لم يعرف عن نظام حزب البعث الذي حكم العراق خلال الأعوام 1968-2003 أنه كان يتبنى الاسلام كإيديولوجيا أو مصدر مهم لقيمه التي كانت كانت توصف في أغلب الأحيان بأنها علمانية ذات اتجاه واحد تؤسس لنظام شمولي يتبنى المركزية والقسوة في الحكم. ولكن يبدو أن تسعينيات القرن الماضي شهدت تحرك النظام الحاكم آنذاك نحو دمج بعض الأفكار الاسلامية ضمن أدوات السيطرة والتحكم التي مارسها حزب البعث ليثبت حكمه المعزول عن المجتمع العراقي. وبغض النظر عن الأسباب التي دفعت النظام آنذاك إلى تبني مثل هذه الاستراتيجية، التي كان محورها ما أطلق عليه “الحملة الإيمانية الوطنية الكبرى”، فإن لهذه الحملة آثار وتداعيات مازالت آثارها شاخصة إلى يومنا هذا في العراق والمنطقة. ويبدو من خلال ملاحظة تطور الممارسات السياسية لحزب البعث خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ومع تنامي بما عرف بـ”الصحوة الاسلامية”، فقد سعى النظام إلى التحكم بتوجهات المجتمع الدينية عبر بلورة عناوين اسلامية تقاد وتؤطر عبر توجيهات واساليب وأطر حزب البعث. خصوصاً مع انحسار الفكر القومي الذي ركب موجته ذات الحزب في فترة سابقة. وقد وجد الحزب في السيطرة على مساحة الصحوة الدينية في العراق موقعاً يستطيع من خلاله ترسيخ واقع طائفي في الساحة العراقية طالما سعى أن يثبته من خلال الفكر القومي في فترة سابقة.
عند البحث في السياسات التي انتهجها حزب البعث خلال أواخر فترة الحرب العراقية-الإيرانية، وبعد حرب الخليج الأولى، والتي أنتجت كلاهما نظاماً ضعيفاً حاول أن يستقوي باساليب وممارسات تستند على البطش والتنكيل وعلى سياسات حاولت أن تناغم الحس الديني العام وتستفيد من الدين كي تضفي مشروعية على وجوده في السلطة، بالاضافة الى تجذير البعد الطائفي الذي درج النظام على تنفيذه خلال فترة طويلة من الزمن.
لقراءة المزيد اضغط هنا