مارتن جلوف : مراسل صحيفة الكارديان البريطانية في الشرق الأوسط .
كشف مقاتلو داعش في العراق وسوريا عن الدوافع المروعة لحركتهم المسلحة التي اختطفت الانتفاضة السورية وغيرت الشرق الأوسط.
لأكثر من قرن، كانت دابق واحدة من قرى شمال سوريا المتروكة، بقعة على سهل زراعي شاسع بين الحدود التركية وصحاري العراق،والتي لم يحتمل أن تشكل مصير أمم في يوم من الأيام. توضح علامة موجودة عند مدخلها بأن 4000 شخص يعيشون هناك،بدا إنّ معظمهم قد غادروا بحلول عام 2013بسبب عدم وجود عمل،ومؤخرا بسبب التمرد. خلال السنوات الثلاثة الأولى من الحرب الأهلية في سوريا،كان وصول سيارة غريبة يمثل إغراءً للأطفال الذين يشعرون بالملل في شوارع المدينة، حيث تهرب القطط والدجاج بعد ان يتبع الأطفال السيارة.
عمل قليل من الرجال المتبقين في داعش على مشروع بناء غريب، مسجد نصف منتهي، منزل متواضع لأحد المحليين الذي عاد لتوه بعد 10 أعوام من العمل في لبنان، أو سياج لضريح يعد تحفة المدينة الوحيد، قبر سليمان بن عبد الملك. دفن الخليفة الأموي تحت كومة من التراب في 717 ، والتي على مدى قرون عديدة نمت لتصبح تلة صغيرة. بدت الحرب وكأنها تحدث في أماكن أخرى.
كان ذلك هو الحال حتى وصول داعش مطلع عام 2014، وهو الحدث الذي خشي منه شيوخ دابق من لحظة بدء الحرب، والتي توقعها الوافدين الجدد لفترة أطول من ذلك بكثير. بالنسبة للأجانب ولقادة داعش الجدد دخلت الحرب في ذلك الحين مرحلة جديدة من شأنها أن تحول الصراع على السلطة في سوريا إلى شيء اكبر وأهم بكثير. بالنسبة لهم، كان الصراع الذي شرح البلاد ليس فقط،كما تراه المعارضة السورية، صراعاً حديثاً بين دولة لا ترحم والطبقة الدنيا المضطربة. بدلا من ذلك رأى مقاتلو داعش أنفسهم في طليعة حرب جعلتهم يعتقدون بأنهم في الأيام التكوينية للإسلام.
يذكر واحد من أقدم أحاديث النبي محمد ان دابق كموقع للمواجهة المصيرية بين المسيحيين والمسلمين، التي ستكون مقدمة لنهاية العالم. ووفقا لنبوءة أخرى، سوف تأتي هذه المواجهة بعد فترة من الهدنة بين المسلمين والمسيحيين،والتي خلالها سيحارب المسلمون، وفقط لتعريف المتزمتين السنة، عدو غير معروف،الذي يشار إليهم في شمال سوريا اليوم ب “الفرس”.
يقول الحديث “لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض يومئذٍ، فإذا تصافوا قالت الروم: خلو بيننا وبين الذين سبقوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم فيهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً، ويقتل ثلث أفضل الشهداء عند الله، ويفتح الثلث لا يفتنون أبداً، فيفتحون القسطنطينية”
الآن،بعد ما يقرب من 1500 سنة،أتت موجات من المقاتلين المدفوعين بهذه النبوءات، ويرون ان صعود داعش بمثابة نقطة تحول حاسمة في معركة استمرت لقرون عدة. لأغراضهم، فان “الفرس” ليسوا ممثلين بإيران فقط، ولكن أيضا بالنظام العلوي الذي يحكم سوريا والميليشيات الشيعية التي جاءت من مختلف أنحاء المنطقة للدفاع عنه.
بدأ المقاتلون بالوصول في صيف عام 2012، بعد أكثر من سنة على بدء الحرب في سوريا، والتي بدأت في ذلك الحين بالتأرجح لصالح المعارضة التي سعت للإطاحة ببشار الأسد بأي ثمن. على مدى الأشهر الستة التالية، جاء الأجانب من كل بقعة في العالم، فارضين بذلك إرادتهم على الجماعات المعارضة التي فشلت في الحفاظ على مكاسبهم المبكرة في ساحة المعركة، ولم تقدم خطة مقنعة لنوع المجتمع الذي سينتج في نهاية المطاف من أنقاض سوريا.
أخبرني رجل من دابق عن اليوم الذي فاز فيه داعش بالحرب في الشمال، وقال، “لقد جاءوا في رتل من الشاحنات في مطلع احد أيام العام الماضي. لم يقوموا بأي شيء سوى الاستيطان في المسجد”. وأضاف “يعرف الجميع الآن أين تقع دابق.نحن سبب قيامهم بتدمير المنطقة بأسرها “.
“إننا نعرف النبوة، بالطبع نعرفها”،قال مواطن آخر من دابق، وهو يجلس على أرضية خرسانية في منزله في نهاية عام 2013، وأضاف، “لكننا نأمل بان تكون هذه النبوءة أسطورة فقط. إن شاء الله سوف يتركونا وشأننا”. كان إيمان الرجل في غير محله. في غضون ثلاثة أشهر، أقام داعش مقر قيادته بين المنازل، وكان يرسل مئات المقاتلين مع أسرهم للاستقرار هناك.
تعد دابق، التي لا يمكن وصول الصحفيين إليها من قبل منذ تلك المحادثة، واحدة من ثلاث نقاط محورية رئيسة للحرب التي تشنها الجماعة على المنطقة، الرقة في شرق سوريا هي المحور الاستراتيجي لداعش، والموصل في العراق هو أكبر المدن التي احتلتها، ولكن دابق هي المكان الذي يسمح للمجموعة بحشد الدعم لإيديولوجيتها. في عيون داعش، تعطي الإشارة إلى البلدة في تعاليم الدين الإسلامي دفعة لهم، طبق قوي يوضع على الطاولة عند محاولة فرض النظام العالمي الجديد. ويبدو أن هذا يعمل. بالنسبة لل 20,000 أجنبي والذين سافروا للانضمام إلى ما يسمى بالخلافة الإسلامية التي أعلنت في تموز الماضي من قبل زعيم داعش أبو بكر البغدادي،تعد دابق إحدى بطاقات الدعوة المغرية للمقاتلين. لقد اختارت المجموعة دابق أيضا كأسم لموقعها على الانترنت.
وقد لعب العديد من سكان دابق الجدد أدواراً بارزة في جحافل العرب والمسلمين الغربيين الذين ساعدوا في تحويل داعش إلى قوة أيديولوجية مرعبة. “لقد انتقلوا إلى بيوتنا”،قال مقاتل من الجبهة الإسلامية، تجمع المحافظين من المعارضة السورية المسلحة التي تحارب داعش. مثل كل سكان دابق المحليين الآخرين، قال انه يخشى مقاتلي داعش وسيتحدث علنا فقط باستخدام اسم حركي ،وقال: “لقد هددوا والدي،واستولوا على بيتي،وقتلوا حيواناتنا، وسرقوا حربنا”، وأضاف “معركتنا معهم كبيرة كما هو الحال مع النظام”.
بحلول منتصف عام 2015، ملأت داعش دابق براياتها نفسها، الأعلام السوداء ترفرف فوق جميع مساجد المدنية ومبانيها. رسم على العديد من المنازل شعار المجموعة، المتمثل بخلفية سوداء تتوسطها دائرة بيضاء بها كتابات إسلامية. يمر العديد من المقاتلين بالمدينة، التي تضاعف عدد سكانها منذ استيلاء داعش عليها. ولكن،تركوا جميع السكان المحليين مدينتهم، وسلموا مزارع الخضروات للصوص، الذين يرتدون الزي الافغاني ويتجنبون معظم مظاهر الحياة الحديثة. يرتدي الكثير منهم أحزمة الذخيرة حول صدورهم، ويحمل معظمهم السلاح. كما وتم تدمير قبر سليمان بن عبد الملك، وكذلك جميع المقابر الأخرى التي لا تعد متواضعة بما فيه الكفاية. ما عدا الشاحنات، والمولدات، والأسلحة الحديثة، كل شيء آخر في المدينة يشعرك وانك في القرن السابع الآن.
هذه هي قصة سبب اختيار الرجال من جميع أنحاء العالم القتال في حرب وحشية ومروعة،وما دفعهم إلى ساحات القتال في العراق وسوريا. وما أبقى الكثير منهم هنا بينما تسارع أوروبا والغرب إلى وقف تدفقين : الأول لمواطنيها الراغبين بالانضمام لداعش، والثاني لملايين اللاجئين الفارين من بطش التنظيم.
تروى القصة إلى حد كبير من قبل خمسة رجال تكلمت معهم بشيء من التفصيل على مدى السنوات الأربع الماضية داخل سوريا والعراق. ان دوافعهم متشابهة، ولكن في بعض الحالات تكون متنوعة ومتناقضة. تحدثوا كلهم عن الإلهام من نبوة المواجهة المصيرية في دابق.يرون أنفسهم على أنهم الأضعف، محملين بالشعور بأنهم في ركب البعثة الإلهية. رسم كل رجل منهم صورة متميزة للأسباب التي دفعته للانضمام إلى الحركة التي تسببت بسرعة انهيار نظام ساد في المنطقة لقرون عدة، وتشكل تحديا مباشرا لجميع الأشكال الحالية للحكم في منطقة الشرق الأوسط، مهددة بذلك الأنظمة الاستبدادية ، والملكيات، والبلدان شبه الديمقراطية على حد سواء.
اعتقد كل من هؤلاء الرجال بأنه من خلال السفر للقتال من أجل الخلافة، فإنهم يساهمون في الحفاظ على نشر عقيدتهم، وكانوا على يقين بأنهم يعملون على استعادة الإسلام لأمجاده المفقودة، وكانوا يشعرون بالشرف والفخر بأن جيلهم هو الوحيد الذي تم اختياره لتصحيح أخطاء الماضي. يجري تقاسم هذه المشاعر من قبل العديد من الآخرين الذين التقيت بهم،من ضمنهم اثنين من كبار أعضاء داعش الذين اعتقلتهم القوات العراقية ويواجهون الآن حكما بالإعدام، احدهم مقاتل تونسي مقيم في سوريا يؤمن بان واجبه هو الانصياع لأوامر رؤسائه من دون تشكيك، والعضو الآخر هو احد الأعضاء السابقين في ميليشيا المتمردين، الذين انضموا إلى صفوف أعدائهم عندما أدرك ان المعركة تتحول لصالحهم.
لكن، كانت هناك أسباب أخرى لا تعد ولا تحصى دفعتهم للانضمام إلى الجماعة الإرهابية التي لم يكن لها علاقة وثيقة مع فهمهم للنصوص الإسلامية المقدسة أو أي معنى للحرب المقدسة. رأى البعض أنفسهم على أنهم ضحايا القمع، والبعض الآخر كأبناء أسر محرومة، واعتبر آخرون أنفسهم كمحاربين ثقافيين، وليس مجاهدين،مجادلا بأن جهاده هو التزام عملي تماما، وضروري لاستعادة الخلافة، وجلب نبوءة نهاية الزمان.
لم يرق للقليل منهم الفكرة الجماعية باستعادة إسلام القرون الأولى، جنبا إلى جنب مع المظالم المعاصرة بشأن الخسارة المذلة للسلطة على يد الغرب في السنوات الأخيرة. بحلول أواخر عام 2014، كانوا جميعا يقاتلون تحت راية أكثر جماعة جهادية تطرفا وخطورة التي تشكلت في السنوات ال 30 الماضية. ان دابق الآن هي نقطة الانطلاق لنضالهم.
في فبراير 2013،كنت على بعد أميال قليلة من الحدود التركية،واقفا على الطريق خارج مكتب حكومي استولى عليه المتمردون، وحولوه كقاعدة لهم، وقمت بالتفتيش في أنقاض دبابة تابعة للجيش السوري دمرت في معركة قبل أيام قليلة. حذرني المتمردون الذين استولوا على المكتب بأن البناء المجاور محتل من قبل الأجانب الذين عبروا الحدود للقتال في سوريا. لم تكن داعش متبلورة بعد، ولكن الرجال الذين رأيتهم داخل هذا المبنى سينضمون لداعش عندما رفعت أعلامها بعد أشهر عدة.
في أوائل عام 2013،تجمع المقاتلون الأجانب من مختلف أنحاء العالم في تلال منطقة جبل الأكراد شمال غرب سوريا، 200 ميلٍ إلى الغرب من دابق. سيطر الرجال على منازل العلويين الذين أجبروا على الفرار. التجأ المقاتلون بين عناصر الجيش السوري الحر، الذي قام،في الأسابيع السابقة،بدفع الجيش السوري جنوبا باتجاه معقل النظام القوي في اللاذقية. بينما وأنا انظر في الدبابة، اقترب أحد هؤلاء الأجانب إلى المكان الذي أقف فيه، مع كلاشنيكوف معلقة في صدره. طلب هويتي،والتي رفض إعادتها. سألته عن السبب الذي دفعه إلى ترك حياته والسفر إلى سوريا.
“عمر وعلي، هو هذا سؤالك؟” جاء رده الغامض.ان “عمر” اسم سني تقليدي، و”علي” اسم متعارف في الإسلام الشيعي. بيّن المقاتل، الذي عرّف نفسه باسم أبو محمد، طبيعة قضيته الطائفية بشكل واضح، وسرعان ما علمت أنه والمقاتلين الآخرين الذين يحتلون منازل العلويين قد محوا أي علامات على جدران هذه المنازل، وقاموا بطلائها من جديد مع الكتابة على الجدران بكلمات تروج لتفوق الإسلام السني.
أبو محمد هو مواطن لبناني يبلغ من العمر 30 عاما، ومتزوج من أربعة نساء، ويمتلك 10 أطفال ونال تعليمه من أمريكا. حاول اعتقالي لاشتباهه بأني اعمل كجاسوس. قال، “هناك أسباب تدعونا إلى القتال الآن”، كما قال بلغة انكليزية طلقة، “ان كل هذا مقدر لان يحدث.”
بعد المواجهة المتوترة على الطريق، سرعان ما انضم إلينا عناصر آخرين من الجماعة المتمردة التي كانت تستضيفني. رأى أبو محمد أن أخذي كرهينة سيكون أمراً غير حكيم، ولقد دعاني لتناول الشاي بدلا من ذلك في المنزل الذي اتخذته جماعته كقاعدة. تحدثنا أكثر عن اعتقاده بأن أولئك الذين عاشوا في الاقتصاد الغربي، وحصلوا على أجر،ودفعوا الضرائب، وعاشوا في مجتمع غير إسلامي يعدون منحرفين مثلهم مثل أولئك الذين تخلوا عن إيمانهم. بالنسبة له، لم يكن هناك أي مجال للمساومة حول إذا ما كان شخص ما يستحق الحياة الآخرة أو اللعنة الأبدية.
قال،”ستكون هذه حربا ضد عدو قوي”، وأضاف”سينتصر المسلمون. أنا هنا في مهمة إنسانية، لذا ستتمكن من مغادرة البلاد، ولكن لا تبقَ طويلا.” لم أفعل ذلك، ولكن على مدى الأشهر ال 18 المقبلة، خلال خمس رحلات إلى شمال سوريا، شهدت ارتفاعا وصعود المقاتلين في محافظات إدلب وحلب، إذ استولوا على مساحات واسعة من الأراضي في كل من المحافظتين، وخاصة في الريف، وفرضوا إرادتهم وتحدوا الوحدات المتمردة الأخرى، الذين تلقوا تدريبهم في جيش الأسد، وأرادوا دولة قومية جديدة لتحل محل ما تبقى من سوريا. رأى المجاهدون الأسد كجزء من المشكلة، ولكن هدفهم اكبر،ألا وهو إخضاع قضية المتمردين. أينما استطاعوا، كانوا يحولون المعركة من أجل مصير سوريا من معركة ضد احد أنواع الاستبداد إلى فوضى عارمة.
في الوقت الذي تم فيه تحرير مجاهد آخر صغير في السن، أبو عيسى،من سجن حلب المركزي في أواخر عام 2011، كان داعش تبني حصان طروادة، من خلال تغذية خلاياها عن طريق الحدود التي يسهل اختراقها مع تركيا،ووحشية النظام السوري، والمحاولات العقيمة لتنظيم المعارض إلى قوة متماسكة، وإطلاق سراح السجناء المتشددين. مع روابط لأقرب تنظيم قريب من المجموعة، تنظيم القاعدة في العراق،أطلق سراح أبو عيسى إلى جانب العشرات من الرجال مثله في إطار العفو الذي قدمه الأسد إلى المعتقلين الإسلاميين، والذي وصف من قبل النظام باعتباره مصالحة مع الرجال الذين تقاتلوا معهم لفترة طويلة.
معظم المتهمين من رجال القاعدة مكثوا في سجون النظام السوري سيئة السمعة لسنوات عديدة قبل اندلاع الانتفاضة ضد الأسد. “كنا في أسوأ الأبراج المحصنة في سوريا”،قال أبو عيسى، الذي كان عضوا في العديد من الجماعات التي سبقت داعش، وقاتل ضد الجيش الأمريكي في عامي 2004 و 2005 قبل أن يلوذوا بالفرار من بغداد في عام 2006. وأضاف “إذا كنت متهما بارتكاب جرائم مثل التي اتهمنا بها، سيتم إرسالك إلى سجن الأمن السياسي،صيدناي، في دمشق أو المخابرات الجوية في حلب. لم نتمكن حتى من التحدث إلى الحراس هناك. لم تكن تجربة السجن إلا عنفاً وخوفاً “.
ولكن قبل عدة أشهر من إطلاق سراح أبو عيسى، تم نقله هو ومجموعة كبيرة من المجاهدين الآخرين من زنازين العزل إلى أماكن أخرى في البلاد، إذ تم نقلهم جوا إلى السجن الرئيس في حلب، حيث تمتعوا بحياة مريحة أكثر. قال، “لقد كان مثل فندق”، وأضاف “لم نصدق ذلك. كانت هناك سجائر، والبطانيات، وأي شيء تريده. كان بإمكانك أن تحصل على الفتيات حتى”. ثم تغير الوضع بعد ذلك، خاصة بعد وصول طلاب الجامعات الذين ألقي القبض عليهم في مدينة حلب للاحتجاج ضد نظام الأسد.
“لقد كانوا أطفالاً مع ملصقات وشعارات، وتم إرسالهم إلى السجن مع الجهاديين” قال وأضاف “كان احدهم شيوعيا وتحدث عن وجهات نظره للجميع. كان هناك رجل من تنظيم القاعدة في السجن، وفي العادة هو مهذب جدا لكنه غضب من كلام هذا الرجل، وقال إذا رآه مرة أخرى فانه سيقتله”. وصل أبو عيسى والمعتقلون الإسلاميون الآخرون إلى الرأي القائل بأنهم نقلوا إلى سجن حلب لسبب ما، وهو غرس خط أيديولوجي صعب في طلاب الجامعات الذين كانوا في طليعة الانتفاضة في أكبر مدينة سورية.
في اليوم نفسه الذي أطلق فيه سراح أبو عيسى والعديد من أصدقائه، قامت الحكومة اللبنانية، التي تدعمها دمشق،بالإفراج أيضا عن أكثر من 70 مجاهد، كثير منهم تم أدانته بجرائم الإرهاب ومحكومين بفترات طويلة. أصابت عملية إطلاق سراح هؤلاء الإرهابيين المسؤولين الغربيين في بيروت بالحيرة، الذين كانوا يرصدون مصائر العديد من المجاهدين المتهمين في سجون لبنان لأكثر من أربع سنوات. بعضهم ارتبط ارتباطا مباشرا بالانتفاضة الدامية في مخيم اللاجئين الفلسطينيين في نهر البارد في يوليو 2007، مما أدى إلى مقتل 190 جندياً لبنانياً في المعارك، والتي قادت إلى تدمير معظم مخيم نهر البارد. الادعاء بأن النظام السوري ساعد في صعود التطرف لتنقسم المعارضة يعيد تأكيد روايتها الخاصة بأن الحرب كانت على الإرهاب في المقام الأول، وقد تكرر هذا الادعاء على نطاق واسع خلال السنوات الخمسة الماضية. لقد تمركز هؤلاء المتطرفون في مركز التيار الرئيس المعارض في شمال سوريا، والذي قال بأنه فقد أكثر من 1500 رجل أثناء طرد داعش من إدلب وحلب في أوائل عام 2014. في الوقت نفسه الذي تقاتل فيه المعارضة المجاهدين،تمكن النظام السوري، الذي لم يتدخل، من المضي قدما في جميع أنحاء المدينة لأول مرة خلال الحرب. “لم يكن هناك سبب آخر لبقاء المجاهدين السلفيين في ذلك السجن، وللطلاب ليكونوا معنا”، قال أبو عيسى، الذي يعيش الآن في منفاه في تركيا. “لقد أرادوهم أن يصبحوا متطرفين. لو بقى الاحتجاج في الشارع، لأطاح [بالنظام] في غضون أشهر، وكانوا يعرفون ذلك “.
قال أبو عيسى انه بين المجاهدين لم يكن هناك في البداية أي حديث بشأن إمكانية إطلاق سراحهم. ان هذا مريح لمعرفة انه كان بإمكاننا الخروج من قبضة نظام كان يقوم بابتلاع إرهابيين آخرين على مدى العقود الماضية. “لا أحد يريد أن نعترف بهذا، في البداية”،وأضاف “لكن مع مرور الوقت، عرف الجميع بما كان يحدث. لقد تم إطلاق سراح بعض الإرهابيين المهمين جدا ذلك اليوم. لقد فعلوا ما كان متوقعا منهم وتوجهوا مباشرة للانضمام إلى القتال ضد النظام. كانت تلك أول لحظة تتوقف فيها الحرب عن كونها تدور حول الحقوق المدنية”.
في أوائل عام 2013، انشأ المجاهدون معسكرات داخل الحدود السورية فقط، تبعد العديد منها ميلين عن المعابر الرئيسة من تركيا. يدير المعسكرات مقاتل سعودي يدعى غزوان من بلدة قريبة تدعى إعزاز. يعطى المجندون الجدد تدريبا أساسيا لمدة 30 يوما ودروساً قرآنية مكثفة، ثم يتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية. يمكن رؤية علم تركي الضخم، بحجم مبنى مكون من طابقين، يرفرف فوق مخفر حدودي قريب.
في ذلك الوقت،التقيت بمجاهد عراقي لم يكن خجلا من ماضيه ويدعى بأبي إسماعيل. “كنت عضوا في تنظيم القاعدة من 2005 إلى 2011″، قال لي محدقا بعيونه السوداء بشكل ثابت. أضاف “انضممت لهم مع والدي عندما كان عمري 16، وبصرف النظر عن مدة الشهر والنصف التي قضيتها في السجن، كنت نشطا جدا في كل شيء”. الآن بعمر 23،شق أبو إسماعيل طريقه إلى الباب في محافظة حلب في النصف الثاني من عام 2012، وقبل بوصفه مقاتلاً مساعداً من قبل وحدة المعارضة المحلية، لواء التوحيد. “نحن لا نثق بتنظيم القاعدة”، قال المرشد العام للجماعة الشيخ عمر عثمان في ذلك الوقت. وأضاف “إنهم لا يريدون ما نريد، ولكن كمسلمين يجب علينا أن نقبل أبناء السبيل، وخاصة إذا جاءوا للمساعدة.”
قال أبو إسماعيل بأنه كان واحدا من العديد من العراقيين الذين سافروا إلى سوريا. بالنسبة له ولأمثاله،كانت الحرب الأهلية امتدادا لخط الصدع نفسه الذي مزق العراق وحوله إلى قسمين بين عامي 2005 و 2007، بسبب الصراع على السلطة بين السنة والشيعة. على الرغم من ان خطوط المعركة قد رسمت على التنافس السياسي الحديث جدا، إلا ان أبا إسماعيل قال لي بأنه يعتقد ان الصراع متجذر في الانقسام التاريخي بين الطوائف التي حدثت في بلاد ما بين النهرين قبل أكثر من ألف سنة. “هناك نحو 50 عراقيا في كل منطقة من شمال سوريا وربما أكثر”، قال. “لم يكن من الصعب الوصول إلى هنا، وليس صعبا العثور على مجاهدين آخرين. يمكننا المحاربة حيث ما نريد ومتى نريد، وان شاء الله سوف ننتصر”، أضاف.
في أوائل عام 2012، التقيت برجل آخر يدعى أبو أحمد، الذي جاء أيضا من رحم التمرد في العراق، منجرا إلى التشدد لاعتقاده بأن السنة قد تعرضوا لخسارة مدمرة للسلطة في أعقاب الغزو الأميركي. لقد كان تابعاً للمجموعة من أيامها الأولى، ووصف لي كيف نظموا أنفسهم أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، وذلك باستخدام سجن معسكر بوكا كحاضنة الإرهاب الذي سيظهر لاحقا. “بحلول عام 2010،لم ينجح التمرد في العراق”، قال. “ولكن بعد ذلك أصبحنا نشيطين مرة أخرى”، أضاف.
كان النصف الثاني من عام 2012 في سوريا عندما جاء عراقيون مثل أبو إسماعيل للانضمام للقتال، الذي كانت حاسمة لداعش. قال أبو أحمد في وقت لاحق لي بأنه خلال هذه الأشهر تحقق ما فشلت المجموعة في تحقيقه في السنوات ال 10 السابقة. “لقد فقد بعضهم الأمل، ولاذ البعض الآخر بالفرار بعيدا” قال. “ولكن كل شيء يعمل بشكل جيد الآن. يقوم الناس الذين انسحبوا فيما مضى بالانضمام للمجموعة مجددا”، أضاف.
يحارب بعض قدامى المحاربين العراقيين مع وحدات المعارضة في سوريا، ويقبع البعض الآخر في السجون السورية. لكن كبر الكثير وانتقلوا للمحاربة مع داعش. بينما تبرأ آخرون، مثل أبو أحمد، من العقيدة المرتبطة بداعش ويخشون من الدعوة التي لا مفر منها من الرجال الذين يقودون الفريق الآن. إنّ لم الشمل سيكون عبارة عن مباراة تنافسية، خصوصا مع وصول مقاتلين جدد.
وبحلول نيسان 2013، بلغ عدد العراقيين الذي يقاتلون في سوريا 5000 شخص على الأقل، وازداد هذا العدد يوميا. تحول قدامى المحاربين العراقيين من الكفاح ضد الاحتلال الأمريكي، والحرب الطائفية ضد الشيعة، إلى سوريا، وبدأوا بأخذ مناصب قيادية في مجموعة جديدة من شأنها أن تستوعب قريبا الزي الجهادي الأكثر تنظيما وقدرة في سوريا،جبهة النصرة. خلال ذلك العام، كان الوافدون يتمتعون بمميزات عادية، سواء في مناطق الحرب على طول الحدود التركية، وعلى الرحلات الجوية من اسطنبول إلى غازي عنتاب أو أنطاكية، اثنين من نقاط الانطلاق الرئيسة للمقاتلين الذين يريدون العبور إلى سوريا.
على كل رحلة قام بها على أحد هذين الطريقين من أيار 2012 إلى ايار2014، كان هناك على الأقل خمسة مجاهدين على متن الطائرة،في طريقهم بشكل واضح للانضمام إلى القتال. يرفض معظمهم الجلوس بالقرب من امرأة، كما يستخدم بعضهم تلاوات قرآنية كنغمات رنين. يستطيعون الصعود والنزول من الطائرة بدون أي مشكلة. وفقا للسائقين الذين يستقبلون هؤلاء المقاتلين، فإنهم عادة ما يتوجهون مباشرة من المطار إلى الحدود. “أخذت أربعة رجال في أسبوع،واثنين في الأسبوع الذي تلاه”، قال سليمان سينار، وهو سائق سيارة أجرة في أنطاكية، في أيلول 2013. وأضاف “إنهم يعرفون إحداثيات GPS للمكان الذي يريدون الذهاب إليه. أقوم بتركهم على جانب الطريق، ويكملون مشوارهم سيرا عبر الغابة مع أمتعتهم “.
تمركز نمو داعش بعد وصول رجل مسن بلحية رمادية، استوطن في منزل في بلدة شمال سوريا تدعى تل رفعت. كان اسم الوافد الجديد سامر الخليفاوي.وصل الخليفاوي مع زوجته وخطط لكيفية إدارة دولة أمنية بطرق كان قد تعلمها من أيامه كعقيد في سلاح الجو التابع لصدام حسين.فقد الخليفاوي، مثله مثل أي عضو آخر في القوات المسلحة في زمن صدام حسين، وظيفته،ومعاشه، وأي فرصة من فرص العمل المجدية بعد أن حل بول بريمر الجيش العراقي، الذي ينتمي الكثير من أعضائه، وخاصة كبار الضباط، لحزب البعث المحظور.
في السنوات التي تلت إقالته،انظم الخليفاوي، إلى جانب العشرات من البعثيين الآخرين، إلى مجاميع مختلفة. فقد انظم بعضهم إلى التمرد ضد الولايات المتحدة، والذي لم يكن يدور في ذلك حول أسس إسلامية بشكل كبير. انشأ الآخرون، مثله، شبكاتهم الخاصة، وتواصلوا مع البعثيين في سوريا، الذين عرضوا عليهم اللجوء وساعدوهم مع خطوط الإمداد. في 2007 تحالفت الجماعات الإسلامية، من بينها الجماعات الجهادية السلفية مثل تنظيم القاعدة في العراق، مع بعض البعثيين، وهو تحالف لم يكن ممكنا في عهد صدام، الذي نظر إلى المجاهدين المنظمين كواحد من أكبر الأخطار التي تهدد حكمه.
أعطت هذه التحالفات المجاهدين المكر التكتيكي والعضلات العسكرية للبعثيين والتي لم يمكن أن يحصلوا على احدها دون الآخر. كما هو الحال لتنظيم القاعدة في العراق، ثم دولة العراق الإسلامية، والآن داعش، كان هذا التحالف سببا لجميع إنجازاتهم. أصبح الخليفاوي، احد الذين تمكنوا من البقاء تحت الأرض منذ ما يقرب من عقد من الزمن بعد سقوط بغداد، وجها بارزا ومهما على نحو متزايد في داعش.
حالما وصل الخليفاوي إلى تل رفعت، بدأ بوضع جذور داعش. كان هدفه إقامة نظام وهيكل سيمكن داعش من ان تتسلم في نهاية المطاف المجتمعات التي جاء منها أمثاله.تم إرسال نحو 50 عراقيا معظمهم من قدامى المحاربين الموثوق بهم مثل الخليفاوي، أو في بعض الحالات أبنائهم بعد ذلك بقليل إلى سوريا، الذين استولوا على الوظائف وتمكنوا من التسلل إلى الحياة القبلية والمجتمعية من منازلهم. ألّف الخليفاوي الوثائق التي تم الكشف عنها في وقت لاحق من قبل كريستوف رويتر في دير شبيغل، التي أظهر كيفية قيامه بالتخطيط مع كفاءة عالية لتخريب المجتمعات في الشمال. لقد قاتم بتشجيع الشباب العراقيين لإقامة الجمعيات الخيرية التي سوف تستخدم كواجهات لتحديد قوة القبائل والعشائر ومحاولة الزواج من بناتهم. كما تم الإشارة إلى المجاميع المنافسة لهم، والذين سيتم القضاء عليهم في الوقت المناسب. لم ترَ المجتمعات التي قبلت هؤلاء الغرباء كأبناء سبيل وساعدتهم ما كان قادما.
قال أبو عبد الله، وهو مقاتل في المعارضة من تل رفعت “في احد أيام كانون الثاني، قام هؤلاء برفع رايات سوداء”. واضاف “لم يعرف احد ما يجب القيام به.”
في غضون أشهر، كانت القطع في أماكنها ليبدأ البغدادي بحركته. أعلن في نيسان ان جبهة النصرة، المجموعة التابعة لتنظيم القاعدة،بأنها ستنضم إلى داعش. بعد ظهر ذلك اليوم نفسه،توجه رجال البغدادي، ومعظمهم من العراقيين مثل أبو إسماعيل، إلى وسط حلب، وبدأوا بطرد أعضاء جبهة النصرة من قاعدتهم الرئيسة في مستشفى المدينة، ثم صبغوها بالأسود وسيطروا على المدينة.
في شمال سوريا، تكرر المشهد مع الكفاءة وعدم رحمة. أثبتت أول غزوتين جريئتين للمعارضة السورية وللمنطقة بان داعش قد أصبح منظمة تطابق أقوالها بالأفعال. “لقد كان هذا وقتاً مهما للغاية بالنسبة لنا”، قيل لي من قبل عضو آخر في داعش، أبو صالح. متمركز الآن في الفلوجة، كبر أبو صالح في دوائر الإخوان المسلمين في بغداد، وانضم إلى العشرات من أصدقائه في غرب العاصمة في التمرد المناهض للولايات المتحدة الذي نشأ بعد عام 2003. بعد ان كان واحدا من شباب الشوارع الأذكياء والمخاطرين، أصبح مؤمنا حقيقيا بالذي تقاتل داعش من أجله، على الرغم من انه اعترف بحرية لي بحبه للزخارف الغربية مثل السيارات، والتكنولوجيا، والأسلحة، وقد صعب هذا عمله في بعض الأحيان بسبب مطالب قادته منه. لكنه تنشط أيضا بالصراع الممتد عبر الحدود. قال، “لم تسر الأمور بشكل جيد دائما في العراق”، وأضاف “كانت هناك أخطاء، وكان علينا أن نتحلى بالصبر، ولكن سوريا ساعدتنا على إحياء أنفسنا، ومن شأنها أيضا أن تساعد في إحياء الخلافة “.
بعد مدة وجيزة من طرد داعش لجبهة النصرة في نيسان 2013،قتل أبو محمد، المقاتل اللبناني الذين حاولوا اعتقالي في شمال سوريا،أثناء مشاركته في هجوم على قاعدة جوية للنظام بالقرب من الحدود التركية. كان قد تنبأ بموته أثناء حديثنا الطويل قبل شهرين. قال، “أريد هذا أكثر مما أريد الحياة”، وأضاف “هذا هو مصيرنا.”
أصبح أبو أحمد، والذي ما زلت على اتصال منتظم معه،أكثر انخراطا مع داعش منذ منتصف عام 2013. لا يزال أبو احمد ساخطا على الجماعة التي يعتقد أنها انحرفت عن هدفها الأصلي، ألا وهو قتال الجيش الأمريكي والدفاع عن أهل السنة ضد التهميش الذي واجهوه في عراق ما بعد صدام. ولكن حتى مع تردده، لا يزال يعتقد بأنه يساعد في استعادة أمجاد مفقودة،أمجاد كل من الحضارة الإسلامية القديمة والعصر الأحدث من السلطة السنية، من خلال القتال ضد إيران ونظام الأسد. قال، “هذا مجرد واقع”، وأضاف “إن الأمريكيين يعملون مع إيران ضد السنة. هذه ليست نظرية مؤامرة “.
أصبح أبو إسماعيل أميراً في شرق سوريا وبعد، ربما عن غير قصد، لعب لدور رئيس في سيطرة داعش على جزء كبير من شمال البلاد. وقد أخذته خبرته واختصاصه إلى حماه وتدمر، إلى الشمال الغربي من دمشق، إذ دمر مقاتلو داعش وبشكل منهجي واحداً من أهم المواقع الأثرية في العالم في محاولة إعادة المنطقة إلى السنة صفر هجرية.
وفي الفلوجة، ما زال أبو صالح، مجاهد شاب بغداد، في الخطوط الأمامية، ملتزما بالسبب الذي يصر على انه صحيح. “كل هذا،الغزو الإيراني، وقدوم الأمريكان، وسقوط بغداد، وصعود دابق، كان متوقعا. لن نتوقف حتى ننتصر في سبيل الله “.
في الوقت نفسه، يسعى أبو عيسى لكسب العيش في تركيا. لا يزال العديد من أصدقائه من أيام الحركة الجهادية على اتصال دائم معه، مثلهم مثل الرجال الذين أمضى بعض الوقت في السجن معهم، مزيج من الإخوان المسلمين، رجال انخرطوا مع تنظيم القاعدة، والبعض الآخر من الذين انخرطوا في القتال لتصورهم إنهم مظلومون، وغيرهم الكثير الذين بدأوا يحتجون في عام 2011، والذين لم يروا سبباً آخر باستثناء امتلاك صوت في تشكيل حكومة شاملة.
“تماما مثلما أراد النظام، أصبح البعض منهم مجاهدين”، قال أبو عيسى لي، وأضاف “لكن معظمهم تلاشوا وفقدوا الأمل. ان معظم المقاتلين الآن هم مجاهدون لديهم أمل، إذ ان لديهم الكثير من المواضيع التي يؤمنون بها، ولقد اختاروا الواحد الذي يناسبهم.”
المصدر:
http://www.theguardian.com/world/2015/sep/17/why-isis-fight-syria-iraq