تتجه الأزمة داخل حزب العدالة والتنمية إلى مزيد من التفاقم بعد اقصاء القيادات المؤسسة للحزب التي ساهمت بشكل كبير في تحويل تركيا إلى مثال للازدهار الاقتصادي، وبعد إصرار الرئيس رجب طيب اردوغان على اعتماد النظام الرئاسي وحصر كافة الصلاحيات التنفيذية بيده، تلك الازمة قد تقسم اعضاء حزب العدالة والتنمية إلى اكثر من حزب في ظل تحديات كبيرة تواجهها تركيا تتمثل في عودة الحرب مع حزب العمال الكردستاني وتنامي قوة المتطرفين الإسلاميين والقوميين، وغضب الاتحاد الأوروبي من سياسات فتح الأبواب التركية لمرور اللاجئين.
نشأة حزب العدالة والتنمية
بعد إغلاق حزب الفضيلة قضائياً في آب 2001 (حزب السياسي الاسلامي التركي نجم الدين أربكان) انقسم اعضاؤه إلى قسمين، القياديون الكبار اسسوا حزباً جديداً هو (حزب السعادة) الموجود حالياً لكنه خارج مجلس النواب (حصل على اقل من 1٪ من الاصوات في اخر انتخابات ويحتاج إلى 10٪ من اصوات الناخبين لدخول المجلس) فيما توجه المنشقون إلى تأسيس حزب آخر هو (العدالة والتنمية) بعد يومين من اغلاق حزب الفضيلة وأبرزهم (رجب طيب إردوغان، عبدالله غول، بولنت أرنتش ومليح كوكجيك) ليكونوا قادة التيار الأول المؤسس، بعد خلافات شديدة بينهم وبين أربكان خصوصاً بعد إرغام الجيش التركي للأخير على الاستقالة والتنحي وتهديده بالانقلاب العسكري والسجن لجميع قيادات الحزب، هؤلاء المنشقون اتهموا أربكان والقيادات الكبيرة بالاستبداد وسوء الادارة والفشل في التعامل مع الدولة التركية العلمانية. والتحق بالحزب مجموعة من التكنوقراط وفي مقدمتهم علي باباجان (وهو من المؤسسين للحزب) الذي لعب دوراً أساسياً في بناء السياسة الاقتصادية والمالية لحكومة حزب العدالة والتنمية.
وفي نفس سنة التأسيس أنضم إلى حزب العدالة والتنمية تيار منشق عن حزب الوطن الأم (أسسه الرئيس توركوت أوزال في 1983، وهو حزب يميني ليبرالي تولى رئاسة الحكومة من 1983 إلى 1991 وضم أعضاء من اليمين واليسار واندمج في الحزب الديمقراطي عام 2009). ومن أبرز الاعضاء المنشقين عن الوطن الأم (جميل جيجك وعبدالقادر أكسو) وانشق اعضاء بارزون عن حزب الطريق القويم (حزب يميني ليبرالي أيضا، وهو حزب الرئيس سليمان ديميرل، تأسس في 1983وضم من اليمين واليسار) ليلتحقوا بالعدالة والتنمية مثل (حسين جيليك وكوكسال توبتان). وأنضم إلى الحزب تيار اسلامي موالي لحركة فتح الله غولن التي لا تشترك في الحياة السياسية ولكن لديها الكثير من المؤيدين والمناصرين داخل مؤسسات الدولة التركية وكان لهم دور كبير في انجاح حزب العدالة والتنمية، وفيما بعد التحق تيار اسلامي صوفي يتبع الحركة النقشبندية، وبعد نجاح الحزب في الحكم انضم الكثيرون من التكنوقراط والموظفين الكبار بالدولة. لذا فإن الحزب يتشكل من مجموعة تيارات إسلامية وليبرالية تكاتفت مع بعضها البعض ونجحت في أول انتخابات دخلتها في تشرين الثاني 2002 وشكلت الحكومة منفردة منذ ذلك الوقت.
مع انتهاء الدورة الرئاسية لعبدالله غول في 2014 وتولي اردوغان للرئاسة، بدأ واضحاً انقسام حزب العدالة والتنمية إلى قسمين بعد سيطرة التيار الموالي لأردوغان على مؤسسات الحكومة وإقصاء التيارات الأخرى الموالية لغول وأرنتش من المؤسسين للحزب. وبعد تولي التيار ’’الأردوغاني‘‘ لمقاليد الحكم، ظهر خلاف داخل هذا التيار نفسه عندما استقال حاقان فيدان رئيس المخابرات من منصبه ليقدم ترشيحه إلى مجلس النواب بتأييد من رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، وفيدان له شعبية بين جماهير العدالة والتنمية، إلا أن الرئيس أردوغان وبشكل علني رفض ترشيح فيدان مما جعل الأخير يتراجع ويعود لمنصبه.
مؤتمر الحزب الخامس
في 12 أيلول 2015 أقام حزب العدالة والتنمية مؤتمره الخامس وأعلن عن تشكيل قيادة مركزية جديدة بعد إعادة انتخاب أحمد داود أوغلو رئيساً للحزب، وتم استبعاد قيادات مؤسسة للحزب من القيادة المركزية. الصحافة التركية تحدثت عن محاولات قام بها رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو لتشكيل قيادة مركزية موالية له، إلا أن الرئيس أردوغان أطلق يد مستشاره السياسي بنالي يلدرم وزير الاتصالات السابق الذي جمع تواقيع ما يقارب من ألف عضو من أعضاء الحزب ليضمن فوزه فيما إذا ترشح لرئاسة الحزب، فاضطر داود أوغلو إلى إعداد لائحة جديدة تضم الموالين لأردوغان وحذف الأسماء المقربة من الرئيس السابق عبدالله غول مثل علي باباجان (نائب رئيس الوزراء السابق ومن مؤسسي الحزب) وبولنت أرينش (نائب رئيس وزراء سابق ومؤسس للحزب) وبشير آتالاين (وزير الداخلية السابق) وحسين شيليك (وزير التعليم السابق)، لينسحب يلدرم وتدخل قيادات جديدة موالية للرئيس أردوغان مثل براء البيرق (زوج ابنة اردوغان) ووزير الطاقة الحالي، وبنالي يلدرم وزير الاتصالات السابق، وبرهان كوزو المستشار القانوني للرئيس اردوغان، و يلتشن آق دوغان مسؤول التفاوض في عملية السلام مع الكرد، وعمر شيليك وزير السياحة السابق، ومجاهد أصلان المستشار السابق لرئيس الوزراء. وكان حسين شيليك قال لصحيفة (حُرييت) بأنه ’’تم تهميش وابعاد 98 ٪ من قياديي حزب العدالة والتنمية بشكل مدروس خلال السنوات الأربع الماضية‘‘ وأن القيادات الحالية هي ’’وصولية ومنتفعة‘‘. وبالنظر إلى الامور الخلافية داخل الحزب الحاكم التي كانت خفية عن الاعلام ثم ظهرت علنا في تصريحات متبادلة بين القيادات الحالية والقيادات المقالة، فإنه يمكن القول أن أهم ادعاءات المعارضة داخل العدالة والتنمية هي:
هيمنة أردوغان على قرارت الحزب والحكومة
يقول المراقبون أن السبب الرئيسي لتأسيس حزب العدالة والتنمية هو نفور القيادات المؤسسة من تسلط القيادات الكبيرة في حزب الفضيلة مما جعلها تلجأ إلى تأسيس حزب جديد لإفساح المجال للقيادات الشابة من المشاركة في القيادة السياسية. ويبدو أن القيادات نفسها تشتكي من انفراد الرئيس أردوغان بقرارات الحزب واستبعاد الرفاق المؤسسين، مؤيدو أردوغان يقولون أنه يمتلك ’’كاريزما‘‘ قوية تجعله يفرض قرارته على الحزب والدولة وبنفس الوقت يمتلك شعبية كبيرة وهو ما لا يمتلكه الأخرون، الأخرون يرون أن الحزب صار مقترنا بشخص أردوغان بعد اقصاء القيادات الاخرى مع أن الدستور التركي يقضي بأن يكون رئيس الجمهورية مستقلا عن أي حزب سياسي.
ورئيس الجمهورية في الدستور التركي لا يمتلك أي صلاحيات تنفيذية، وتعطى كل السلطات إلى رئيس الوزراء، لكن ما يحصل أن هناك تداخل ادوار بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، وازداد التداخل شدة عندما أصبح انتخاب الرئيس مباشرة من قبل الشعب وليس من مجلس النواب كما كان في السابق، فصار رئيس الجمهورية يحضر جلسة مجلس الوزراء بل ويديرها ويخرج بقرارات حكومية. كل ذلك انعكس على الحزب الحاكم وسط رفض قيادات التيار المؤسس.
الصراع مع حركة فتح الله غولن
حركة الخدمة أو حركة غولن هي جماعة صوفية أسسها فتح الله غولن في عام 1970، وهي حركة اجتماعية ذات بعد قومي تركي تدعو إلى (نشر الفكر الصوفي السني، والتحالف مع الغرب، والابتعاد عن الشرق الاوسط خصوصاً إيران، والصداقة مع إسرائيل) واعتمدت على استراتيجية طويلة النفس بتركيزها على التعليم ببناء المدارس الخاصة والكليات الاهلية، وانشأت مؤسسات اعلامية واقتصادية وطبية وثقافية ومراكز للإغاثة وتقديم المساعدات مما اكسبها سمعة طيبة في تركيا خصوصا انها لم تدخل في العمل السياسي، لكنها عملت على انشاء كوادر مخلصة لها في مختلف الاختصاصات وزجت بها للعمل في مؤسسات الدولة. وكان تيار من مؤيدي الحركة انضموا إلى حزب العدالة والتنمية وقدموا دورا مهما في انجاح الحزب خصوصا في الفترتين الاولى والثانية من حكم الحزب، إذ عملت كل كوادر الحركة في مؤسسات الدولة لدعم العدالة والتنمية ضد الجيش والقوميين وضد ما يعرف في تركيا بالدولة العميقة وهي كوادر من القوميين داخل مؤسسات الدولة كان لها دور أساسي في الانقلاب العسكري ضد نجم الدين أربكان.
ويمكن القول ان اهم انتقادات الحركة ضد الرئيس أردوغان تشمل (عدم تطبيقه للإصلاحات التي تحدث عنها في بداية توليه للحكم، ابتعاده عن الغرب وتقربه من الشرق الأوسط، طريقة ادارته للازمة مع الكرد، سوء علاقاته مع إسرائيل واقترابه من إيران، وجره لتركيا إلى الساحة السورية) هذه الانتقادات جاءت من كوادر الحركة المنتشرين في المؤسسات الاعلامية والاقتصادية والثقافية، وكان رد أردوغان بإصدار الحكومة لقرار اغلاق المدارس الخاصة التابعة للحركة، واقصاء الكثير من عناصرها في مؤسسات الدولة خصوصا الامنية والقضائية. مناصرو الرئيس أردوغان اتهموا الحركة بمحاولة المشاركة في الحكم دون تحمل أي مسؤولية سياسية أو قانونية لأنهم لا يشتركون بالعمل السياسي ولكن يحاولون فرض أجندتهم الخاصة عبر الضغط الاعلامي والثقافي وتشويه توجهات الحكومة.
الدولة الموازية والدولة العميقة
الدولة الموازية مصطلح شائع الاستخدام في تركيا ويقصد به الموالين لحركة الخدمة (فتح الله غولن)، إذ يتهم الرئيس إردوغان حركة غولن ورئيسها بتشكيل دولة موازية في مؤسسات الدولة خصوصاً في اجهزة الامن والشرطة والقضاء والإعلام والتعليم، وان هذه الدولة تتآمر للإطاحة به مما جعل إردوغان يتهم غولن رسمياً بتشكيل تنظيم إرهابي وقيادته وطلب سجنه مدى الحياة وفق قانون مكافحة الارهاب. وقامت الاجهزة الامنية بتحقيقات في عدة مؤسسات منها المؤسسة الامنية ومع مؤسسات اقتصادية خاصة، منها مجموعات تجارية كبيرة بعضها صديقة للرئيس السابق عبدالله غول بتهمة الانتماء للدولة الموزاية. وكان اردوغان قد وجهه نقدا شديدا إلى بولنت أرينش (نائبه عندما كان رئيسا للوزراء) الذي انتقد تدخل أردوغان في شؤون الحكومة، قائلا ان أرينش يلعب لمصلحة الدولة الموازية، أي اتهمه بالوقوف مع فتح الله غولن، وهذا اتهام خطير ضد أرنتش أحد مؤسّسي العدالة والتنمية.
ويعتبر القضاء أهم ساحة حرب بين اردوغان وغولن خصوصا بعد اتهامات الفساد التي طالت الحكومة ومقربين من اردوغان منهم نجله بلال، بأدلة وتسجيلات صوتية قالت الحكومة انها ملفقة ومزورة، وعلى أثرها قام حوالى 14 ألف قاض ومدع عام باجراء انتخابات لاختيار الهيئة العليا للقضاة والمدعين لتصفية اتباع غولن في القضاء والنيابة العامة، إلا أن الانتخابات لم تقضي على نفوذ حركة غولن فيما كانت الحكومة تنشط في تصفية آلاف من رجال الأمن والشرطة، لاتهامهم بالانتماء إلى حركة غولن.
فضائح الفساد كبرى التي طالت وزراء في حكومة أردوغان في كانون الأول 2013، جعل رئيس الجمهورية يعمل على حلّ الهيئة العليا للقضاة والمدعين، بقانون اعترضت عليه المحكمة الدستورية وألغته بعد 3 أشهر من صدوره، ما استدعى التحضير لانتخابات جديدة للهيئة، لكن المعارضة قالت أن الأشهر الثلاثة التي مرّت كانت كافية لتغيّر الحكومة جميع المحققين والمدعين والقضاة الذين عملوا على قضية الفساد، ما أدى إلى تغيير مسار القضية في شكل كامل وإطلاق سراح جميع المتهمين.
أما الدولة العميقة فهو أيضا مصطلح شائع الاستخدام في تركيا ويعرف (بالدولة داخل الدولة) وهم عناصر رفيعة المستوى في الاجهزة الامنية والجيش والقضاء، ولائهم للقومية التركية ويعملون على تحقيق ما تراه هذه الجماعات مصالح للدولة، وتعادى الدولة العميقة الحركات اليسارية والإسلامية والكردية، مع انها قد لا تكون بقيادة واحدة وربما لكل مجموعة اجندة خاصة. والدولة العميقة في الاعتقاد التركي ظاهرة اجتماعية مثيرة للاهتمام يؤمن بها جميع الاتراك بما فيهم السياسيون، إذ يعتقد الجميع انها تعود لعهود غابرة لعبت دورا مهما في التاريخ التركي الحديث واشهرها تحريض الجيش على الانقلاب في عام 1960 على حكومة عدنان مندريس (1950-1960) واعدامه بعد عام، وارغام نجم الدين اربكان على الاستقالة في عام 1997.
لذا ومع تولي حزب العدالة لحكم البلاد، تحالف الحزب مع حركة غولن لمواجهة الدولة العميقة وقاد الامن التركي عمليات اعتقال بحق عناصر كثيرة من القوميين في مؤسسات الدولة بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري في 2003 وما بعدها فيما عرف بتنظيم (أرغينيكون) الانقلابي وقضية (المطرقة). لكن تصادم إردوغان مع حركة غولن القوية في 2014 بعد توليه لرئاسة الجمهورية جعله يلجأ إلى القوميين الاتراك لمواجهتها، إذ قامت محكمة التمييز في إسطنبول بتبرئة مئات العسكريين (ممن اتهموا بالعمل في الدولة العميقة والتخطيط للانقلاب) بعد ان اعادة محاكمتهم. وعلق الرئيس إردوغان على البراءة قائلا إن ’’جماعة غولن لفقت الاتهام للجيش، كما لفقت لحكومته اتهامات بالفساد بعد أن تغلغلت في أجهزة الأمن والقضاء‘‘، لكن المعارضة تقول أن جماعة غولن تصرفت بأوامر من إردوغان في ملاحقة العسكر، وتعهد رئيس المحكمة الدستورية هاشم كيليش الإسراع في درس طلبات تظلم (١٠ آلاف طلب) تطالب بإعادة محاكماتهم.
الرئيس السابق عبدالله غول وتياره يرون أن الصدام مع حركة غولن خطأ كبير لأن الحركة جزء من المنظومة الاسلامية التركية وليست خطرا ويمكن احتوائها، لكن الخطر يكمن في القوميين أو الدولة العميقة الذين حكموا تركيا لفترات طويلة وتسببوا في انقلابات عسكرية وأن التحالف معهم لمواجهة حركة غولن والكرد قد يجعلهم يعودون لمؤآمرات الانقلابات وحكم الجيش وتصفية الاسلاميين.
فضائح الفساد الخاصة بالحزب
في شهر كانون الاول من عام 2013، اصدر القضاء التركي مذكرات اعتقال بحق مجموعة من رجال الاعمال ومقربين من وزراء في حكومة السيد اردوغان بقضايا تتعلق بفساد مالي، منهم أبناء ثلاثة وزراء أحدهم ابن وزير الداخلية، وبعضاً من أبرز رجال الأعمال المقربين من الحكومة وبيروقراطيين في مصارف الدولة وبلديات تابعة لحزب العدالة والتنمية، وقالت صحف المعارضة أنها كانت جزء من الحرب السياسية بين الرئيس أردوغان وجماعة فتح الله غولن. المدعي العام الذي وقف وراء هذه العملية كان نفسه الذي اشتهر بحملاته الأمنية ضد الدولة العميقة والجيش في قضيتي أرغينيكون والمطرقة والمحسوب على جماعة غولن. مؤيدو اردوغان قالوا ان سبب الخلاف هو مطالبة الحركة بالسيطرة على جهاز المخابرات، إثر سيطرتها على أجهزة الأمن والقضاء.
تيار عبدالله غول رأى ان سمعة الحزب تأثر كثيرا بعد نشر فضائح الفساد وبعضها يتعلق بنجل اردوغان (بلال)، رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال قلجدار أوغلو طالب اردوغان بالاستقالة، لكن ما فعله الرئيس انه دخل في حرب مع القضاء واتهمها بالعمل لحساب حركة غولن كما اتهم الحركة بفبركة جميع ملفات الفساد ومنها تسجيلات صوتية لصفقات مشبوهة.
الصراع مع وسائل الاعلام
بلغ عدد الدعاوى التي تقدم بها الرئيس إردوغان إلى القضاء بتهمة ’’تحقير‘‘ رئيس الجمهورية ما يقارب من الفين دعوى ضد نواب وسياسيين، لكن معظم الدعاوى وجهت ضد اعلاميين وصحفيين وضد مواطنين عاديين قاموا بشتم الرئيس أو انتقدوا سياساته، ولم يسبق لرئيس تركي أن وجهه هذا الكم من الدعاوى القضائية ضد منتقديه، بل إن الامر وصل إلى اتهام اردوغان لبعضهم بالتجسس والخيانة. النقطة الفاصلة التي فجرت المواجهه بين الرئيس والاعلام حصلت عندما نشرت صحيفة جمهورييت في آيار 2015 تقريرا عن شاحنات نقل خارجي تعمل لحساب المخابرات التركية تحمل قذائف وصواريخ وأسلحة إلى سوريا، وهو ما أكد دعم الحكومة التركية للجماعات المسلحة في وقت كانت الحكومة تنفي بشكل قاطع تقديم أي دعم.
وعلى أثرها قامت السلطات التركية باعتقال رئيس تحرير صحيفة جمهورييت جان دوندار وهو من الشخصيات الإعلامية المشهورة ومدير مكتب الصحيفة بأنقرة، إلا أن المحكمة الدستورية ردت قرار الاعتقال واعتبرته بلا أساس قانوني، لكن بعد فوز حزب العدالة والتنمية في تشرين الثاني 2015 اعتقلت السلطات الرجلين مرة ثانية بتهمة التجسس والخيانة، وردت المحكمة الدستورية واصدرت قرارا بإطلاق سراح الإعلاميين الاثنين. اعلام حزب العدالة والتنمية اتهم رئيس المحكمة الدستورية زهدي أرسلان بالانتماء لحركة غولن، وعلق إردوغان على القرار قائلا ’’أنا لا أعترف بهذا القرار ولا أقبل به ولن أطبقه‘‘.
تعليق الرئيس إردوغان على قرار المحكمة الدستورية فتح عليه وابل من ردود الإعلاميين، لكن الرد الأقوى جاء من بولنت أرنتش نائب إردوغان السابق وأحد المؤسسين الكبار لحزب العدالة، بأن قرار المحكمة الدستورية ملزم للجميع وهي المحكمة التي اقسم فيها الرئيس اليمين الدستورية. وردت الحكومة على قرار المحكمة الدستورية بأغلاق مجموعة FEZA الإعلامية التي تصدر صحيفة الزمان وهي من أكثر الصحف التركية المعارضة انتشارا ومعها وكالة أنباء (جيهان) و(تودي زمان) واعتقال عشرات الاعلاميين والصحفيين، فيما ترقبت صحف معارضة اخرى مثل (جمهورييت، سوزجي، يورت) قرارا بالاغلاق أو التضييق، بعد أسابيع من اغلاق قناة تلفزيونية تدعى (صمانيولو) واغلاق صحيفة (بوكون).
عبدالله غول وتياره المعارض رفضوا التضييق على الحريات الاعلامية وقالوا إن على الرئيس أن يحترم قرارات المحكمة الدستورية. مراقبون قالوا أن التيار المعارض في الحزب الحاكم يخشى ان يصادر الرئيس قرارات المحكمة الدستورية ويضحى دون رادع بعد إلتفاف تيار جديد حوله يمجده ويسعى لانشاء ’’دكتاتور‘‘ في تركيا.
مشروع النظام الرئاسي
يسعى الرئيس اردوغان إلى إقامة النظام الرئاسي بدلا عن النظام النيابي ليحصل على صلاحيات دستورية مطلقة وليضمن استقلاليته كرئيس للجمهورية بغض النظر إن كان حزبه العدالة والتنمية يمتلك اغلبية في مجلس النواب أم لا. وتشمل صلاحيات الرئيس في مشروع النظام الرئاسي، تعيين قادة القوات المسلحة ومدراء الأمن العام والمخابرات، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية والقضاة والمدعين العامين، وامتلاك حق النقض للقرارات الصادرة من مجلس النواب، ورفض الموازنة العامة، وتوقيع اتفاقيات دولية، دون وجود رئيس للوزراء. وهو نظام مشابه للنظام الأمريكي إلا أن المعارضة تخشى من أن يتحول النظام في تركيا إلى نظام استبدادي لعدم وجود مؤسسات قضائية أو تشريعية قوية كما هو الحال في الولايات المتحدة الامريكية. وهذه المخاوف يحملها أيضا تيار داخل الحزب الحاكم وبالأخص تيار عبدالله غول وعدد من نواب الحزب الرافضين للنظام الرئاسي.
المواجهة السياسية مع الولايات المتحدة وأوروبا
لعل من أهم الاهداف الخارجية لحزب العدالة والتنمية التي أعلن عنها منذ تسلمه للسلطة اواخر 2002 هو الانضمام للاتحاد الأوروبي، وبالفعل حققت تركيا انجازات مهمة على المستوى السياسي والاقتصادي والانساني حسب معايير الاتحاد الاوربي من حيث الديمقراطية واحترام حقوق الاقليات. لكن الرئيس إردوغان اراد في عام 2011 استغلال الربيع العربي لصالحه وبالأخص في سوريا، فتبنى سياسات مغايرة تماما لما كان قبل الحرب الاهلية السورية وسعى لفرض ارادته السياسية في سوريا على حلفائه الامريكيين والاروبيين وجعل الامن القومي الاوربي في خطر بعدما وجد ان حساباته السياسية لم تكن دقيقة. فحسب إحصاءات إدارة الطوارئ التركية يوجد في تركيا على طول الحدود السورية 25 مخيماً لللاجئين السوريين يقيم فيها ما يقارب من 220 الف لاجئ مما يشكل 15٪ من عدد السوريين في تركيا، فيما يتوزع 85٪ الاخرون على باقي المحافظات التركية وبعضهم (25٪) يعيش في أماكن غير صالحة للسكن البشري. وما زاد من مشكلة اللاجئين السوريين سحب الحكومة التركية لتراخيص العمل الممنوحة لهم وانتشار نظرة الكراهية للاجئين واتهامهم بارتكاب الجرائم.
الرئيس التركي طالب مرارا من قادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي انشاء منطقة عازلة في شمال سوريا لتوطين اللاجئين، لكن لم ينجح في اقناعهم. فلجأ إلى سياسة الضغط على أوربا عندما فتح أبواب تركيا امام تدفق اللاجئين. ونقلت وكالة رويترز في شباط 2016 عن موقع (theeuro2day) اليونانى أن إردوغان عقد اجتماعا ‘‘متوترا’’ مع وفد ترأسه جان كلود جانكر رئيس المفوضية الأوروبية، حيث قال اردوغان لهم ’’نستطيع أن نفتح الحدود إلى اليونان وبلغاريا فى أى وقت، ويمكننا أن نضع اللاجئين على الحافلات… كيف ستتعاملون مع اللاجئين ما لم يكن لديكم اتفاق؟ هل ستقتلون اللاجئين‘‘ ثم طلب أردوغان من الأوروبيين ستة مليار دولار لمعالجة أزمة اللاجئين على مدار عامين إلا أن الاتحاد الاوربي وافق على تقديم ثلاثة مليار دولار فقط.
ورقة اللاجئين للضغط على الاتحاد الأوروبى أتت بنتائج معكوسة، واتضح ذلك في الشهر الماضي من حديث المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية، إذ قالت ميركل إن ’’الاتفاق مع تركيا فرصة كبيرة لتسوية أزمة اللاجئين إلا أنها فى الوقت ذاته لابد من عدم الموافقة على كل مطالب تركيا وأن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى ليس مطروحا حاليا على جدول البحث‘‘. ومع مرور الايام يزداد القلق الاوربي من سياسات الرئيس أردوغان التي صارت تهدد الامن القومي الاوربي وظهرت في سلسلة تفجيرات إرهابية، وسط اتهامات لتركيا بأنها ممر آمن لمعظم الارهابيين القادمين من أوربا إلى مناطق داعش والعكس.
وقد نشرت صحيفتي الغارديان وميدل ايست آي البريطانيتين عن محضر اجتماع مسرب في كانون الثاني 2016، عقد بين الملك الاردني مع اعضاء نافذين في الكونغرس من بينهم جون ماكين رئيس اللجنة العسكرية، قال خلاله ان ‘‘تركيا تقوم باستغلال قضية اللاجئين السوريين الذين يتدفقون إلى القارة الأوروبية من أجل تحقيق مصالحها وتنفيذ أجندتها. وأنها ترسل الارهابيين الى اوروبا للضغط على دول الاتحاد’’، وقال الملك الاردني “ان الرئيس رجب طيب اردوغان يؤمن بالحل الاسلامي الراديكالي لمشاكل المنطقة، وان وجود جماعات ارهابية اسلامية في اوروبا جزء من استراتيجيته هذه” وأن ‘‘رؤية الأردن للحل في سورية تختلف عن الرؤية التركية القائمة على دعم التطرف’’.
ويخشى تيار عبد الله غول ان تؤدي المواجهات السياسية بين اردوغان والاتحاد الاوربي إلى تغير الموقف الاوربي من تركيا كسحب استثماراتها أو تبني سياسات اقتصادية متشددة تنهك الاقتصاد التركي وتفقد حزب العدالة والتنمية مزيته التي حكم بها منذ 13 عام ألا وهو الانتعاش الاقتصادي، وبنفس الوقت قد يلجأ الاوربيون إلى ممارسة ضغوط سياسة كدعم القوميين في الجيش.
إردوغان في مواجهة القيادة المؤسسة للحزب
ظهرت المواجهة العلنية بين الطرفين عندما انتقد الرئيس السابق عبدالله غول (سبع سنوات رئيس للجمهورية وخمس سنوات رئيس للوزراء ووزير للخارجية) السياسة الخارجية لأردوغان وقال إن ’’تركيا بحاجة إلى مراجعة سياستها في الشرق الأوسط والعالم العربي بتبني سياسات واقعية‘‘، وقال غول في لقاء مع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية بتاريخ 15 نيسان 2015 إن تركيا تواجه “مخاطر نتيجة سعي الرئيس إردوغان إلى السيطرة على السلطة”، وأن “تركيز السلطة السياسية في أيدي إردوغان يهدد بتدمير الديمقراطية التركية”. وأضاف” لا أريد أن ينظر لي على أنني ما زلت أحمل طموحات لتولي السلطة، ولكنني أقدم النصح لتركيا من خلال إطلالي على شاشات التلفاز وفي المؤتمرات من حين لآخر، وأعتقد بأن الشعب التركي ينظر لهذا بإيجابية ويعطيه اهتماما جديا”.
وتحدث غول بإيجابية عن النجاح الذي حققه حزب الشعوب الديمقراطي ودخول الكرد لأول مرة إلى مجلس النواب التركي وقال ”إن التقارب أمر كنت دائما أنادي به وأؤمن بأهميته، فالمشاكل تحل من خلال التواصل والتفاعل بين الأحزاب وليس بإقصائها” وأن هناك فرق بين حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني. وتحدث غول أيضا في جامعة أوكسفورد وقال إن عدم المساواة الاقتصادية ونقص الشفافية وتقصير المؤسسات الحكومية في أداء دورها خلق حالة من الاستياء الشعبي في الشرق الأوسط وتركيا نفسها. الاعلام الموالي للرئيس إردوغان رد بنشر مقاطع من اقواله يرد فيها على غول ’’تركنا وراءنا الخونة والجبناء والمترددين والمتمسكين بمصالحهم الشخصية وأكملنا طريقنا السياسي دون تغيير، أما هم فباتوا اليوم خارج السياسة‘‘.
وجاءت انتخابات تموز 2015 وخسر الحزب اغلبيته في مجلس النواب، فأتبع اردوغان سياسة التقارب مع القوميين لمواجهة الكرد وخاض حربا ضد حزب العمال الكردستاني وفاز باغلبية بسيطة في انتخابات تشرين الثاني 2015 لكنه ادخل تركيا في دوامة الحرب القومية التركية الكردية، وهو ما رفضه عبدالله غول وتياره.
صحف المعارضة تحدثت عن نية عبدالله غول وتياره المعارض داخل الحزب عن الانشقاق وتشكيل حزب جديد، مما دعا أردوغان إلى أن يوجه دعوة إلى غول لزيارة قصر الرئاسة في 10 شباط 2016، ونقلت الصحف أن الرئيس سمع من الرئيس السابق خلال ثلاث ساعات انتقادات لسياساته في الملفين الداخلي والخارجي ومسألة أنشقاق تيار غول. مصادر إعلامية مقربة من اردوغان قالت ان غول لا يريد العودة إلى العمل السياسي وأنه لا يدعم أي انشقاق داخل الحزب الحاكم. وبعد يوم على لقائه أردوغان، التقى غول مع بولنت أرنتش (نائب رئيس الوزراء السابق) وحسين شيليك (وزير التعليم السابق) وسعد الدين آرغين (وزير الصناعة السابق)، وهم أهم وجوه المعارضة داخل الحزب الحاكم.
مصادر قريبة من تيار غول قالت لصحف تركية أن غول لا يريد منصب رئيس الوزراء إنما يسعى لرئاسة الجمهورية، وأنه يرى أن علي باباجان الاصلح لرئاسة الحكومة لكونه من أفضل التكنوقراط التركي ومن أسهم بشكل كبير في تبني سياسات اقتصادية ناجحة وسياسات خارجية تصالحية، ولذلك ينبغي تأسيس حزب سياسي جديد، وقالوا لصحيفة جمهوريت أنه وفقا لنتائج استطلاع رأي أعدته مؤسسة تعمل لحساب غول في آذار 2016، فإن الحزب الجديد قد يحصل على 15٪ في أول انتخابات، مما قد يعني انتقال عدد من نواب حزب العدالة والتنمية إلى الحزب الجديد.
ونقلت صحيفة (سوزجو) المعارضة عن المدون التركي الشهير في موقع تويتر ’’فؤاد عوني‘‘ الذي سرب الاخبار السياسية في مناسبات عديدة، قوله بأن أردوغان قال عندما سمع تصريحات أرنتش ‘‘لقد أكدت أن غول ورجاله سيخونوننا’’. وقال أن أردوغان وجه التعليمات بعدم تصعيد الصراع حاليا مؤكدا أنه سيقوم بتصفيتهم بعدما يتمكن من الانتقال إلى النظام الرئاسي. ولفت “عوني” إلى أن أردوغان يخشى حاقان فيدان رئيس المخابرات لأنه لم يتدخل لصالح اردوغان.
تيار أحمد داود أوغلو
يبدو أن مسألة الخلاف الاساسية بين اردوغان وداود اوغلو تتمحور حول طرح مشروع النظام الرئاسي، إذ قال مستشار الرئيس أردوغان للشؤون السياسية برهان كوزو، أن فشل الحكومة في إقرار المشروع في مجلس النواب في نهاية نيسان الجاري سيدفعها إلى تنظيم استفتاء عام على مسألة الدستور الجديد والرئاسة، لكن طرح المشروع للاستفتاء العام بحاجة إلى 330 نائب ولحزب العدالة والتنمية 317 نائب في المجلس النيابي مما يعني التوجه إلى انتخابات مبكرة في الصيف المقبل. مصادر اعلامية مقربة من رئاسة الجمهورية قالت إن أردوغان أمهل داود أوغلو حتى الشهر القادم لحسم مسألة الدستور الجـــديد والنظام الرئاسي إما بإقنـــاع 13 نائباً معارضاً لتأمين 330 صوت، أو تنظيم انتخـــابات مبكرة مستخدماً صلاحياته بحلّ البرلمان. ويبدو أيضا أن داود أوغلو غير مقتنع بذلك حيث قال إن ‘‘النظام الرئاسي أولوية ولكن اذا لم يكن فرضه ممكناً في مجلس النواب، فلا مجال للإصرار عليه’’.
والانتخابات المبكرة في الصيف المقبل في ظل اجواء الحرب مع حزب العمال الكردستاني سيقلل من اصوات حزب الشعوب الديموقراطي الكردي وربما يخرجه من مجلس النواب، وبنفس الوقت تعاني الحركة القومية من أزمة داخلية وهو ما قد يمكّن حزب العدالة والتنمية من كسب أصواتهما ونيل ثلثَي مقاعد المجلس، وهو ما يأمله اردوغان. إلا أن هناك انباء صحفية تتحدث عن خلافات بين أردوغان وأحمد داود أوغلو حول قضايا كثيرة، إذ تفيد الصحافة التركية بأن داود أوغلو يحاول كسب بيروقراطيين وحزبيين لتشكيل تيار يدعمه في مواجهة الرئيس التركي، وبذلك فإن الحزب الحاكم إنقسم إلى ثلاثة ولاءات، أردوغان وداود أوغلو وغول. وما يلفت النظر أن رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو يراقب عن كثب كافة التطورات بين أردوغان وتيار غول، ولا يعرف بالضبط إن كان سيقف إلى جانب غول في حال تأسيس حزب جديد أم يقف مع أردوغان ولكنه يخشى أن يتم اقصاؤه فيما إذا تم إقرار النظام الرئاسي، كم تم اقصاء القيادات المؤسسة للحزب.
خلاصة القول
مراقبون للشأن التركي يقولون ان المعارضة التركية وتيارات داخل حزب العدالة والتنمية تخشى من تحويل الدولة التركية إلى دولة حكم ‘‘شمولي دكتاتوري’’ عبر الانتقال إلى النظام الرئاسي، وهذه المخاوف انتقلت إلى دول الاتحاد الاوربي التي لا تريد أن ترى دولة دكتاتورية على حدودها الشرقية وهي ترى تنامي ظاهرة التطرف الاسلامي داخل المجتمع التركي.
الرئيس رجب طيب أردوغان لم يكن أول من طالب في تركيا بالانتقال من النظام النيابي إلى الرئاسي، فقد سبقه إلى ذلك كل من الرئيسين توركوت أوزال وسليمان ديميريل اللذان لم ينجحا في وقت كان حزبيهما يحكمان تركيا في الثمانينيات والتسعينيات وانتهى الامر بحزبيهما خارج مجلس النواب.
ويخشى تيار عبدالله غول من أن يؤدي الانتقال إلى النظام الرئاسي إلى تحرك الجيش الذي ما زال يحتفظ بما يكفي من قوته رغم كل الاعتقالات التي طالت عناصره بتهم الانقلاب، اصحاب هذه الرؤية يعتقدون ان حزب العدالة والتنمية والرئيس اردوغان صارا يشكلان تهديدا للامن القومي الاوربي والغربي عموما، ولم تعد تركيا تملك علاقات طيبة مع الغرب أو الشرق الاوسط أو دول الجوار، في وقت تشن فيه الحكومة التركية حملة عسكرية وثقافية ضد الكرد المتحالفين مع الغرب، وتقمع الحريات الشخصية والاعلامية، وتدخل في حرب ضد المؤسسات القضائية. وبعد كل هذا يسعى الرئيس اردوغان إلى صلاحيات دستورية رئاسية يجعله قادرا على تغيير المبادئ العلمانية للجمهورية التركية وأسلمة الدولة .. كل هذا قد يجعل الجيش يتحرك بموافقة أمريكية أوربية.