ديفيد فرانسس، صحفي وكاتب في الفورين بولسي
اقترح التقرير ذو 28 صفحة المقدم للكونغرس عام 2002 حول أحداث 11 أيلول الإرهابية التي جرى فيها تفجير برجي التجارة العالمي في الولايات المتحدة، وجود صلات محتملة بين بعض من خاطفي الطائرة وأناس لهم علاقات مع الحكومة السعودية، ولكن التقرير لم يتضمن أدلة مستقلة تشير إلى وجود علاقة مباشرة.
إن نشر هذه الصفحات التي كانت سرية لأكثر من عقد من الزمان – بسبب الخوف من أن نشرها قد يوتر العلاقات بين واشنطن والرياض – يضع نهاية لمعركة استمرت لسنوات بين العديد من المشرعين وأسر ضحايا 11 أيلول؛ لرفع السرية عن هذه الصفحات، ومنذ تلك الأحداث التي نفذها 19 خاطفاً (15 منهم كانوا سعوديين) أثيرت مزاعم بشأن احتمال معرفة الجهات السعودية الرسمية أو دعمها للهجوم. وتشير الوثائق -المحجوبة معلوماتها بشكل طفيف- إلى اسم شخصين كانا على علاقة مع الخاطفين في سان دييغو قبل أن ينفذوا إحدى الهجمات، ويورد التقرير تفاصيل الأفراد، ولاسيما عمر البيومي وأسامة باسنان اللذين ساعدا الخاطفين على الحصول على حسابات مصرفية، والعثور على أماكن للسكن، فضلاً عن مساعدتهم في الحصول على دروس في الطيران.
إن معظم المواد المدرجة في التقرير السري تعدُّ مجرد حشد من معلومات غير مدققة استخباراتياً، ولكن التحقيقات اللاحقة من قبل وكالة المخابرات المركزية (CIA)، ومكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI) فضحت إلى – حد كبير- الكثير من الادعاءات أو المزاعم الواردة في تقرير عام 2002 السري، والواقع أن تقرير لجنة 11 أيلول لعام 2004 ونتائج دراسة (FBI-CIA) المشتركة لعام 2005، التي صدرت الجمعة ايضا، يرفضان على حد سواء فكرة أي تواطؤ رسمي سعودي في هجمات 11 أيلول. وقال النائب من كاليفورنيا آدم شيف – وهو عضو بارز في لجنة اختيار المعلومات الاستخبارية بمجلس النواب، التي نشرت التقرير على موقعها على الانترنت يوم الجمعة – إن “تحقيقات لجنة الاستخبارات ولجنة 11 أيلول التي تلت لجنة التحقيق المشتركة التي أنتجت ما يسمى بـ (28) صفحة، فحصت هذه الأسئلة التي طرحت ولم تكن قادرة على العثور على أدلة كافية لدعم ادعاءاتها”.
أما الحكومة السعودية فقد أشارت من جانبها في بيان لها إلى أن الوثائق لا تظهر أي علاقة بين الحكومة ونشطاء القاعدة الذين نفذوا الهجوم. إذ صرح السفير السعودي لدى الولايات المتحدة آنذاك عبد الله آل سعود في بيان نيابة عن الحكومة السعودية بعد الإفراج عن الوثائق، بقوله “منذ عام 2002، وبعد قيام لجنة 11 أيلول، والعديد من الوكالات الحكومية، بما في ذلك وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، بالتحقيق في محتويات (28 صفحة) تأكد بأنه لا الحكومة السعودية، ولا كبار المسؤولين السعوديين، ولا أي شخص يتصرف نيابة عن الحكومة قد قدم أي دعم أو تشجيع لهذه الهجمات”. وأضاف السفير السعودي: “لقد دعت المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة لنشر هذه الوثائق السرية، ونأمل أن تجيب صفحات هذا التقرير عن أي أسئلة عالقة أو شكوك حول إجراءات المملكة العربية السعودية، ونواياها، وصداقتها طويلة الأمد مع الولايات المتحدة “.
ومع ذلك، يبين التقرير لعام 2002 – الذي ظهر بعد عام واحد فقط على أحد أعنف الهجمات الإرهابية في تأريخ الولايات المتحدة- بأن مكتب التحقيقات الفدرالي امتلك الكثير من الخيوط التي تشير إلى العلاقات الممكنة بين السعوديين المقيمين في الولايات المتحدة وبعض الخاطفين، ولاسيما اللذان سيطرا على الرحلة (77) التي اصطدمت بالبنتاغون؛ إذ يظهر هذا التقرير العلاقات بين المقربين من الخاطفين، والأمير السعودي بندر بن سلطان -السفير السابق لمدة طويلة في الولايات المتحدة- في دفتر الهاتف الذي وجد مع (أبو زبيدة) أحد أعضاء تنظيم القاعدة الذي اعتقل في باكستان عام 2002، والمسجون حالياً في مركز الاعتقال في خليج غوانتانامو، واكتشف المحققون في القضية رقم هاتف غير مدرج من شركة أسبن التي تدير “شؤون منزل السفير السعودي بندر في كولورادو”، وفقاً لما ذُكِر في الوثائق.
ويشير تقرير صدر حديثا أيضاً بأن أسامة باسنان -الجار والممول المالي لاثنين من الخاطفين في سان دييغو- قد تلقى نقوداً من بندر وزوجته، فقد جاء في التقرير: إن أسامة باسنان “تلقى شيكاً مباشراً من حساب الأمير بندر، ووفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي في 14 آيار عام 1998 فقد صرف باسنان شيكاً من بندر بمبلغ 15.000 $، واستلمت زوجة باسنان كذلك شيكا واحدا على الأقل بشكل مباشر من بندر”. ومع ذلك؛ فقد خلص تقرير لجنة 11 أيلول بالقول “لم نعثر على أية أدلة تشير إلى تقديم الأميرة السعودية هيفاء الفيصل الأموال للمؤامرة، سواء بشكل مباشر أم غير مباشر.”
وقال التقرير إن عمر البيومي -أحد متدربي باسنان في سان دييغو- قد تم تعريفه مراراً وتكراراً لمكتب التحقيقات الفدرالي كضابط استخبارات سعودي، وكان على جدول رواتب شركة الطيران المرتبطة بوزارة الدفاع، على الرغم من أنه لم يعمل هناك كما هو ظاهر. وذكر التقرير: “كان البيومي معروفاً بحصوله على مبالغ كبيرة من المملكة العربية السعودية، على الرغم من أنه لا يمتلك وظيفة كما هو ظاهر”. وقال جوش أرنست -السكرتير الصحفي للبيت الأبيض- “إن هذه المعلومات لن تغير تقييم الحكومة الأمريكية بأنه لا يوجد دليل على تمويل الحكومة السعودية أو كبار المسؤولين السعوديين لتنظيم القاعدة، وإن الشيء الأول الذي سيؤخذ من ذلك هو أن هذه الإدارة ما زالت ملتزمة بالشفافية حتى عندما يتعلق الأمر بالمعلومات الحساسة المتعلقة بالأمن القومي”.
ورحب بعض المشرعين بالإفراج المتأخر للتقرير، إذ قال السيناتور رون وايدن: “نرحب بهذا التقرير ونحن بانتظاره منذ زمن طويل”، بينما يراه آخرون بشكل مختلف، إذ قال السناتور السابق من فلوريدا بوب غراهام -الرئيس المشارك بلجنة التحقيق في الكونغرس-: إن الوثائق “تُشير بأصابع اتهام قوية جداً إلى المملكة العربية السعودية باعتبارها الممول الرئيس للعملية”. وقد كانت هذه الوثائق سرية في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش، وقبل عامين – وتحت ضغط من أسر ضحايا 11 أيلول- أمر الرئيس الحالي باراك أوباما برفع السرية عنها.
ملاحظة :
هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .
المصدر: