فيكتور ماليت٬ رئيس مكتب الفايننشل تايمز في جنوب آسيا٬ ويغطي اقتصاد الهند والسياسة والعلاقات الخارجية.
ان تصاعد الهجمات التي يدعي تنظيم داعش تبنيها تشير بأن أفكار التنظيم تمتد نفوذه الى آسيا في دكا عاصمة بنغلادش ، قام مسلحون باستهداف الاجانب بقتل خبير ياباني في مجال الزراعة شمال بنغلاديش وكذلك موظف اغاثة ايطالي. وفي باكستان استهدف انفجار مسلمون شيعة الذي ادى الى مقتل 24 شخصاً. وفي جاكرتا عاصمة اندنوسيا تم ذبح ثمانية اشخاص في هجوم على مدنيين داخل مقهى ستاربكس في احدى المراكز التجارية. وقتل 20 شخصاً بينهم خمسة سياح صينيون في انفجار قنبلة في معبد هندوسي معروف في بانكوك.
ان مثل تلك الهجمات في الاشهر القليلة الماضية – والتي تبنى بعضها تنظيم داعش الارهابي او اتباعه – يشير الى ان الفكر العنيف والمتطرف للجماعة المتطرفة الاسلامية السنية يمتد تأثيرها بنجاح من الشرق الاوسط واوروبا الى آسيا.
في عالم الاتصالات الفوري عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ، فان تزايد الاقبال على فكر تنظيم داعش الارهابي من قبل الآسيويين الاسلاميين الشباب يجب ان لا يكون أمرا مفاجئاً. حيث تعد آسيا موطناً لحوالي مليار مسلم ، وهو ما يقارب ثلثي عدد المسلمين في العالم، وقد شهدت في العقود السابقة موجات من التطرف. اجبر الجهاديون في افغانستان الى خروج قوات الاتحاد السوفييتي السابق منها عام 1989. وبدعم من الولايات المتحدة الامريكية والمملكة العربية السعودية ، ظهر ما يعرف بتنظيم طالبان الاسلامي وتنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن. وقد شهد العقد الاول من الالفية الجديدة تفجيرات في مدينة بالي الاندنوسية في عام 2002 الذي أسفر عن مقتل اكثر من 200 شخصاً ، وهجوم مصدره باكستان على مدينة مومباي الهندية عام 2008.
ومع ذلك فان حدوث تلك الهجمات سابقاً يزيد من مخاوف الحكومات الاسيوية والغربية حول ارتفاع مستوى التطرف الاسلامي الاخير على صعيد القارة الذي تم تغذيته بواسطة حملات التجنيد عن طريق الانترنت بمساندة عدد كبير من الجماعات المحلية المتطرفة الذي اعجب قادتها بفكر تنظيم داعش الارهابي و حروبه في سوريا والعراق. واشار مركز تحليل المخاطر بواسطة الخدمات الاستشارية في (IHS) ان الهجمات الارهابية لتنظيم داعش في باريس تلهم الفصائل الاسلامية في جنوب آسيا للانضمام الى تنظيم داعش الارهابي بما فيها تنظيم القاعدة وحركة طالبان الباكستانية وجماعة المجاهدين في بنغلاديش .
وكتب عمر حميد في تقرير له ” ان مثل هذه الجماعات لن تتلقى مساعدة مباشرة من تنظيم داعش الارهابي وانما سيتوجب عليهم الاعتماد على انفسهم بالاستمرار بمهاجمة الاجانب والمنشآت العسكرية الحكومية والاقليات الدينية”.
تشعر الحكومات الغربية بالقلق وبشكل خاص ازاء روسيا وآسيا الوسطى، اللتان تعدان مصدراً هاماً للمقاتلين الاجانب الذين انضموا لتنظيم داعش الارهابي في الشرق الاوسط، وقد ادركت تلك الحكومات ان التطرف اصبح موجوداً في اجزاء اخرى من آسيا كذلك. ويقول مسؤول غربي “على نطاق القارة الآسيوية، ما يثير القلق هو تفكير الناس بخصوص الحكومات المعنية” . وبشكل اساسي فقد اصبحت هناك عولمة للتطرف الاسلامي، وظهور ايديولوجية داعش على الرغم من استمرار وجود ايديولوجيات محلية اخرى “.
ان العدد كبير من عمليات القتل الإرهابية، بما في ذلك الهجمات في جاكرتا وقتل الكتّاب الليبراليين في شوارع بنغلاديش، قد وضعت أخيراً النهاية لفكرة أن المسلمين في آسيا هم أقل عرضة للتطرف من إخوانهم في الدين في الشرق الأوسط.
وعلى سبيل المثال ان الإسلام في إندونيسيا، له سمات مأخوذة من الهندوسية وغيرها من التقاليد الجاهلية، فان ذلك لم يوقف الجماعات السنية المتزمتة مثل تنظيم القاعدة وداعش من العثور على مجندين متحمسين في اندونيسيا لقتل الأبرياء من كافة الفئات العمرية و مختلف الاديان.
تعد جنوب آسيا، وفي مركزها الهند ذات الاغلبية الهندوسية، موطناً للملايين من الروحانيين والمتصوفين المحبين للموسيقى وفيها تقاليد اسلامية متنوعة ومتسامحة تماماً كتلك الموجودة في اندنوسيا. ومع ذلك فقد قتل ما يقارب 60 ألف شخصاً في باكستان من افراد قوات الامن ومن المتشددين الذين قتلوا في هجمات ارهابية وباجراءات قمع حكومية منذ عام 2003 وجميع الضحايا تقريباً كانوا من المسلمين . وبنفس الوقت ، فمن الصعب ان نجد اي بلد في آسيا ، ربما باستثناء مملكة الهيمالايا في بوتان، لم يتأثر بفكر تنظيم داعش الارهابي او باشتراك البعض من مواطني تلك الدول الذين هاجروا الى العراق وسوريا للقتال في صفوف التنظيم . حيث تعد جزر المالديف، احدى ارخبيلات المحيط الهندي، مقصداً للسياح الاثرياء، و يعتقد انها ساهمت بمئتي مقاتل انضموا لصفوف تنظيم داعش الارهابي، وهذا العدد من المقاتلين يعد واحداً من اكبر القوات كنسبة لسكان البلاد ، وفقاً لمجموعة صوفان.
العوامل المحلية
لربما كان من السهل الاتجاه نحو التطرف عن طريق اعتماد او فرض الحكومات والمجتمعات الاسيوية ذات الاغلبية المسلمة انضمت متدرجة في التشدد كما حدث في باكستان وماليزيا. ومع ذلك فلا زيادة التشدد ولا الفكر المبتكر لتنظيم داعش قد يعني ان الآسيويين المسلمين هم مجموعة احادية قدر لهم ان يصبحوا متطرفين.
وتشير دراسة للدول الآسيوية البارزة ان تلك الدول فوجئت بمجموعة من التأثيرات بما فيها النزعة الانفصالية العرقية والنزاعات السياسية فضلا عن الاسلام السياسي والتعصب الديني وكذلك المشاعر العميقة المعادية للغرب. وفي بعض تلك الدول الاسيوية فان داعش ما هو الا تنظيم جديد انضم الى الحملات المتطرفة التي ظهرت منذ فترة بعيدة. فعلى سبيل المثال ، تكافح الحكومة الافغانية في عهد الرئيس اشرف غاني والمدعوم من قبل الغرب من اجل توفير الامان، حيث يتنافس تنظيم داعش الارهابي للحصول على النفوذ مع حركة طالبان وتنظيم القاعدة وجماعات سنية اخرى.
هناك اشارات على وجود جماعات في افغانستان تحاول ان تشكل تحالفات مع تنظيم داعش الارهابي٬ قامت مجموعة مسلحة لم يعرف عنها الانتقام “لقتل الابرياء المسلمين في سوريا” بتفجير ارهابي في 13 كانون الاول في مدينة باراتشينار ذات اغلبية شيعية، يعد هذا الهجوم مجرد مذبحة طائفية اخرى٬ ولكن حاولت جماعة عسكر جنجوي ولعدة شهور ان تصبح فرعاً من تنظيم داعش الارهابي٬ ويقول مسؤول في الاستخبارات ” ان جماعة عسكر جنجوي تحاول جاهدة للالتحاق بداعش، ذلك لحاجتهم للمال والسلاح”.
اعتقلت الهند (14) شخصاً مشتبه بهم في التعاطف مع تنظيم داعش الارهابي وذلك قبل وقت قصير من وصول الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، الى نيودلهي الاسبوع الماضي. هناك (170) مليون هندي مسلم في الهند التي تعد واحدة من اكبر التجمعات السكانية الوطنية للدين الاسلامي. ولكنهم نادراً ما يعتبرون كمتطرفين ويعتقد ان بضع عشرات منهم قد غادروا الى سوريا.
قال شيفشانكار مينون، مستشار الأمن القومي السابق، في خطابه الاخير ” ان معظم الهنود الذين التحقوا بداعش قد علمنا بأمرهم بواسطة عوائلهم والمجتمع الذي يسكنون فيه” كما اضاف مينون” ما يجب ان يقلقنا الآن هو حقيقة انه منذ 10 أعوام كنا نشعر بالفخر لعدم وجود اي هندي في تنظيم القاعدة ، ولكن اليوم لم يعد بامكاننا ان نقول ذلك”. وفي بنغلادش برز شكلين من التشدد الاسلامي خلال العام الماضي اولهما؛ كانت احدى المجموعات التابعة لتنظيم القاعدة الارهابي التي تعرف باسم انصار الله البنغالية، وقامت بقتل خمسة كتّاب ليبراليين وملحدين وقامت كذلك بتعميم لائحة باسماء اشخاص عدة مستهدفين. وثانيهما ادعى تنظيم داعش تبني العديد من التفجيرات وعمليات اطلاق النار التي اسفرت عن مقتل العديد من الاجانب ورجال الشرطة والمسلمين الشيعة ، متباهين “باعادة احياء الجهاد في البنغال”. وقد اعلنت سنغافورة في الشهر الماضي انها اعتقلت (27) رجلاً بنغلاديشياً الذين كانوا يعملون في مواقع انشائية لمساندة فكر تنظيم القاعدة وداعش الارهابيين.
وفي الوقت نفسه، صرّحت السلطات الماليزية انهم احبطوا عدة مؤامرات، وانهم يشعرون بالقلق من عدد المواطنين الذين غادروا البلاد للقتال لصالح تنظيم داعش الارهابي. وقد سعت المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة الحاكمة للحصول على تأييد الناخبين في المناطق الريفية من خلال التأكيد على برنامجها الانتخابي الاسلامي.
التحالف الطموح
باختصار، قد يكون هناك فعلاً مصلحة لداعش في آسيا ، ففي العدد الاخير من مجلة دابق تم التحدث عن قدرة الاسلام في احتلال او اعادة احتلال “عبدة البقر الهندوس والملحدون الصينيون” من “خراسان” باعتبارها الارض الاسلامية المفترضة التي ترتكز في افغانستان وغربي باكستان. وبالنسبة لتنظيم داعش فان آسيا ليست على نفس الدرجة من الاهمية كأهمية بلدان الشرق الاوسط او البلدان الاوروبية القريبة المغرية والضعيفة.
وفي الواقع يبدو ان المتشددين الآسيويين حريصون اكثر على ربط انفسهم بتنظيم داعش الارهابي من رغبة قادة داعش المراهقون في التعاون معهم . ان تنظيم داعش هو احد الجماعات السنية المتطرفة في آسيا، وكرس مفكري داعش الكثير من الوقت في مهاجمة تنظيمات مثل تنظيم طالبان التي لا يمكن ان تفرق بين ايديولوجياتهم. ويقول سيدني جونز من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات ” ان التطرف هو مجرد طيف في هذا الجزء من العالم مما يصعب رسم حدوداً فاصلة له” وقال مضيفاً ” انا لا اعتقد ان تنظيم داعش المركزي مهتم في جنوب شرق آسيا، واعتقد ان الاندونيسيين الملتحقين بتنظيم داعش في سوريا مهتمين باظهار قدرتهم في وضع دول جنوب شرق آسيا على الخريطة.
ويعتقد البعض من المحللين ان دول آسيا تواجه تهديداً لوجودها من قبل المتطرفين الاسلاميين. وفي الحقيقة فقد كان مثل هذا التهديد على استقرار باكستان الصادر من المتطرفين السنة المحليين هو ما دفع القوات المسلحة على شن هجمات ضد الجماعات المتطرفة التي ساعد المتطرفون السنة على ظهورها. ومن ناحية اخرى فان اسلام أباد لا ترغب في التخلي عن الجهاديين فهي تراهم ذات فائدة لها، اذ انهم يساهمون في زعزعة استقرار الدول المجاورة كالهند وافغانستان.
الصين
تشمل مجموعات من ضمنها: حركة شرق تركستان الاسلامية .
صعّدت بكين ردها على التمرد الذي حصل في شينجيانغ وهي منطقة تقع في شمال غرب الصين التي تعد موطنا لعشرة ملايين من مسلمي اليوغور، عقب هجوم كونميونغ عام 2014، وهي تلقي اللوم على الانفصاليين لارتكاب مثل هذه الهجمات.
باكستان
تعمل حركة طالبان الباكستانية بشكل مباشر على شن هجمات من خلال العديد من المجموعات التابعة لها . ويقول مسؤول في الاستخبارات ” ان جماعة عسكر جنجوي تحاول وبشدة ان تنضم الى تنظيم داعش الارهابي”
أفغانستان
تشمل مجموعات من ضمنها : حركة طالبان الأفغانية، وشبكة حقاني، والحركة الإسلامية لأوزباكستان وتكافح الحكومة كبح الانفلات الامني، الذي ظهر في باكستان وامتد إلى الجنوب، وآسيا الوسطى والصين من الشمال والشرق.
الهند
تشمل مجموعات من ضمنها : جماعة المجاهدين الهنود
يعتقد ان بضع عشرات من مجمل المسلمين في البلاد الذين يبلغ عددهم (170) مليون شخصاً قد ذهبوا إلى سوريا للقتال. لكن الحكومة الهندية قامت باعتقال (14) شخصاً في نيودلهي الأسبوع الماضي يشتبه بهم بانهم متعاطفين مع تنظيم داعش الارهابي .
بنغلادش
تشمل مجموعات من ضمنها: فريق أنصار الله البنغالية ، وجماعة مجاهدين بنغلادش.
فريق أنصار الله البنغالية ، هي إحدى الحركات التابعة لتنظيم القاعدة، التي قتلت كتّاب ليبراليين وملحدين ،بينما ادعت جماعات تابعة لداعش انها مسؤولة عن سلسلة الهجمات الأخيرة.
تايلاند
قام مسلمون ماليزيون متشددون بقتل الألاف من الاشخاص اثناء التمرد الذي استمر لفترة طويلة. واشارت اصابع الاتهام الى مسلمي اليوغور المتشددين القادمين من الصين بالتورط في هجوم أغسطس على مرقد في بانكوك.
أندونيسيا
وتشمل مجموعات من ضمنها: الجماعة الإسلامية ومجاهدي شرق اندونيسيا.
على الرغم من الهجوم الارهابي الاخير في جاكرتا فإن عدد الحوادث الإرهابية الخطيرة لا تزال قليلة. ولكن تخشى السلطات من عودة المقاتلين من سوريا والعراق الذي قد يؤدي الى احياء جماعات متطرفة محلية.
ماليزيا
وتشمل مجموعات من ضمنها: كتيبة نوسانتارا٬ تقول السلطات الماليزية انها أحبطت سلسلة من المؤامرات الإرهابية، ولكنها تشعر بالقلق من عدد المواطنين الذين ذهبوا للقتال في صفوف تنظيم داعش الارهابي في سوريا والعراق و غادروا بلادهم ذو الاسلام المعتدل .
الفلبين
وتشمل مجموعات من ضمنها: أبو سياف و جبهة تحرير مورو الإسلامية. يقول محلل أمني : هناك مخاوف من ان مجموعة جزر مينداناو الجنوبية المضطربة “ستكون ملاذا آمنا لأي شخص هارب وان تصبح منطقة موردة للأسلحة”.
ملاحظة :
هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .
المصدر:
http://www.ft.com/intl/cms/s/0/a181bbda-c8e1-11e5-be0b-b7ece4e953a0.html#axzz3zpxMAUxi