back to top
المزيد

    التحركات الروسية في سوريا توسع دورها في الشرق الأوسط

    ايرك شميت، ومايكل جوردن| صحيفة النيويورك تايمز

    ارسلت روسيا بعض من دباباتها الحديثة لقاعدة جوية جديدة في سوريا، وقد علق مسؤولون أميركيون الاثنين عنه بأنه جزء من تراكم متصاعد يمكن أن يعطي موسكو مركزاً عسكرياً هو الأهم لها في الشرق الأوسط منذ عقود.

    قال مسؤولون في البنتاغون أن الأسلحة والمعدات الروسية التي وصلت الى سوريا تشير إلى أن خطة الكرملين تدور حول تحويل مطار جنوب اللاذقية في غرب سوريا إلى مركز رئيسي يمكن استخدامه لجلب الإمدادات العسكرية لحكومة الرئيس بشار الأسد، وقد تكون أيضاً نقطة انطلاق لشن هجمات جوية لدعم القوات الحكومية السورية. قال النقيب جيف ديفيس، المتحدث باسم البنتاغون “لقد شهدنا بأن حركة الناس والأشياء  من شأنها أن تشير إلى ان القاعدة الجوية جنوبي اللاذقية يمكن استخدامها كقاعدة عمليات جوية متقدمة “.

    ويقول الخبراء العسكريون الأميركيون المختصون بتحليل صور الأقمار الصناعية وغيرها من المعلومات بأن روسيا تمتلك حوالي نصف دزينة من دبابات  T-90،و 15 مدفع هاوتزر، و35 ناقلة جنود مدرعة، و200 جندي في البحرية، واماكن سكن لما يصل إلى 1500 فرد في المطار بالقرب من منزل اجداد عائلة الأسد. وقال المسؤولون ان هناك الكثير قادم على الطريق، في الوقت الذي تحاول فيه روسيا زيادة نفوذها في سوريا في ظل الحرب الأهلية هناك.

    صرح سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، وفقا لما نقلته وكالات الانباء الروسية يوم الاحد. “كان هناك إمدادات عسكرية، وهي مستمرة، وسوف تستمر”“ومن دون شك فان هذه المعدات مصحوبة بخبراء روس سيساعدون على ضبطها ويقومون بتدريب الموظفين السوريين على كيفية استخدام هذه الأسلحة”. لم يرسل الروس طائرات هجومية الى المطار، ولم يصرح الكرملين ما إذا كانت الحكومة الروسية ستفعل ذلك. لكن الحشد العسكري من جانب روسيا، التي دعمت الرئيس الأسد خلال الحرب الاهلية في الاربع سنوات ونصف الماضية، يضيف نقطة احتكاك جديدة في علاقاتها مع الولايات المتحدة.

    قال اندرو فايس،نائب رئيس الدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي،وهو خبير روسي سابق في مجلس الأمن القومي،ووزارة الخارجية،والبنتاغون. ” لا أعتقد أن الحكومات الغربية مستعدة لفعل الكثير لإبطاء أو منع المسار الخطر الذي تجري فيه روسيا”، في الواقع لقد تراجعت الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لوقف تدفق الإمدادات. ما لا يقل عن 15 طائرة نقل روسية عملاقة من كوندوراستخدمت في الأسبوع الماضي ممراً جوياً فوق العراق وإيران لنقل المعدات العسكرية والأفراد إلى القاعدة، وقال مسؤولون عسكريون أميركيون وافقوا على التحدث عن التقديرات الاستخبارية السرية بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

    أغلقت بلغاريا مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية الروسية الاسبوع الماضي بناءاً على طلب من الولايات المتحدة. ولكن العراق لم يفعل،على الرغم من قيام الدبلوماسيين الأمريكيين بالتحدث حول مخاوفهم مع الحكومة العراقية بشأن الرحلات الجوية الروسية خلال اجتماع في يوم 5 ايول. على الرغم من تحذيرات إدارة أوباما للروس بشكل علني، الا ان المسؤولين الأميركيون رفضوا مناقشة مناشدتهم للحكومة العراقية علناً. تولى رئيس الوزراء حيدر العبادي منصبه بدعم من الولايات المتحدة، ولكنه ما زال يحاول إقامة سلطته في الداخل. ويشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق من تقويضه واضعافه.

    ومما يزيد من التحديات التي يواجهها السيد العبادي هو صعوبة الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، وإيران، وروسيا في نفس الوقت. في الوقت الذي تم إرسال 3500 مستشار أميركي لمساعدة العراقيين في محاربة داعش،تلقى العراق أيضا الدعم العسكري لتلك المعركة من إيران، التي تدعم الأسد ايضا. ويشتري العراق الأسلحة من موسكو أيضا، التي قام السيد العبادي بزيارتها في شهر ايار. مع امتلاك العراق للقليل من الطائرات، فان قدرته محدودة في الدفاع عن مجاله الجوي. ولكن يمكنهم القول للروس بأنهم لايمتلكون تصريح للطيران عبر مجالهم الجوي وطلب المساعدة الأمريكية في الكشف عن وتثبيط الرحلات الروسية.

    قال جون كيربي،المتحدث باسم وزارة الخارجية. ” بغض النظر عن الممر الجوي الذي يتم استخدامه، كنا واضحين بشأن مخاوفنا بشأن استمرار الدعم المادي لنظام الأسد” ، “نحن لا نتحدث عن المحادثات الدبلوماسية، لكننا طلبنا من أصدقائنا وشركائنا في المنطقة بطرح أسئلة صعبة على الروس.” رفض المتحدث باسم السيد العبادي في بغداد التعليق على ذلك .

    يمكن للتعزيزات العسكرية الروسية في سوريا أن تخدم مصالح الكرملين بعدة طرق، ويمكن أن تساعد على تعزيز قوة الأسد، الذي دعمته روسيا منذ فترة طويلة، والذي فقد الكثير من ثرواته وقوته العسكرية في الأشهر الأخيرة. قال جيفري وايت، وهو ضابط دفاع سابق في وكالة الاستخبارات الذي يدرس سوريا بشكل مفصل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، “يبدو أن استمرارهم في عملية بناء قوة قتالية كبيرة للتدخل السريع في سوريا يمكن أن يعطي النظام ميزة حاسمة في ميدان المعركة”.

    تزيد هذه العملية أيضاً من ادرامية دعوة روسيا لمحاربة داعش مع ائتلاف جديد يشمل ايران والحكومة السورية. ويمكن أيضاً أن يضع روسيا في وضع أفضل للتأثير على تشكيل حكومة جديدة إذا ما غادر الرئيس الأسد السلطة في نهاية المطاف.

    يبدو أن روسيا تعمل ايضا إلى تدعيم مصالحها الاستراتيجية في سوريا وإلى حد كبير تعزيز قدرتها على استعراض قوتها في سوريا والدول المجاورة، من خلال انشاء مطار جديد يعمل على تكملة القاعدة البحرية في مدينة طرطوس الساحلية، بغض النظر عما ستؤول اليه الأحداث في البلد. قال ستيفن بلانك، وهو خبير في الجيش الروسي في مجلس السياسة الخارجية الأمريكية، ” يمثل هذا اهم مشروع للسلطة الروسية في المنطقة منذ عقود” شبهه هذا التحرك بالتحرك الروسي مع مصر في السبعينيات مضيفا “سيكون هذا تعزيزا لنفوذ روسيا في جميع أنحاء بلاد الشام.”

    قد تصبح المرحلة التالية من الخطة الروسية أكثر وضوحا عندما يأتي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الأمم المتحدة في وقت لاحق من هذا الشهر ويحدد مقترحاته للتعامل مع سوريا. قال السيد فايس “لقد قام الروس بعمل بارع بتغيير الموضوع عشية وصول فلاديمير بوتين الى نيويورك للمشاركة بالدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة”. أضاف السيد فايس “بدلا من قبول رفض البيت الأبيض حول رغبة بوتين بعقد اجتماع مع أوباما ، يحاول الروس القول بأن عليكم التحدث معنا حول سوريا”، “لقد قام الايرانيون بالاشارة الى ذلك ايضا حتى قبل نشر قوات القدس من خلال ارسال حزب الله. ان دور موسكو الآن للعب هذا الدور،الذي يهدف إلى حد كبير لدعم النظام “.ويبدو أن الجهود الروسية ستتيسر من قبل إيران التي تدعم أيضا حكومة الأسد، والتي أعطت الإذن للروس بالتحليق فوق أراضيها.

    في أواخر تموز، يعتقد بان اللواء قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس، الذي يقوم بتوجيه الدعم العسكري الايراني للأسد، بأنه قد ذهب إلى موسكو على الرغم من حظر السفر الذي قامت به للأمم المتحدة. نفى المسؤولون الروس حدوث الزيارة،ولكن اثنين من المسؤولين الأميركيين، طلبا عدم الكشف عن هويتهما لأنهما يناقشان معلومات سرية، قالا بانهما على قناعة بقيام الجنرال سليماني بالرحلة.

    اتصل وزير الخارجية جون كيري مرتين بالسيد لافروف، وزير الخارجية الروسي،للتحذير من امكانية زيادة الحشد العسكري من حالة الفوضى داخل سوريا، وقد تؤدي إلى مواجهة غير مقصودة مع القوات التي تقودها الولايات المتحدة والتي تنفذ ضربات جوية ضد داعش. قال السيد كيربي “ما نود أن نراه هو التحرك نحو عملية الانتقال السياسي هنا” ، “ما زلنا نعتقد بان هناك فرصة لمتابعة هذا النوع من التحول بالتنسيق مع السلطات الروسية”. أضاف  ” ولكن لا يمكن أن يبدأ هذا الانتقال مع فتح واستمرار المساعدة والتحريض لنظام الأسد” ، طلب السيناتور جون ماكين الذي يرأس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، من ادارة أوباما بأن تفعل المزيد لتثبيط الرحلات الجوية الروسية. قال في تصريح له  “تشارك روسيا الآن في حشد عسكري خطير في سوريا مستفيدة من التقاعس الأميركي ، والذي يتم بدعم من رحلات الإمداد من خلال المجال الجوي الايراني والعراقي، على الرغم من تعبير كيري وغيره من مسؤولي الإدارة عن قلقهم” ولكن ماكين لم يحدد ما العمل الذي يجب على الولايات المتحدة القيام به في هذه المرحلة.

    المصدر:

    http://www.nytimes.com/2015/09/15/world/middleeast/russian-moves-in-syria-widen-role-in-mideast.html