back to top
المزيد

    تركة الرجل المريض أسباب ونتائج الاستراتيجية التركية الجديدة

    “أنا متأكد أن اللاعبين السياسيين في داخل وخارج تركيا يدركون بأن الثالث والعشرين والرابع والعشرين من تموز/يوليو يمثلان مرحلتين مختلفتين، وأعني بأن وجود تركيا قادرة على استخدام قوتها بشكل فعال سيؤدي الى نتائج تستطيع أن تغير اللعبة في سوريا، العراق وكل المنطقة، على الجميع أن يرى ذلك.” أحمد داوود أوغلو، رئيس  حكومة تصريف الأعمال التركي، 2015/07/25     قامت طائرات سلاح الجو التركي في 2015/07/24 بشن هجمات قيل انها ضد اهداف لتنظيم داعش في الاراضي السورية  وحزب العمال الكردستاني في الاراضي العراقية. وجاء رد الفعل التركي المفاجئ هذا فيما يبدو ليشكل تغيراً جذرياً في الاستراتيجية التركية في المنطقة على المدى القريب أو المتوسط على الأقل. ويظهر أن لهذا التغيير في الاستراتيجية التركية اسبابه الداخلية والاقليمية والدولية. اذ ستترك آثاراً سياسية وأمنية وعسكرية على المنطقة عموما والعراق تحديدا في المدى القريب.

         نفذ تنظيم داعش في 2015/07/20 تفجيرا انتحاريا في احتفال نظمه ناشطون أكراد ويساريون أتراك في بلدة سوروش الحدودية التركية لجمع تبرعات وتنظيم عمل لاعادة اعمار مدينة كوباني/ عين العرب السورية-الكردية، الذي أدى إلى مقتل ما لايقل عن 30 شخصاً وجرح المئات. وهذا  العمل ليس الأول من نوعه داخل الأراضي التركية عند الحدود مع سوريا، فقد قام تنظيم داعش في شهر أيار/مايو عام 2013 بتفجير سيارات مفخخة في منطقة هاتاي التركية أدت إلى مقتل أكثر من 50 شخصاً وجرح المئات أيضاً. ولكن ذلك التفجير لم يؤد إلى رد فعل قوي  من الحكومة التركية كما حصل مع تفجير بلدة سوروش.

    عامل تنظيم داعش

         يمكن القول أن الاستراتيجية التركية خلال فترة ما بعد 2011 تبنت اسقاط نظام بشار الأسد وتنصيب حكومة موالية لتركيا في دمشق يكون جل أعضائها من الاخوان المسلمين الذي يقتربون ايديولوجياً وسياسياً مع حزب العدالة والتنمية ، الحزب الاسلامي الذي يحكم تركيا منذ عام 2002. ولكن مع تعقيدات الأوضاع في المنطقة، وتأجج الصراع الطائفي، وتحول الأوضاع في سوريا إلى حرب أهلية على عدة جبهات، فقد واجهت الاستراتيجية التركية في هذا الاتجاه مشاكل جدية لم تتمكن من احراز تقدم يذكر. ولكن المشروع التركي الذي تحرك باتجاه دعم القوى السنية المناهضة لنظام الاسد، وخاصة تلك التي تمتلك وجوداً مقاتلاً وقوياً على الأرض قد دخل في مسار دعم الجماعات الجهادية، ومنها تنظيمي داعش والنصرة. ويمثل تنظيم داعش أحد أهم تلك القوى التي رأت فيها تركيا لاعباً مؤثراً يدعم الموقف التركي في المنطقة. ويجعل الطموح المتزايد لقيادات حزب العدالة والتنمية في تحويل تركيا إلى لاعب اقليمي ودولي أساس. ولعل سر الدعم التركي الخفي لتنظيم داعش، الذي يأخذ شكل غض الطرف عن نشاطات التنظيم اللوجستية والتمويلية والحركة في داخل الاراضي التركية والمناطق الحدودية التركية-السورية. ومع عدم توفر أدلة على وجود دعم تركي مباشر للتنظيم أو غيره من تنظيمات، إلا أن الحضور المكثف لعناصر وقيادات التنظيم في عدة مناطق تركية يطرح تساؤلات عن ذلك الدعم.

        اعتمدت المقاربة التركية في دعم تنظيم داعش من اجل الحصول على وضع تميز استراتيجي لها في المنطقة وذلك عبر الجوانب التالية:

    1. إرباك الساحة السياسة العراقية بالشكل الذي يجعل العراق بلداً ضعيفاً يكون لتركيا فيه وضع التأثير المباشر فيه، خاصة مع زيادة الطلب التركي على الطاقة. متخذة كلاً من اقليم كردستان والموصل عمقاً استراتيجياً لها في العراق.
    2. اضعاف نظام بشار الأسد في دمشق ومحاولة اسقاطه، وانشاء حكومة موالية لتركيا في دمشق.
    3. يعد التنظيم اشبه بقوة ضاربة وشرسة ضد الأكراد في المنطقة، سواء في سوريا، العراق أو في الداخل التركي. حيث يمثل التنظيم قوة مقاتلة بالوكالة لتركيا، بما ينسجم مع ضرب أية محاولات لنشوء دويلة أو واقع سياسي كردي في الحاضر أو المستقبل لا يقع تحت الهيمنة التركية أو لا ينسجم مع سياساتها.
    4. ارباك الوضع الاقليمي على اساس طائفي، يهيئ الأمر لتركيا فيما بعد لأن تكون لاعباً وشريكاً مهماً في أية مفاوضات أو تحركات لاعادة ترتيب الأمور في المنطقة، بما يعظم فرص تركيا في الحصول على اية مكاسب سياسية أو اقتصادية. وتسعى تركيا لأن تكون احد أهم القوى التي يقع استقرار المنطقة تحت سيطرتها، خاصة أنها تمتلك جيشاً قوياً، وهي عضو في حلف الناتو.
    5. ارباك الوضع الدولي، بالشكل الذي يجعل تركيا احد اللاعبين المهمين في السيطرة على الحركات المتطرفة السنية في المنطقة ولن يكون ذلك بالطبع بلا مقابل. بالاضافة إلى ارباك الوضع الأمني الأوربي وجعله في حاجة إلى الدور التركي لتخفيف تأثير المقاتلين الأجانب عليه، بعد أن تحولت تركيا إلى ممر لهم الى سوريا والعراق.
    6. من خلال الوضع غير المستقر، وبروز التطرف الاسلامي الى الواجهة، يسعى حزب العدالة والتنمية إلى أن يكون الراعي لحركات الاسلام السياسي المعتدلة في المنطقة، مما يجعله ويجعل تركيا الشريك المفاوض، والقناة التي يتم الحوار من خلالها مع تلك الحركات عبرها.
    7. داخلياً، تعزيز هيمنة حزب العدالة والتنمية على صناعة القرار السياسي والاقتصادي والأمني في تركيا.

         وكان للسياسة التركية المعتدلة والمتسامحة مع تنظيم داعش والتي يمكن تصنيفها في باب الدعم والمساندة، بدلائل كثيرة جمعتها ووثقتها الكثير من التقارير الصحفية، والدولية. فقد تحولت تركيا إلى واحدة من أهم بوابات الدخول للمقاتلين الأجانب إلى المناطق التي تخضع تحت سيطرة التنظيم في سوريا والعراق، وقد أعلن تنظيم داعش نفسه خلافة اسلامية تشرع ابوابها لكل المسلمين في العالم. ومع القدرات الكبيرة والمتطورة التي تتمتع بها السلطات الأمنية التركية، فقد أثار الدخول والعبور السلس لهؤلاء المقاتلين الأجانب إلى تركيا، وعبورهم منها للالتحاق بالتنظيم، تساؤلات كبيرة لدى عواصم غربية عن وجود أجندة سرية للحكومة التركية داعمة لتنظيم داعش. وتقدر تلك التقارير عديد المقاتلين الأجانب، والطواقم الداعمة التي انضمت الى التنظيم عبر تركيا بعشرات الألوف، وحسب مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، فإن “تقريباً أغلب مقاتلي داعش الأجانب يأتون من تركيا.[1]”   ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فالتنظيم ينشط وبشكل قوي في مدن تركية عديدة، فبالاضافة إلى الحضور الواضح له على الشريط الحدودي الممتد بين سوريا وتركيا، وعلى الجانبين، فإن التنظيم قد نجح فيما يبدو في اختراق البنية الاجتماعية التركية. فقد اشار تقرير استقصائي الى قدرة التنظيم مد جذوره في بعض المناطق في تركيا، ونجاحه في تجنيد عناصره من الأتراك للقتال في سوريا والعراق[2]. وحسب التقارير الصحفية الأخيرة، فإن قيام الشرطة التركية باعتقال المئات من أعضاء تنظيم داعش في عدة مدن تركية، يؤشر على مدى تمدد وتعمق التنظيم في تركيا. ولكن التقارير لم تتوقف عند هذا الحد، بل ذكرت عن وجود دعم من جهات نافذة في الحكومة التركية وخارجها لتنظيم داعش فيما يتعلق بتوفير الخدمات الطبية والعلاج في المستشفيات التركية لجرحى التنظيم وخاصة في بلدة ريحانلي وغيرها من مدن تركية[3].  وكذلك تذكر تقارير صحفية ودولية أخرى إلى وجود تبادل تجاري واقتصادي وثيق بين المناطق التي يسيطر عليها التمويل وتركيا، ومع وجود أرقام تعبر عن حجم التبادل، وتشير تقارير صادرة عن وزارة الخزانة الأميركية إلى تحول تركيا إلى إحدى أهم مواقع الاتجار بالنفط المهرب الذي يقوم تنظيم داعش باستخراجه وتهريبه من المناطق التي تقع تحت سيطرته. حيث يستفيد التنظيم من تعمق واتساع السوق السوداء في تركيا واقليم كردستان لتسويق النفط والتي توفر للتنظيم سيولة مالية تقدر بـ 20 مليون دولار شهرياً[4] حسب احصائيات 2014. ولكن ما زاد من شكوك العالم حول طبيعة العلاقة بين تنظيم داعش وتركيا، هي التقارير التي جاءت عن بلدة أكاكالي الحدودية التركية مع سوريا والتي كانت تشهد تفريغاً مستمراً وبشكل يومي لأطنان من الأسمدة الكيميائية، من نوع نيترات الأمونيوم باتجاه بلدة تل أبيض السورية التي كانت تخضع لسيطرة التنظيم[5]، ومن المعروف أن هذا النوع من الأسمدة يستخدم على نطاق واسع في تصنيع المتفجرات من قبل التنظيم. سياسياً وعسكرياً، فقد رفضت تركيا المشاركة المباشرة في التحالف الدولي الذي أنشأته الولايات المتحدة وفرنسا لمحاربة تنظيم داعش عام 2014، ولم تسمح باستخدام مطاراتها وقواعدها العسكرية لضرب أهداف هذا التنظيم. ويبدو أن الحكومة التركية لحد فترة ما قبل الإنتخابات الأخيرة كانت تتعاطى مع تنظيم داعش بكثير من الليونة والتسامح، وربما الدعم والمساندة. يضاف إلى ذلك أن تنظيم داعش لم يتحرك في استهداف أية أهداف تركية في الداخل أو الخارج التركي إلى يومنا هذا. وربما كان الافراج عن رهائن السفارة التركية بعد سقوط مدينة الموصل بيد التنظيم أحد معالم استراتيجية التنظيم تجاه تركيا.

        وقد صنع  تنظيم داعش منطقة عازلة في الموصل بين تركيا والمناطق التي تخضع لسلطة الحكومة العراقية التي توصف بأنه شيعية ومنطقة عازلة في العمق السوري المحاذي لتركيا، خاصة في المناطق التي تسكنها أغلبية كردية.

    العامل الكردي  

        أعلن نجيرفان بارزاني، رئيس اقليم كردستان غداة سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم داعش في شهر حزيران/يونيو من عام 2014 بأن “العراق قبل أحداث الموصل يختلف عن العراق بعد أحداث الموصل، ومن الصعب أن أن يبقى كما كان سابقاً.[6]” وعلى الرغم من التأويلات الكثيرة لمغزى حديث بارزاني، إلا أن سقوط الموصل لم يؤثر على العراق فحسب، بل على المنطقة أيضاً، ومنها الاقليم، وحليفه الأكبر تركيا، والوضع الكردي في المنطقة بشكل عام. إذ شن تنظيم داعش هجوماً غير مسبوق للسيطرة على مناطق كانت تخضع للأكراد في العراق، ومنها المناطق ذات الأغلبية اليزيدية، متسبباً بكارثة انسانية حقيقية. وقد نجح في التقدم الى مسافة قريبة جداً من مدينة أربيل في شهر/ فبراير 2015، مهدداً باسقاطها لولا تدخل القوات الأميركية بشكل مباشر لدحره. وقد لاحظ المراقبون حينها أن القوات التركية التي كانت تفصلها عدة كيلومترات عن المعارك لم تحرك ساكناً لانقاذ المدينة، ولم تتدخل ولو بشكل غير مباشر في درء مخاطر تنظيم داعش عن عاصمة حليف انقرة مسعود بارزاني، أربيل. كما لم يلاحظ المراقبون أي تصريح سياسي تركي واضح وصريح ضد تنظيم داعش في ظل تلك الظروف على الرغم من الدعم السياسي والاقتصادي الكبير الذي قدمته انقرة لأربيل خلال الأعوام الأربعة الماضية.

          لكن هذا الموقف التركي لم يفاجئ المراقبين، فقد أظهر ذلك القلق الشديد الذي تخفيه أنقرة تارة وتظهره تارة أخرى تجاه المسألة الكردية في المنطقة بشكل عام، وفي تركيا بشكل خاص. وبين الموقف كذلك أن الكفة لدى تركيا سترجح كفة تنظيم متطرف وارهابي كداعش مقابل حليف مهم وتحت السيطرة كالأكراد في اقليم كردستان العراقي. وذلك لغايات في توجهات السياسة التركية لا ترتاح الى نزعة الاستقلال والانفصال لدى الأكراد في المنطقة.

         يشكل الأكراد ما يقارب 20% من سكان الجمهورية التركية. وقد عانى الأكراد من سياسات الحكومات التركية المتعاقبة التي كانت ترفض الاعتراف بهم كأثنية مختلفة لها ثقافتها ولغتها وتاريخها، ومحاولاتها المتكررة لطمس هويتهم وثقافتهم. وقد أدى ذلك الى اشعال حرب أهلية في مناطق الأغلبية الكردية في تركيا، منذ تأسيس حزب العمال الكردستاني عام 1978. حيث وصلت تكلفة هذه الحرب البشرية إلى ما يقارب 45 ألف قتيل، بالاضافة الى تشريد مئات الألوف. أما التكلفة الاقتصادية  فقد كلفت تركيا 300 مليار دولار أميركي. وتضع الحكومة التركية في موازنتها ما يقارب 15 مليار دولار سنوياً لتغطية تكاليف حربها ضد الأكراد[7]. وقد تعاملت أغلب الحكومات التركية مع المسألة الكردية وفق بعد أمني فقط، بعد تصنيف حزب العمال الكردي على أنه منظمة ارهابية. ولكن ينبغي أن لا يتم اهمال التداخل الاقليمي العابر للحدود فيما يخص المسألة الكردية، وتحولها الى ورقة ضغط يستخدمها هذا البلد ضد ذاك تبعاً لمصالحه. مما يثبت أن المسألة الكردية كانت وماتزال عامل زعزعة لاستقرار البلدان التي يتواجد الأكراد فيها. فقد استخدم شاه ايران الأكراد ضد حكومة بغداد في سبيل الحصول على تنازلات في قضية الحدود المتنازع عليها بين العراق وايران في سبعينيات القرن الماضي، واستخدم حافظ الأسد، الرئيس السوري السابق قضية الأكراد ضد تركيا، حيث تم تسليم رئيس حزب العمال الكردي الى تركيا عام 1999 بناء على صفقة بين البلدين، واستخدمت تركيا الأتراك ضد الحكومة المركزية في بغداد خلال الفترة ما بعد 2010. وتقع مراكز قيادة وتدريب حزب العمال الكردستاني فعلياً في داخل الأراضي العراقية.

         انتبهت حكومة حزب العدالة والتنمية إلى أهمية تهدئة الأمور مع الأكراد، وذلك لأسباب داخلية تتعلق بطموحات أردوغان حينذاك كي يصبح رئيساً للجمهورية، وأن يتمكن من التأثير على صياغة أسس الدولة التركية الى عام 2023[8]. كما لعبت عوامل اقتصادية، واقليمية ودولية دوراً في هذا التوجه.

         أعلنت الحكومة التركية بزعامة أردوغان في عام 2009 طرحها مبادرة لنقاش المسألة الكردية شكل معمق وعلني تحت عنوان “الانفتاح الديمقراطي.” ولكن ما جعل الأمور تجري بشكل أفضل بين الطرفين هي المحادثات التي عقدت بين جهاز الاستخبارات التركي وعبدالله أوجلان، رئيس حزب العمال الكردي المعتقل في السجون التركية، عبر ما أطلق عليه “عملية أوسلو.” والتي فتحت المجال لمفاوضات مباشرة بين الحزب والحكومة التركية. وقد أعلن حزب العمال الكردي وقفاً لإطلاق النار مع الحكومة التركية عام 2010 تبعه محادثات بين الطرفين لاعداد خريطة طريق لتسوية المشاكل بينهما[9].  في احتفالية نوروز عام 2013 أعلن أوجلان أنه بصدد القاء السلاح وأن لغة السياسة هي التي ينبغي أن تحكم، وقد استجاب الجناح العسكري للحزب المتواجد في جبل قنديل بالتأييد لما طرحه رئيس الحزب. حيث اتفق الطرفان على تأمين ممرات آمنة لانسحاب مقاتلي حزب العمال من الأراضي التركية إلى الأراضي العراقية بدءاَ من شهر أيار/مايو عام 2013 وانهاء الأزمة التي استمرت لعقود بين الطرفين.

         ولكن يبدو أن الأزمة السورية وتحولها إلى صراع محموم متعدد الأطراف لم يأت كما تشاء أنقرة. فقد عولت حكومة أردوغان كثيراً على السيطرة على ملف اسقاط نظام الأسد من خلال دعمها لمعارضة اسلامية مسلحة. وكان فيما يبدو للاستراتيجية التركية أسبابها، منها ما تعلق بتوجهات الحكومة التركية للتمدد في مفاصل الأزمات الإقليمية، وطموحها لأن تكون قوة اقليمية في الشرق الأوسط كي تعوض انتكاستها القديمة للدخول في الاتحاد الأوروبي، ومنها ما يتعلق بمخاوفها المضمرة من الأكراد الذي بدأوا يتحركون بشكل أقوى من قبل للحصول على الاستقلال في المناطق على الحدود السورية-التركية. يبدو أن الاستراتيجية التركية في اسقاط نظام بشار الأسد لم تؤت أكلها، ولكن عواقبها كانت خطيرة. إذ أدى ضعف النظام من جهة، وتواجد البنية التحتية المناسبة لنشوء صراع مسلح طائفي وأثني متعدد الأطراف على الساحة السورية، مع وجود دعم ومساندة اقليمية -منها تركي- لقوى في ذلك الصراع إلى تصاعد قوة تنظيم داعش في كل من العراق وسوريا. وأدى ذلك إلى أن تتحول الأوضاع في سوريا من وضع حرب اسقاط النظام من قبل معارضة ضدالنظام، إلى حرب أهلية تسعى الأطراف فيها الى استئصال بعضها الآخر على أسس دينية وطائفية وأثنية، وتحولها في جزء منها إلى حروب بالوكالة. وبرز وسط هذا الصراع تنظيم داعش، الذي تملكه طموح اقامة دولة خلافة اسلامية كأقوى فصيل مسلح غير حكومي في المنطقة. أدت الجرائم الوحشية للتنظيم، وغيره من قوى متصارعة، وضعف السلطة الرسمية في سوريا إلى نشوء قوى مسلحة محلية للدفاع ضد التنظيم، وايضاً للمطالبة بحقوقها التي كان يقمعها النظام السوري، ومن ذلك قوى الدفاع عن الشعب الكردي التي أنشئت في المناطق ذات الأغلبية الكردية في سوريا. حاولت تركيا أن تجعل هذه التنظيمات تحت رعاية مسعود بارزاني، الذي حاول أن يلعب دور الوسيط، والحامي لحقوق الأكراد في المنطقة لدى تركيا. ولكن يبدو أن الحسابات أخفقت مرة أخرى في هذا المجال. فقد برز حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا كواحد من أهم القوى السياسية المسلحة ضد تنظيم داعش، ويتصل الحزب بصلات أكبر مع حزب العمال الكردي منه مع مسعود بارزاني. ومع بروز الأكراد في سوريا (حزب الاتحاد بالتعاون مع عناصر حزب العمال) كقوة ضاربة نجحت في ايقاف تمدد تنظيم داعش في مناطق مثل قوباني وغيرها، ومع بروز دعم دولي لهذه القوة الجديدة، وعدم تمكن تنظيم داعش من إضعافها، خاصة أنها تتواجد مباشرة على الحدود السورية-الكردية، فقد دق جرس الإنذار لدى أنقرة بأن خسارتها لتلك المناطق لصالح تنظيمات كردية مسلحة لا تقع تحت سيطرتها وتتكامل ايديولوجياً مع حزب العمال ستكون له آثار وخيمة على أمن واستقرار تركيا على المدى القريب والمتوسط على الأقل. وسيتحول الأكراد فعلياً إلى قوة معترف بها دولياً، تحفزهم مقاومتهم لتنظيم داعش كي يحصلوا على مكافأة لجهودهم في دحره، وتكسبهم الحرب مع التنظيم خبرة قتالية مهمة في جبهات ومعارك مستقبلية، ستكون تركيا أحدها. وقد تكون المكافأة نشوء مناطق كردية مستقلة تتكامل مع بعضها البعض، تؤدي إلى تقبل العالم بنشوء دولة كردية كبرى، تهدد وضع الدولة التركية بحدودها الحالية. وقد لاحظ المراقبون سلبية الموقف التركي حيال سقوط مدينة قوباني بيد تنظيم داعش، بل وصل الأمر إلى اتهامات بأن الجانب التركي كان يوفر دعماً لتقدم تنظيم داعش السريع ضد البلدات الكردية في الجانب السوري من الحدود. ولكن الأمر الذي جعل انقرة تستشعر الخطر هو تمكن القوات الكردية )وحدات حماية الشعب الكردي) من دحر تنظيم داعش من بلدة تل أبيض الحدودية الاستراتيجية والسيطرة عليها. وتمثل البلدة منفذاً مهماً يزود تنظيم داعش بموارده البشرية من المقاتلين الأجانب، والمواد والأموال باتجاه عاصمته في الرقة التي تبعد خمسين كيلومتراً فقط عن البلدة في 2015/06/15، أي قبل حوالي الشهر من تفجير سوروش الانتحاري، وتبدل الموقف التركي بشأن تنظيم داعش وحزب العمال. وتذكر تقارير صحفية أن الوضع كان متأزما عند سيطرة الأكراد على بلدة تل أبيض إلى درجة أن المقاتلين الأكراد لم يرفعوا علم قوات وحدات حماية الشعب الكردي على مبانيها كي لا يستفزوا الجانب التركي ضدهم[10]، فيما كان علم تنظيم داعش مرفوعاً على البلدة دونما حرج ولفترة طويلة. ويبدو أن أنقرة باتت تشعر أن حزب العمال أصبح أمراً واقعاً في محاربة تنظيم داعش، وهو يقاتل فعلياً على أكثر من جبهة في العراق، وسوريا ضد التنظيم. وهو بذلك استطاع أن يكسب دعماً دولياً، خاصة مع تطبيق استراتيجية التحالف الغربي الذي يبحث عن مقاتلين محليين لضرب التنظيم. ويعني ذلك سقوط المناطق ذات الأغلبية الكردية في سوريا تحت سيطرة الحزب أو حلفائه، وهو ما قد يمثل كابوساً لأنقرة، إذ أن تركيا لا تتحمل أن تقع مناطق حدودية لها تحت سيطرة قوى لا تمتلك السلطة أو السيطرة عليها، خاصة أن هذه القوى بدأت تزداد قوة في الداخل التركي. ولهذا فقد جاء انفجار سوروش الانتحاري بمثابة الفرصة الذهبية لحكومة أوغلو المؤقتة لضرب حزب العمال الكردي في تلك المناطق تحت عنوان ضرب تنظيم داعش، وهو عنوان يجد تقبلاً أكبر لدى المجتمع الدولي. خاصة أن تنظيم داعش لن يتكبد ذات الخسائر التي سيتكبدها حزب العمال، لسبب واضح أنه تم دفعه فعلياً خارج مناطق الحدود التركية. وهكذا قررت الحكومة التركية أن عملية السلام مع حزب العمال قد انتهت، ودخلت تركيا في حالة حرب مع الحزب بشكل فعلي. ويذكر بعض المراقبين، أن التغير في الموقف التركي لضرب الأكراد يصب في مصلحة تنظيم داعش من خلال ضرب وإضعاف قوة مقاتلة شرسة ضده. وهو الأمر الذي اثار ردود فعل دولية تجاه التغير في الموقف التركي، ومن ذلك تحذير وزيرة الدفاع الألمانية من هجمات القوات التركية ضد حزب العمال[11] واعتراض العراق بشكل رسمي على قصف الطائرات التركية مواقع الحزب في جبال قنديل في داخل الأراضي العراقية.

    العامل الداخلي التركي

         شكلت انتخابات السابع من حزيران/يونيو 2015 ضربة غير مسبوقة لحزب العدالة والتنمية الذي كان يحكم تركيا منذ عام 2002. فقد أدت إلى خسارته الأغلبية البرلمانية، وهي أول خسارة للحزب منذ 13 عاماً.  ويبدو أن النتائج المخيبة لآمال لحزب العدالة والتنمية قد جعلت أردوغان رئيس الجمهورية الحالي الذي كان يطمح بتسيير البلاد بشكل أكبر وفق رؤاه وتصوراته في وضع حرج.  ومازالت تركيا تحكم عن طريق حكومة تصريف أعمال برئاسة أحمد داوداوغلو. بانتظار ما ستؤول إليها التوافقات السياسية، والتي فيما يبدو ستؤدي إلى إجراء انتخابات جديدة في حال فشلها، حسب تصريحات صحفية لأردوغان[12].

         يبدو أن القلق الذي يساور حزب العدالة والتنمية من ضعف احكام قبضته على مقاليد الأمور في تركيا، قد ادى به الى انتهاج سياسة أكثر تشدداً تجاه الأكراد، وتحديداً حزب العمال. وقد كان حزب العدالة والتنمية عراب خارطة طريق لانهاء الصراع التركي-الكردي، وانتهاج سياسة اكثر تسامحاً وانفتاحاً مع الواقع الكردي في تركيا من جهة. ولكن التغير في الاستراتيجية التركية وانتهاج سياسة أكثر تقارباً مع الولايات المتحدة فيما يخص حربها ضد تنظيم داعش في المنطقة له ما يبرره في تفكير حزب طالما عرف في تغيير اسمه وسياساته طبقاً للظروف والمصالح. حيث أعلنت تركيا فتح قواعدها الجوية وتقديمها تسهيلات لوجستية للولايات المتحدة لضرب التنظيم في المنطقة. ويظهر أن أردوغان يسعى هذه المرة أن يتبنى المنهج القومي التركي، الذي كثيراً ما كان يتعاطى بحساسية مفرطة تجاه القومية الكردية كأثنية مختلفة في الداخل التركي، وربما كمحاولة لاستمالة احزاب اليمين التركي، أو الأصوات التي كانت تحتج على تقارب تركيا مع حزب العمال. ومن جهة أخرى فإن التقارب التركي-الأميركي سيعطي حزب أردوغان وضعاً تفضيلياً في الداخل التركي من خلال تعزيز القناعة لدى الناخب التركي-فيما لو اتجهت البلاد نحو انتخبات مبكرة- أو الحليف السياسي الذي قد يشكل الحكومة مع حزبه، بأنه يحظى بدعم أميركي مقارنة بالآخرين، كما سعى أردوغان إلى أن يوازن بين الدعم الأميركي في محاربة تنظيم داعش، وأية انتكاسات أو خسائر محتملة لتركيا في حربها مع حزب العمال. وقد لاحظ المراقبون بأن الحكومة التركية سعت إلى خلق جو من الانتصار السياسي تمثل في الاعلان عن إنشاء منطقة عازلة أو محظورة الطيران في الداخل السوري على حدودها، وهو أمر نفته الولايات المتحدة. يضاف إلى ذلك العامل النفسي التي تخلقه ظروف اعلان الحرب ضد اعداء مفترضين انهم يهددون أمن واستقرار تركيا في لملمة الأصوات التركية خلف تزعم الحزب ورئيسه لقيادة تلك الحرب. ويؤكد بعض المراقبين على الربط بين الحرب ضد تنظيم داعش وحزب العمال وقضايا الداخل التركي من خلال عدم وجود مبرر حقيقي لشن الحرب ضد حزب العمال. إذ أن حزب العمال لم يقم باية استفزازات تذكر، ولم ينفذ عمليات ضد المصالح والأهداف التركية في الأعوام الماضية. تبقى الإشارة إلى أن الدخول في معركة ضد حزب العمال في هذا الوقت تركياً، يمثل مغامرة قد تحمل الربح أو الخسارة، إذ أنه اذا ما قدر اشتعال حرب تركية-كردية، ومع انتعاش آمال الأكراد بانشاء وضع يهيئ لانشاء دولتهم المستقبلية في مناطق تواجدهم، ومع وجود دعم وغطاء دولي لهم لمواجهة تنظيم داعش، كل ذلك قد يرفع من مستوى الخسائر التركية في مثل هذه الحرب على المستويين العسكري والسياسي، مما ستكون له ارتدادات وتبعات سياسية ضد حزب العدالة والتنمية على المدى القريب والمتوسط. وسيجعل السياسات التركية أكثر تغيراً وأقل ثباتاً في تعاملها مع الأحداث.

    العامل الاقليمي

         تعرضت المنطقة الى اهتزازات واسعة وعميقة منذ أعوام تمثلت في انتشار تأثيرات الحرب الأهلية في سوريا على العراق وبلدان أخرى في المنطقة. ومن ذلك سقوط مناطق في العراق تحت سيطرة تنظيم داعش ومنها مدينة الموصل ذات الأهمية الخاصة لتركيا في حزيران/يونيو 2014. وقد سعت تركيا في محاولتها لبسط نفوذها على الحكومة في بغداد إلى تحويل اقليم كردستان العراقي تحت هيمنتها السياسية والاقتصادية. حيث تم تحويله وعبر سياسة الأمر الواقع ومنذ عام 2010 إلى منطقة شبه مستقلة فيما يتعلق بعلاقاتها مع الاقليم، أو فيما يتعلق بمستويات التبادل التجاري بينهما وخاصة النفط. وقد كان مسعود بارزاني أحد أهم الشخصيات التي سعت أنقرة الى تسويقه كراع للمصالح الكردية في المنطقة. يضاف الى ذلك التعقيدات التي عصفت بالمنطقة جراء الصراع الايراني-السعودي المحموم. بالاضافة الى تباين السياسات بين بلدان المنطقة (تركيا، السعودية، بلدان الخليج وايران) التي تحولت الى حروب بالوكالة ماتزال الساحة السورية وساحات أخرى في المنطقة ترزح تحت وطأتها. ولكن يبدو أن نجاح المجتمع الدولي في التوصل الى اتفاق مع ايران حول ملفها النووي في 2015/07/14 في فيينا، قد غير بعض التوازنات التي كانت سائدة في المنطقة. ومن المؤكد أن ذلك الاتفاق سيترك بآثاره على الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية على العراق والمنطقة. استراتيجياً، فإن ايران قد تحولت بعد 14 تموز/ يوليو الى لاعب معترف به اقليمياً، وستتصرف وفق سياسات البلد الذي يحتفظ بعلاقات شبه طبيعية مع الغرب، اي تجميد أو انهاء حالة العداء بينها وبين منظومة البلدان الغربية. هذا الوضع سيعطي مساحة أكبر لها للتصرف في المنطقة من جهة، كما سيجعلها تعمل وفق توازنات المنطقة بدلاً من مواجهتها أو تغييرها. وستصبح تركيا أحد الشركاء المهمين لإيران في هذا الاتجاه. فبعد انهاء العقوبات الدولية على ايران، ومع امتلاك ايران وتركيا علاقات اقتصادية متينة، فإن الجانب الاقتصادي سيكون أمراً حيوياً في العلاقة بين البلدين. فالأتراك يعولون على ايران في تزويدهم بمصادر الطاقة، حيث استهلكت تركيا ما مقداره 60 مليار دولار من الطاقة عام 2012[13]. وتعول ايران على تركيا في أن تكون بوابتها تجاه أوروبا. وبالتأكيد فإن تركيا تريد الاستفادة من الانفتاح الايراني اقتصادياً، وهو ما يتطلب تقديم بعض التنازلات فيما يتعلق بتنظيم داعش، والأكراد ومن يدري بعض القضايا الخلافية الأخرى. ومن المتوقع أن يصل التبادل التجاري بين البلدين إلى 30 مليار دولار أميركي بنهاية عام 2015[14]. ويشترك البلدان في نظرتهما تجاه عدم إقامة أي كيان كردي مستقل في المنطقة. ومع صعود النجم الإيراني دولياً، فإن تركيا لا تريد أن تصبح خارج المعادلة الدولية في المنطقة. ولأسباب تتعلق بالتوازنات الاستراتيجية، ومناطق النفوذ والاحتكاك والتنافس بين البلدين، فإن تركيا ترغب في أن تكون البلد الأقرب إلى الغرب في المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بمحاربة تنظيم داعش، الذي يبدو أنه أصبح أحد الأوراق التي تقرب بلدان المنطقة من المنظومة الغربية، والتي يبدو أن ايران لعبت تلك الورقة في مفاوضاتها النووية مع الولايات المتحدة. اقليمياً كذلك، فإن المراقبين يترقبون كيفية تعامل تركيا المستقبلي مع اقليم كردستان، وسط تصاعد الاختلافات الكردية-الكردية في الاقليم الكردي، وعدم تقبل الواقع الكردي في الاقليم، أو المنطقة لأن يكون مسعود بارزاني زعيماً لأكراد العراق أو المنطقة،  الذي يستطيع الحفاظ على المصالح القومية للشعب الكردي في العراق، ايران، وتركيا.

         ستترك السياسة التركية الجديدة آثارها على العراق، ومع عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بالعراق في هذه الاستراتيجية التركية الجديدة، إلا أن آثارها الأولى بدت تتضح من خلال الاستهداف شبه المستمر لقواعد حزب العمال في جبل قنديل داخل الأراضي العراقية ودون التشاور مع بغداد. حيث أبرز هذا الاستهداف مرة أخرى تباين المواقف واختلاف الرؤى بين بغداد التي اعترضت على القصف التركي، وبين موقف مسعود بارزاني الذي دعا الى انسحاب مقاتلي الحزب من تلك المناطق، وبين أحزاب وتنظيمات كردية احتجت على ذلك. أما فيما يتعلق بمحاربة تنظيم داعش، فإن فتح المطارات التركية أمام الطائرات الأميركية لقصف أهداف للتنظيم في سوريا والعراق، سيحد من تهديدات التنظيم ويضعف من قدراته القتالية في العراق. ولكن المسألة المهمة التي ينبغي التركيز عليها، هل ستبقى الحكومة التركية مصممة على تقوية اربيل مقابل بغداد باستخدام استراتيجية النفط مقابل الحماية؟ وهل ستستمر في سياساتها الداعمة لتحويل اقليم كردستان الى ولاية شبه مستقلة عن بغداد، يصدر النفط الرخيص الى تركيا ويستورد البضائع منها؟

        وسط تغير واضح في الموقف التركي ضد التوجهات الكردية الاستقلالية في سوريا، وتركيا. من الواضح أن تركيا ترغب في انشاء وضع كردي يخضع لسيطرتها، ولكن مسعود بارزاني، لن يستطيع تحقيق مثل هذا الوضع لتركيا وسط هذه الظروف. ويبدو أن القرار التركي لمحاربة حزب العمال، سيعطي الحزب امتداداً سياسياً أكبر في اقليم كردستان العراق وفي المنطقة، خاصة أنه نجح هو و الفصائل التي تتفق معه ايديولوجياً في الدخول في حرب مفتوحة مع تنظيم داعش واخراجه من مناطق مهمة كان يسيطر عليها، وهو ما لم يقم به مسعود بارزاني، ولا الحكومة التركية.

    عموماً فإن الاستراتيجية التركية الجديدة تحمل في طياتها تحديات جديدة في منطقة تعاني من أزمات كبيرة، وبالتأكيد ستكون لها تبعات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة.


     [1] Special briefing, Senior State Department Official, June 1, 2015, http://www.state.gov/r/pa/prs/ps/2015/06/243067.htm

    [2] Alev Scott, Alexander Christie-Miller, ISIS starts recruiting in Istanbyl’s Volunrable Suburbs, The Newsweek, September 12, 2014.

    [3] Anthony Faiola and Souad Mehennet, In Turkey, a late crackdown on Islamist fighters, The Washington Post, August 12, 2014.

    [4] Sam Jones and others, Isis sells smuggled oil to Turkey and Iraqi Kurds , says US treasury, The Finanacial Times, October 23, 2014

    [5] Ben Hubbard and karam Shoumali, Fertilizers, also suited for bombs , flows to ISIS territory from Turkey, The New York Times, May 4, 2015

    [6] http://www.bbc.com/news/world-middle-east-27883997

    [7] Yilmaz Ensaroglu, Turkey’s Kurdish Question and the Peace Process, Insight Turkey, Vol. 15/No. 2/2013. Pp. 7-17.

    [8] F. Stephen Larrabee, Why Erdogan Wants Peace with the PKK, Foreign Affairs, March 27, 2013.

    [9] Mesut Yegen, The Kurdish Peace Process in TurkeyÖ Genesis, Evolution and prospects, Global Turkey in Europe, May 2015.

    [10] Elliot Ackerman, The Story of the story at Tal Abyad, The New Yorker, June, 20, 2015.

    [11] German Defense Minister cautions Turkey about attacks on PKK, Today’s Zaman, July 29, 2015.

    [12] Early election needed if coalition talks fail: Erdoğan, www.hurriyetdailynews.com, July 31, 2015

    [13] Anadulu Agency, Turkey’s energy import costs $239 billion in past 5 yrs. Octobre 2, 2014.

    [14] Iran, Turkey trade should reach $30 billion: Minister Hurriyet Daily News, June 29, 2015.

    عبدالله عبد الأمير
    عبدالله عبد الأمير
    باحث في مركز البيان للدراسات والتخطيط ، البريد الالكتروني : abdullah.abdulameer@gmail.com