عُدت المصالحة الوطنية في البلدان التي مرت أما بحروب أهلية او الانتقال من حكم الاستبداد خياراً استراتيجياً لتجاوز مرحلة الماضي والانطلاق في عملية البناء، ولكل دولة تجربتها الخاصة في موضوع المصالحة الوطنية، ولكن هذا لايفقد التجارب بعض المشتركات الاساسية التي تسهم في تغذية التجارب الوليدة حالياً وفي المستقبل.
اختار العراق منذ بداية التغيير المصالحة الوطنية نهجاً للتجانس والتوحد ومنع الانقسام الاثني أو الطائفي، ولكن إرادة المصالحة لاتقع على طرف واحد بل لابد من توفر ارادة حقيقية لكل الأطراف وهذا ما نفتقده في المصالحة الوطنية في العراق لفقدان عنصر الثقة اولاً ولعدم الرغبة في التخلي عن المراكز الاجتماعية والوظيفية لبعض اطراف المصالحة ثانياً.
ولكي تكون المصالحة الوطنية فاعلة ومثمرة لابد من توفر شروط أساسية:
اولاً – الإرادة الجدية للانتقال بالمصالحة الوطنية من شعار الى منهج وسلوك تصاحبه حملة اعلامية لتحضير الرأي العام لقبول المصالحة.
ثانياً – الرغبة في التنازل عن بعض الحقوق والامتيازات بصورة متبادلة من اجل تجاوز عقدة التشدد او الاستحقاقات المذهبية والطائفية والقومية.
ثالثاً – القيام بعملية تحقيق العدالة الاجتماعية لاسيما لمرحلة ما قبل سقوط النظام وخلق شعور بعدم وجود خاسر في المصالحة الوطنية، ومع هذا فان المصالحة الوطنية تواجه عقبات حقيقية منها دستورية تتطلب مشاركة الجميع في تجاوزها عن طريق تعديل الدستور بما لايتعارض مع الديمقراطية على أن لاتكون الصيغة المعتمدة هي ديمقراطية التوافق، كما انها تواجه أيضا مسألة عدم الإجماع على أهميتها من قبل الأطراف العراقية مع إن الكل يرفع شعارها، كما انه لاتوجد رؤية موحدة لها في داخل كل مكون من المكونات العراقية مما يجعلها تحتاج الى رؤية شاملة لحل المشكلات التي أفرزتها العملية السياسية الحالية لاسيما في مجال إدارة المحافظات والأقاليم وفرز الأطر الجغرافية التي تحدد كل محافظة او إقليم سيما ان هناك مطالبات من كل الأطراف بشأن مايسمى بالمناطق المتنازع عليها من حيث العائدية الاثنية أو الجغرافية.
لقراءة المزيد اضغط هنا