قلقهم حول انتهاء ارتباط دولار هونغ كونغ مع الدولار الأمريكي.
يلجأ بعض المستثمرين إلى التقليل من قيمة دولار هونج كونج؛ كوسيلة لكبح الارتفاع المطرد في الدولار الأمريكي، إذ إن تجدد ارتفاع قيمة الدولار تثير العديد من التوقعات حول قيام الحكومة الصينية بتقليل قيمة عملتها مقابل الدولار الأمريكي مرة أخرى من طريق الحد من القدرة الشرائية للمتسوقين والمستثمرين في الصين، وذلك من شأنه أن يؤثر على هونغ كونغ في الحفاظ على ارتباط عملتها مع الدولار الأمريكي؛ وفي هذا قال لونيرغان “إن تقليل قمية دولار هونج كونج يبدو بالنسبة لي وسيلة جيدة للحد من هذا الخطر”. إلّا أن العديد من المستثمرين يعتقدون أن ذلك لن يؤثر على قوة ارتباط العملتين.
قال توماس كوان -كبير مسؤولي شركة هارفست غلوبال الاستثمارية ومقرها هونغ كونغ-: “ارتبط دولار هونغ كونغ مع الدولار الأمريكي لأكثر من 30 عاماً”، وأشار إلى فترات مثل عام 1997، حينما تصدى ارتباط العملتين أمام المضاربين بالعملة بما فيهم جورج سوروس -مؤسس صندوق كوانتم-.
انخفضت الاحتياطيات المشتركة للعملات الأجنبية الخاصة بمجلس التعاون لدول الخليج العربية -السعودية والإمارات والبحرين والكويت وقطر وسلطنة عمان- بمقدار 200 مليار دولار، أي بنسبة 20%، وذلك على وفق بيانات (FactSet)، ويعتقد بعض المحللين بأن ارتباط العملات الخليجية مع الدولار الأمريكي سينتهي، إذ لا تزال كمية الأموال في الاحتياطات كبيرة؛ وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط بنسبة 22٪ منذ 11 تشرين الثاني حينما قام أكبر منتج للنفط بالموافقة على خفض الإنتاج. قال جلين ويبنر -المدير التنفيذي في بنك أبو ظبي الوطني-: “هناك ضغوط كبيرة على الريال السعودي وقد تراجع الدرهم الإماراتي بنحوٍ كبير”.
من الجدير بالذكر، ليس جميع المحللين مقتنعين بأن مكاسب النفط الحالية ستستمر؛ ويعود ذلك إلى القلق حو التزام أعضاء منظمة أوبك باتفاقية خفض الإنتاج، وأن ارتفاع الأسعار ستشجع الدول على رفع معدلات الإنتاج.
إن انتهاء ربط العملات قد يكون مؤلماً في بعض الأحيان، فقد تسبب تراجع أسعار النفط بالضغط على ارتباط العملة النيجيرية بالدولار الأمريكي مما أدى إلى انهاء الترابط بين العملتين في حزيران الماضي، فقد انخفضت قيمة النايرا النيجيري لأكثر من الثلث منذ ذلك الحين، وارتفعت الأسعار في نيجيريا بنسبة 18.3٪، وهو أسرع ارتفاع يحدث في نيجيريا منذ 10 سنوات، بينما ازداد التضخم في كازاخستان بنسبة 16.4٪، التي أنهت ارتباط عملتها مع الدولار الأمريكي في شهر أغسطس الماضي.
ارتفعت نسبة التوقعات بأن معدلات الفائدة الأمريكية المستقبلية ستزداد بنحوٍ مطرد -على وفق دراسة خاصة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي حول العقود الآجلة-، فقد يتوقع الاقتصاديون ارتفاع نسبة النمو والتضخم، فضلاً عن توقعاتهم بأن أسعار الفائدة الأمريكية ستزداد بنسبة 2% بحلول نهاية عام 2018 وذلك على وفق مسح أجرته صحيفة وول ستريت جورنال هذا الشهر مقارنة مع توقعاتهم في شهر تشرين الأول التي كانت 1.75%.
ملاحظة :
هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .
المصدر: