back to top
المزيد

    ليبيا المنقسمة تناضل ضد هجمات الدولة الاسلامية

    بينوا فايكون، صحفي في الوول ستريت جورنال.

    ثامر الغوباشي، مراسل في الوول ستريت جورنال.

    الفصائل المتناحرة تخوض معركة سياسية لتشكيل حكومة موحدة.

    معبر مليته ليبيا، يحيط حائط طوله 9 أقدام مبني من مزيج من الرمل والفولاذ الذي بإمكانه تحمل السيارة المفخخة بمجمع النفط والغاز ليكوّن حاجزاً ضد هجمات المتشددين، الذي يأمل الكثير في ليبيا بأن يتحصنوا منهم بواسطة جيش قوي وبقيادة مركزية. قضت إثنين من الفصائل المتناحرة سنوات من القتال لأجل السيطرة على ليبيا وهم الأن في معركة سياسية لتشكيل حكومة موحدة قادرة على الدفاع عن بلدهم وصناعته النفطية ضد الهجمات المتصاعدة التي يشنها تنظيم الدولة الإسلامية.

    وقد أثارت الازمة السياسية مخاوف الولايات المتحدة من أن تتحول ليبيا الى مركز لعمليات تنظيم الدولة الإسلامية الدولية، فقد إجتمع كبار مستشاري الأمن القومي الاسبوع الماضي مع الرئيس أوباما لمناقشة وضع تنظيم الدولة الاسلامية بعد ما أشار قادة عسكريون بشكل متزايد للحاجة الى تصعيد العمليات ضد التنظيم، بما في ذلك في ليبيا. أصدرت شركة النفط الوطنية في ليبيا، احدى اخر المؤسسات التي لا زالت تمارس اعمالها بعد سقوط الدكتاتور معمر القذافي في عام 2011، “صرخة للمساعدة” الشهر الماضي في ظل عمليات القتل، وتفجير السيارات، وتخريب خطوط الغاز، وحرق صهاريج خزن النفط بواسطة المتشددين، ويبدو أن الهجمات تستهدف إضعاف عملية السلام والصناعة النفطية في ليبيا، التي تشكل 95% من ايرادات الدولة.

    الدولة الاسلامية “تملأ الفراغ” الذي يتركه إنعدام الدولة الموحدة، يقول فتحي علي باشاغا، المشرّع الليبي الذي ساعد في المفاوضات بين الفصيلين المتناحرين في التوصل إتفاق لتقاسم السلطة بواسطة الامم المتحدة، وقد صار قتال المتشددين في ليبيا غالباً في أيدي ميليشيات ذات ولاءات مختلفة. اكتسبت محادثات الحكومة، التي استمرت لأشهر طابعا ملحاً جديداً في ليبيا والغرب بعد تصاعد الاعتداءات، وصرحت الولايات المتحدة، التي اجرت استطلاعات بطائرات دون طيار الاسبوع الماضي بأن مجموعة صغيرة من الافراد العسكريين في ليبيا كانوا يجمعون معلومات استخباراتية ويوفرون المساعدة.

    لننتظر ونترقب

    اتخذت حكومة اوباما، التي يرتابها القلق لأشهر من التهديد الذي يُشكله تنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا، ومع الحلفاء الاوروبيين، إجراءات الانتظار والترقب في الوقت الذي تنتظر فيه تشكيل حكومة موحدة. يقول السيد باشاغا، المشرّع الليبي “في الوقت الراهن، لا توجد حكومة يمكن للمجتمع الدولي العمل معها٬ لدينا فقط هذا المفتاح، وإن خسرنا هذا المفتاح، سنخسر كل شيء”. وقد إتخذ البرلمان الليبي حديث السلطة خطوات بطيئة نحو السلام الاسبوع الماضي، إذ صوّت على قبول تشكيل حكومة موحدة بوساطة من الامم المتحدة التي تجمع بين الفصيلين المتناحرين الذين قسموا البلاد٬ ولكن البرلمان رفض ايضاً إنشاء مجلس الوزراء المكوّن من 32 عضواً وحدد الرابع من شباط كحد اقصى للموافقة على مجلس وزراء المكوّن من عدد اقل من الوزراء. وقال مبعوث الامم المتحدة الى ليبيا، مارتن كوبلر، في الاسبوع الماضي بأن من الممكن ان تحصل تغييرات لاجل الوصول الى حل بين الطرفين.

    وقال وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي خلال العام الماضي بأنهم قد يستهدفوا بالعقوبات من يقف ضد الاتفاق، ويمكن للأعضاء ال 28 في الاتحاد الاوروبي التوصل الى قرار بتجميد الممتلكات ومنع السفر يوم الاثنين، وهذا القرار يستهدف أعضاء الفصيلين الذين لديهم صلة بأعمال العنف او الذين يرفضون الانصياع لاتفاق الامم المتحدة. تمتلك ليبيا 47 بليون برميل نفط خام من الاحتياطي على المحك في هذه الفترة، وتلك هي الاكبر في افريقيا، وتشكل اكبر مصدر لثروة البلاد جميعها. يقول مصطفى سانالا، رئيس شركة النفط الوطنية الليبية “بإمكاننا تحقيق الاستقرار، او يمكننا ان ننحدر الى الفوضى”.

    النقاط الساخنة

    خلال العام الماضي، كان تنظيم الدولة الاسلامية يستخدم معقل سرت لشّن الهجمات على المنشآت النفطية٬ تنظيم الدولة الاسلامية كان ولا يزال يشدد من قبضته على مدينة سرت، وهي معبر يربط ما يسمى بهلال النفط في ليبيا على الساحل المركزي والارض الوحيدة التي يمتلكها تنظيم الدولة الاسلامية فيما عدا العراق وسوريا. يقول اسماعيل شكري، رئيس الاستخبارات العسكرية للمنطقه التي تضم سرت٬ ” سوف يبحثون عن الاستيلاء على المزيد هنا، وسوف يبحثون عن طرق اكثر لتمويل عملياتهم، والحصول على موانئ النفط وحقول في شرق ليبيا، هذا سيكون انتصاراً كبيراً لهم، الانتصار الذي لا يمكننا ان نتحمله”.

    شن تنظيم الدولة الاسلامية هجمات خلال الشهر الماضي على راس النوف، التي تبعد 400 ميل عن طرابلس، ليحرقوا صهريج خازن للنفط ويقطعوا خط الغاز الذي يزود المدن في الغرب كما يقول مسؤول امني٬ في مطلع الشهر، إستخدم المهاجمون المدافع الرشاشة والسيارات المفخخة في راس النوف وإس سدر المدينة الساحلية القريبة٬ قتلت الهجمات ما يقارب من 10 حراس، وحرقت 7 صهاريج في كلا المنشأتين، كما يدعي مسؤول امني. هجمات تنظيم الدولة الاسلامية اصبحت تعوق الصناعة النفطية المتدهورة فعليا قبل الهجمات، وليبيا تنتج حوالي 400،000 الف برميل كل يوم، أي ربع او ما يقارب من سعة انتاجها.

    المتشددين حثّوا المجنّدين على القدوم الى ليبيا ليساعدوا في تشكيل قاعدة لهم وذلك لقربها الاستراتيجي من اوروبا٬ اذ ان ليبيا تشكل نقطة الانطلاق للمهاجرين الذاهبين الى ايطاليا، وهذا يتيح لتنظيم الدولة الاسلامية العمل على تشكيل شبكة تهريب البشر، كما أن البلد نفسه يزوّد ايطاليا بالغاز والنفط. إن الهجمات على المنشآت النفطية ما هي إلا اختبار لقدرة الدولة الاسلامية في انتشارها خارج معقلها في العراق وسوريا، حيث شهدت انتكاساتها الاخيرة.

    يقول زعيم تنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا ابو المغيرة القحطاني، في مجلة الجماعة الخريف الماضي، “سيطرة الدولة الاسلامية على هذه المنطقة سوف يُسبب انهيارات اقتصادية خاصة بالنسبة لايطاليا ودول اوروبية إخرى”، وقد قُتل في تشرين الثاني في هجمة جوية للولايات المتحدة الامريكية التي يُعتبر اول استهداف ناجح ضد التنظيم المتشدد خارج العراق وسوريا.

    الصراع بين المليشيات المتناحرة شكّل ايضاً مشاكل في انتاج النفط، الحكومة ذات الميول الاسلامية قامت بالعمليات خارج طرابلس في الجزء الغربي من ليبيا٬ أما الحكومة المنافسة فإنها تقع في المدينة الشرقية البيضاء، اشتبك هذان الطرفان بعنف حتى تدخلت الامم المتحدة لتصل الى اتفاق في كانون الاول، ويدعو اتفاق السلام الى تشكيل جيش وطني كما يجب ان يكون البنك المركزي والشركة الوطنية للنفط  تحت سيطرة الحكومة المركزية الجديدة.

    الفرق المتنافسة

    المجلس هو مسؤول عن تشكيل مجلس استشاري لتكوين مجلس الوزراء المتكون من 32 وزير ولكن هذا الاقتراح رفض من قبل البرلمان قبل اسبوع، المجلس المقترح كان يتضمن العديد من الوزراء المكررين، وهذا يعكس صعوبة تشكيل حكومة شاملة تتضمن الفرق والميليشيات العسكرية الليبية المتناحرة.

    في انعدام وجود قيادة عسكرية مركزية او قوة شرطة وطنية، العديد من المنشآت النفطية الليبية تقع تحت حماية حرس المنشآت النفطية، وهي مجموعة حرة متماسكة تحت إشراف قادة الميليشيات في البلاد. يقول محمد بوباغوشا، مسؤول الحرس في ميناء النفط شرق سرت “نحن بحاجة الى مساعدة على الارض”.

    عمال ليبيون شيدوا جدار طوله 9 اقدام من النسيج والرمل والفولاذ قوي بما يكفي لتحمل سيارة مفخخة لتطويق محطة مليته للغاز على البحر الابيض المتوسط في الزاوية الشمالية الغربية من البلاد. صورة: بينوا فوكون/ وول ستريت جورنال
    عمال ليبيون شيدوا جدار طوله 9 اقدام من النسيج والرمل والفولاذ قوي بما يكفي لتحمل سيارة مفخخة لتطويق محطة مليته للغاز على البحر الابيض المتوسط في الزاوية الشمالية الغربية من البلاد. صورة: بينوا فوكون/ وول ستريت جورنال

    الجدار الذي طوله 9 اقدام يحيط بمجمع مليته للغاز والنفط، على ساحل البحر الابيض المتوسط في الركن الشمالي الغربي في ليبيا، كبير بما يكفي ليحيط سنترال بارك في نيويورك، وقد بُني الصيف الماضي عندما قام تنظيم الدولة الاسلامية بفتح معسكرات تدريب على بعد حوالي 12 ميلا الى الشرق.

    ويعتقد مسؤولون امنيون غربيون وليبيون ان تنظيم الدولة الاسلامية يخطط لمهاجمة مليته من معيكر التي تبعد حوالي 12 ميلا الى الشرق في بساتين النخيل في صبراتة، وقال عمال في مجمع النفط والغاز ان المرفق مهيئ لأي هجوم، قال معيوف ربيعة مدير أمن المنشأة المترامية الاطراف “يجب علينا ان نكون مستعدين للأسوأ” وعلى بعد 90 دقيقة بالسيارة للغرب من طرابلس في الطريق الذي يسيطر عليه الميليشيات، وهناك ثلاث قوارب مربوطة قريبا لنقل الموظفين في حال حصول اي اعتداء، تنوي الشركة تنصيب ابراج مراقبة وكاميرات عن بعد كما ينقل مصطفى علي الفارد، مدير المجمع.

    تزود المحطة 10٪ من واردات الغاز الطبيعي في ايطاليا عبر خط انابيب يمر تحت البحر الابيض المتوسط، وتشترك في امتلاكها الشركة الوطنية الليبية وأكبر شركة نفط في ايطاليا (ايني سبا)، التي رفضت التعليق على الترتيبات الامنية في المحطة. وناقش وزير الدفاع الايطالي روبيرتا بينوتي تهديد تنظيم الدولة الاسلامية لليبيا مع المسؤولين الفرنسيين والولايات المتحدة في باريس الشهر الماضي، قائلاً بأن اي تدخل عسكري خارجي يتطلب موافقة الحكومة الموحدة الليبية.

    أزمة النفط الليبي

    2

    3
    الايرادات والانتاج النفطي الليبي تحطم جراء تصاعد التحديات الامنية وهبوط اسعار النفط

    المخاوف تمتد الى الصناعة النفطية في ليبيا، وفقاً لمقابلات على متن سفينة فروة للانتاج، وهي منشأة انتاج على البحر الابيض المتوسط على بعد 60 كيلومتر عن الساحل، ويطلب مهاجرون متجهون الى ايطاليا من ليبيا في بعض الاحيان مساعدات طبية وطعام وماء كما ينقل بعض العمال المتخوفين من ان تكون المجموعة القادمة هي من متشددي تنظيم الدولة الاسلامية ولكن متنكرين. قال أحد العمال، مشيراً الى تاريخ احداث باريس، “نحن نخاف ان يفعلوا شيئا مشابهاً لما فعلوه في 13 تشرين الأول”. ظهر تنظيم الدولة الاسلامية قبل عام في ليبيا مع الهجوم المميت على فندق فخم في طرابلس، وتلاها قطع رؤوس 21 من الاقباط المصريين، في وقت لاحق، قادت المجموعة، رافعين اعلامهم السوداء، موكب من المقاتلين ومركبات محملة بالاسلحة الثقيلة من خلال سرت واطلقوا اول اعتداء على حقول النفط، طاردين معظم العمال الاجانب المغتربين التابعين للشركات النفطية الدولية.

    لازالت الصناعة النفطية صامدة ضد الهجمات الى الان، ولا زالت عائدات النفط تنتقل الى جميع انحاء البلاد، لتتيح بذلك دفع رواتب العمال في القطاع العام. لا يمتلك تنظيم الدولة الاسلامية السيطرة على حقول النفط الليبية لتضعها في طور الانتاج في العراق وسوريا، على العكس، فالمجموعة وحلفائها المحليين يضخون النفط ويكرروه ليقوموا ببيعه لتجار اتراك وللحكومة السورية في دمشق.

    في الوقت الراهن، تنظيم الدولة الاسلامية تعمل على تخريب المنشآت النفطية في ليبيا، الذي بدوره يسبب المتاعب الاقتصادية لليبيا ولبعض الدول الاوروبية التي لازالت تعتمد على الطاقة في ليبيا٬ وقال مسؤول ليبي أن المجموعة كانت على الارجح تستخدم الهجمات للاستيلاء على البنزين لبيعه خلال شبكات السوق السوداء التي تهربه الى تونس ومالطا.

    سفينة فروة للانتاج خارج الساحل الليبي. هنالك بعض المخاوف من ان المنشآت البحرية مستهدفة من قبل تنظيم الدولة الاسلامية. الصورة: بينوا فوكون/ وول ستريت جورنال.
    سفينة فروة للانتاج خارج الساحل الليبي. هنالك بعض المخاوف من ان المنشآت البحرية مستهدفة من قبل تنظيم الدولة الاسلامية. الصورة: بينوا فوكون/ وول ستريت جورنال.

    المجموعة تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ومجلتها لتجنيد المتشددين ذو الخبرة الفنية الى ليبيا، كما ينقل السيد شكري، مشيراً الى انها مجرد مسألة وقت قبل ان يتمكن تنظيم الدولة الاسلامية من الحصول على المنشآت النفطية وتوظيفها لتغذية سوق النفط من خلال ميناء سرت. عمال النفط الليبيون الذين هم على بعد شعرة من تنظيم الدولة الاسلامية يقولون ان التهديد لا يبتعد عن اذهانهم.

    منذ وقت ليس بالبعيد في مليته، اعضاء من موظفي المحطة هرعوا مع أسّرتهم في احدى الليالى على صوت عيارات نارية، مما أثار المخاوف من احتمال وجود هجوم من تنظيم الدولة الاسلامية٬ هذه المنشأة هي عبارة عن متاهة من الانابيب والخزانات المحملة بالغاز الطبيعي الذي يشتعل بسهولة، وتبين فيما بعد ان هذه العيارات كانت تبادل إطلاق النار بين مجموعتين مسلحتين محلية على عملية خطف. قال احد العاملين ان المجيء الى العمل يتطلب عزيمة فولاذية، يتسأل العامل “هل أبدو خائفا”؟


    ملاحظة :
    هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .

     

    المصدر:

    http://www.wsj.com/articles/a-divided-libya-struggles-against-islamic-state-attacks-1454552044