رالف أتكينز وآرثر بيسلي: صحفيان في الفايننشيال تايمز.
عبرت الأحزاب السياسية الرئيسة في أوروبا عن ارتياحها بعد أن صوتت النمسا ضد مرشح رئاسي قومي يميني متطرف في الانتخابات التي ينظر إليها على أنها الاختباران الأوليان للشعوبية في القارة يوم الأحد الماضي، وقد فاز السياسي المستقل ألكسندر فان دير بيلين في الانتخابات بعد حصوله على 53.3 بالمئة من الأصوات، بينما حصل منافسه اليميني المتطرف نوربرت هوفر من حزب الحرية على 46.7 بالمئة، على وفق توقعات مبنية على فرز شبه كامل.
وهنأ رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز يوم الأحد فان دير بيلين، قائلاً إنه فاز في الانتخابات الرئاسية مع رسالة واضحة مؤيدة لأوروبا، وأضاف في تغريده له على حسابه في تويتر: “أن نصر فان دير بيلين يعد هزيمة ثقيلة للقومية، ومعاداة للفكر الأوروبي القديم الذي يبحث عن الشعبوية”.
وقد أشاد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير بهزيمة مرشح اليمين المتطرف، قائلاً: إنها “علامة جيدة ضد الشعبوية في أوروبا”، في حين رحب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك “بمساهمة النمسا في استمرارية سعيها لإيجاد حلول أوروبية مشتركة”. ومع ذلك، قللت نتائج الاستفتاء في إيطاليا حول مشروع رئيس الوزراء ماتيو رينزي لإصلاح الدستور من فرحة الأحزاب الأوروبي الرئيسة، وهذا أجبر رينزي على تقديم استقالته.
تشير نتائج الانتخابات النمساوية -التي أسفرت عن فوز السيد فان دير بيلين بفارق أوسع من الفارق الذي فاز فيه في الانتخابات التمهيدية في شهر آيار- إلى أن دعم الاضطرابات السياسية قد وصلت إلى أعلى حد لها أعقاب انتخاب دونالد ترامب كرئيس في الولايات المتحدة والتصويت في المملكة المتحدة على مغادرة الاتحاد الأوروبي.
قال المحلل السياسي في فيينا توماس هوفر: “إن الحديث عن عدم القدرة على وقف تقدم أصحاب هذا الفكر الشعبوي قد انتهى، وهذا أزال بعض الضغوط حول مستقبل أوروبا”. وعزا فان دير بيلين فوزه “إلى لحركة الواسعة” للعديد من النمساويين المستقلين الذين تحشدوا وراء حملته “تأييداً لنمسا أوروبية”. وصرح مسؤول أوروبي رفيع المستوى في بروكسل بأنه استقبل النتيجة مع “الشعور بالارتياح”، إذ بعد صدمة بريكست وانتصار دونلاد ترامب، كان هناك قلق في عاصمة الاتحاد الأوروبي من أن نصر هوفر سيؤدي إلى إضعاف مرشحي اليمين المتطرف في هولندا وفرنسا وألمانيا في انتخابات العام المقبل.
وصرح العضو المنتدب في مجموعة يوراسيا مجتبى رحمن بأن نتائج الانتخابات النمساوية هذه ستشجع قادة التيار الأوروبي المعتدل قبل الانتخابات الفرنسية والألمانية والهولندية؛ “وهذا سيبطئ زخم الشعبوية في أوروبا ويعطي الأمل لأحزاب الوسط، وهذا يوحي بأن هناك فرصة للرد”.
ومع ذلك فإن الأداء القوي لحزب الحرية -الذي أسسه النازيون السابقون في الخمسينيات- لا يزال من المرجح أن ينظر إليه كدفعة لزعيم الجبهة الوطنية الفرنسية مارين لوبان قبل الانتخابات الرئاسية لبلاده العام المقبل.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب الحرية سيصبح أكبر حزب سياسي في النمسا بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في أيلول عام 2018 التي من المرجح أن يتم تقديمها، ويمكن أن تؤدي هذه الانتخابات إلى تنصيب زعيم الحزب هاينز كريستيان شتراخه كمستشار قادم للبلاد، إذ ترى خبيرة السياسة الأوروبية في معهد السياسة الأوروبية هيذر جرابي أن “هذه قد تكون مجرد راحة مؤقتة للقادة الأوروبيين؛ لأن النتائج تعزز فرص الحزب الحرية في الإنتخابات البرلمانية”.
منذ عام 1945 كان الرئيس النمساوي إما مرشحاً للحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يمثل يسار الوسط وإما من يمين الوسط، ويشكل الاثنان “ائتلافاً كبيراً” لقيادة الحكومة، لكن الدعم لحزب الحرية ارتفع مع تدهور أداء اقتصاد البلاد بالمقارنة مع منافسيهم الأوروبيين، ووسط قلق الناخبين بشأن التدفق غير المنضبط للاجئين الفارين من الحروب في بلدان مثل سوريا.
ومع ذلك استفاد فان دير بيلين من مخاوف الناخبين بشأن تهديدات حزب الحرية بالدعوة إلى استفتاء على عضوية النمسا في الاتحاد الأوروبي، ولكونها دولة مصدرة صغيرة فإن النمسا تعتمد بنحوٍ كبيرٍ على الروابط التجارية ولاسيما مع ألمانيا، وقد اشتكى شتراخه من مواجهة حزب الحرية “حملة واسعة النطاق من خلال صنع القلق”.
لقد قال فان دير بيلين إنه سيقاوم تعيين مرشح حزب الحرية لمنصب المستشارية في النمسا، إلّا أن الخبراء الدستوريين شككوا في مقدرته على معارضة ائتلاف حكومي منتخب شعبياً، فضلاً عمّا أدّته حملة هوفر على المخاوف الشعبية حول التأثير الإسلامي على الثقافة النمساوية.
في آيار الماضي فاز فان دير بيلين بـ 31000 من أصوات الناخبين، وتم الإعلان عن عدم شرعية هذه النتائج من قبل المحكمة الدستورية في البلاد بعد حدوث مخالفات في فرز الأصوات البريدية، وتأخرت الإنتخابات المقرر إجراؤها أصلاً في شهر تشرين الأول الماضي بعد العثور على مشكلات في الغراء الذي يستخدم لإغلاق التصويت عن طريق البريد.
ملاحظة :
هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .
المصدر:
https://www.ft.com/content/99d13024-ba3e-11e6-8b45-b8b81dd5d080