جيريمي بندر
سرت شائعات في نهاية الشهر الماضي تقول إن روسيا وبسبب استيائها من الصعوبات التي عانى منها النظام السوري على يد داعش والجماعات الثائرة، قد تكفلت بتقديم قوة واسعة النطاق لدعم نظام الأسد المتعثر. ولكن هذه التقارير غير مؤكدة ولا تتجاوز عن كونها شائعات مصاغة بالاعتماد على أدنى كمية من الحقائق، حسبما قال مارك جاليوتي لبزنس إنسايدر وهو أستاذ في جامعة نيويورك متخصص في الشؤون العالمية والدراسات الروسية.
في الواقع، هذه الشائعات تغفل عن واحدة من القصص النامية الأهم بالنسبة للصراع السوري. ووفقاً لجاليوتي: “ترى روسيا الأسد كقوة مستهلكة”، وعلى الرغم من أن موسكو ترى أن الأسد قد “استهلك” لا تزال روسيا غير راغبة برؤية النظام السوري ينهار. وفي الوقت نفسه، لا تبدو موسكو راغبة في إدراج نفسها في الكابوس الجيوسياسي السوري، بتكلفة سياسية واقتصادية هائلة، لدعم هذا الشخص الذي تعتقد في نهاية المطاف أنه على طريقه للخروج من السلطة.
وقال جاليوتي: “إنها مستعدة لرؤية تسوية تؤدي إلى ذهاب الأسد إلى المنفى بشرف؛ على الأرجح، إلى روسيا نفسها”. وأضاف “من الواضح أن روسيا لا تريد للنظام أن يسقط، ولكن ما الذي يمكنها فعله حقًا؟ قد يزيد الروس تواجدهم في دمشق لما يقرب من 5000 جندي. ولكنهم في الواقع ينشرون ربما أكبر عدد مستطاع من القوات في دونباس (شرق أوكرانيا) دون نتائج كبيرة”.
بالإضافة إلى ذلك، قال جاليوتي إن روسيا لن تقوم بإرسال قوة تدخل سريع كبيرة إلى سوريا لمنع البلاد من مواجهة التداعيات التي من المرجح أن تواجهها. وموسكو ليست مستعدة لأن ينظر إليها على أنها مجموعة من “الإمبرياليين السيئين للغاية”. ويلاحظ الباحث أنه حتى إذا ما قررت روسيا شن عملية واسعة النطاق في سوريا، فإن الكرملين يفتقر ببساطة إلى القدرات اللازمة لإجراء مثل هذا الانتشار في الخارج. وتعد روسيا غير قادرة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً على إرسال قوات إلى سوريا بشكل جماعي وكبير. حتى لو تمكنت موسكو من تنفيذ مثل هذه العملية، لن تكون هناك أي طريقة لمنع ملاحظتها من قبل دول المنطقة، مثل إسرائيل أو تركيا.
وتعتمد الادعاءات بأن روسيا قد تورطت بقوة واسعة النطاق للقتال نيابة عن نظام الأسد في سوريا إلى حد كبير مع استمرار بيع موسكو الأسلحة والمعدات لدمشق. وكتبت مدونة Oryx أن الأصوات الناطقة باللغة الروسية التي ظهرت في تسجيل لقوة الدفاع الوطني السوري في الخطوط الأمامية تثبت أن الجيش الروسي يشارك مباشرة في قتال الثوار. ولكن جاليوتي يقول إن هذه الأدلة لا تثبت شيئاً أكثر من استمرار استعداد الكرملين لبيع الأسلحة والمعدات للأسد. ويرتبط بيع هذه المعدات بتوفير المدربين والمشرفين الروس. وبالتالي؛ من المرجح أن أصوات هؤلاء هي المسموعة في التسجيل المشار إليه سابقاً.
وأضاف الباحث: “يرتبط وجود المدربين بوجود المعدات. وتعني هذه المجموعة الجديدة من الأسلحة أنه سيكون هناك مدربون، ومشرفون، وعدد صغير من القوات لحمايتها. إن هذا التواجد العسكري مرتبط إلى حد كبير على الأرجح بشراء الأسلحة”. وقال جاليوتي إن بيع الأسلحة هو طريقة من ثلاث طرق فقط يمكن لموسكو من خلالها تقديم مساعدة مجدية للنظام السوري. وتتمثل الطرق الأخرى في أن تساعد روسيا من خلال توفير الغطاء السياسي للأسد، أو من خلال تزويد النظام بالمعلومات الاستخباراتية.
وفي نهاية المطاف، يعد دور روسيا في سوريا أكثر تعقيداً من مجرد تقديم الدعم الأعمى لنظام الأسد. وفي منتصف آب (أغسطس)، استضافت موسكو محادثات مع جماعة المعارضة السورية الرئيسة، وهي الائتلاف الوطني السوري؛ في محاولة للتوسط في عقد السلام في البلاد. ويشير مثل هذا الحوار إلى أن روسيا قد تكون تبحث عن بدائل للأسد.
وقال بورس دولغوف، من المعهد الروسي للدراسات الشرقية، لصوت أمريكا: “من مصلحة روسيا الحفاظ على النظام العلماني في سوريا. ولكن، من سيكون الرئيس؟ بشار الأسد أو أحد آخر، ليس أمراً مهماً جداً”.
جيريمي بندر: بكالوريوس في دراسات الشرق الأوسط والدين من جامعة روتجرز ، كتب لفترة وجيزة في BuzzFeed قبل ان يأتي الى العمل في بزنس انسايدر .
المصدر:
Everyone’s missing the really major development of the Syrian conflict