بذلت الحكومات في جميع أنحاء العالم محاولات عديدة للقضاء على العجز وخفض ديونها. وقد اختلفت النتائج على نطاق واسع، إذ حقق بعضها نجاحا أكبر من البعض الآخر. وبينما يواجه الاقتصاد العالمي مرحلة ركود أخرى، فإن الحكومات تعتمد مرة أخرى على زيادة الإنفاق الممول طرق العجز والديون الكبيرة.ويبدو أنه من المناسب، في هذه البيئة، تفحص الجهود السابقة، وتقييم نتائجها، واستخلاص الدروس لأولئك التي قد تواجه تحديات مماثلة، وينبغي عليها استعادة الاستقرار المالي في المستقبل.
تسمح السيادة المالية لأي بلد أن يحدد لنفسه مسارا طموحا في أنه يمكن له أن يوفر الموارد المالية والبشرية اللازمة لدعم خطته دون نقل تكاليف خيارات اليوم الى أجيال المستقبل. ويستكشف هذا التقرير تجربة الحكومة الكندية في القضاء على العجز، وتحسين الوضع المالي العام بين عامي 1994-1999. وقد قامت كندا، على مدى فترة ثلاث سنوات، بالقضاء على عجز الموازنة بنسبة 5.3 % من الناتج المحلي الإجمالي . وقد تم تنفيذ كل قرارات مراجعة البرامج في 1998-1999. وأدارت كندا الميزانيات الفائضة حتى عامي 2007-2008. نتيجة لهذا الجهد، ففي 2007-2008، كانت نسبة الدين مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي أقل من 30%، مقارنة بنسبة 70 % في عامي 1995-1996 ، وهو أفضل أداء بين دول مجموعة السبعة الكبار. ويحدد التقرير بعض الدروس المستفادة في السياق الكندي، والتي قد تكون ذات فائدة للقادة الحكوميين.
تعتبر قرارات السياسة العامة مهمة، لأنها تؤثر على مجمل اداء الدول ورفاهية المواطنين.كما أنها، مع مرور الوقت، يمكن أن تغير مجرى الأحداث، وتساهم في بناء مستقبل أفضل، أو ترافق تراجع الدول. وتتميز هذه القرارات للسياسة العامة بجداول زمنية طويلة. وقد تمر سنوات قبل أن يتم فهم تأثير هذه القرارات ، ويتم كشف عواقبها غير المقصودة. وبما أن كل حكومة تضع الأساس الذي تستند عليه الحكومات في المستقبل، فإن كل قرار يشكل الأساس الذي سيتم اتخاذ قرارات جديدة استنادا عليه.
ومن أجل استخلاص الدروس من التجربة الكندية في منتصف التسعينيات، من الضروري أن نفهم كيف نشأت المشاكل المالية، وكيف أن بعض من شروط نجاحها في منتصف التسعينيات، كان مصدرها من الأحداث والقرارات السابقة.
ويشير هذا التقرير بشكل موجز إلى الفترة ما بين 1975-1984. بعد عقدين من النمو والازدهار لعبت خلالها الحكومة الكندية دورا فعالا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ودخلت كندا فيها، فترة من التباطؤ الاقتصادي الذي رافقه تدهور سريع في الوضع المالي. وقد قامت الحكومة الكندية، خلال معظم تلك الفترة، بتحفيز اقتصادي، وتدابير أخرى لمكافحة التضخم. وحظيت هذه الاستراتيجية بدعم قوي من معظم قادة الرأي الكنديين في ذلك الوقت، سواء في مجال الأعمال التجارية، والأكاديمية أو السياسية.
يقدم هذا التقرير بعض الملاحظات العامة حول الفترة مابين 1984-1993، وهو وقت تزايد فيه الوعي العام حيال التأثير الكبير والمتزايد للعجز العام، والديون على الأداء الإقتصادي والرفاهية لكندا. خلال هذه الفترة، قدمت الحكومة الكندية إصلاحات هيكلية طموحة، وبذلت جهودا عديدة لخفض الإنفاق. كما تم الاستفادة من الدروس المستفادة في سنوات لاحقة، لأن تلك التدابير قد قدمت سياقاً مطوراً لإصلاحات مالية في المستقبل.
وقد تم البدء في عملية مراجعة البرنامج في أيار 1994 ، وتم تنفيذها خلال السنوات الخمس التالية. وبعد مرور عشر سنوات، حان الوقت لأخذ المصلحة. يصف هذا التقرير، على أساس الوثائق المتاحة للجمهور، كيف أن الممارسة قد جاءت فيما يتعلق بالعملية، والمنهجية والآلية. كما أنها تقدم لمحة عامة للنتائج الرئيسة، وتحدد الدروس المستفادة التي قد تكون ذات قيمة دائمة في كندا، والتي قد تهم بعض الدول الاخرى التي تعمل على استعادة الاستقرار المالي في المستقبل.
لقراءة المزيد اضغط هنا