ايلا البايراك
الأكراد في العراق وسوريا هم من بين المعارضين الأكثر شراسة للجماعة المتطرفة
آديامان، تركيا- كان أورهان جوندر مراهقاً كردياً هادئاً و مواظباً، يخرج عن طريقه لمساعدة الآخرين، وفقا لأولئك الذين عرفوه في هذه المدينة التركية الصغيرة بالقرب من الحدود السورية. وذلك عندما بدأ التردد على مقهى معروف على انه مركز تجنيد للدولة الإسلامية في العام الماضي، ذهب والداه إلى الشرطة وناشدوهم لاحتجاز ابنهما قبل أن يتمكن من القيام بأي ضرر. يوم 5 يونيو، قام الفتى ذو الـ20 عاماً بتفجير قنبلة في تجمع سياسي كردي في مدينة ديار بكر القريبة، مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة العشرات، بحسب ما قال المسؤولون.
وقبل أسبوعين، أقدم شاب كردي آخر من أديامان على تفجير نفسه وسط حشد من الطلاب الناشطين،مما أسفر عن مقتل 31 شخصا كانوا يستعدون للذهاب للمساعدة في إعادة بناء كوباني، المدينة السورية الكردية التي تغلبت على هجوم مطول من الدولة الإسلامية في يناير. كشف الهجومان عن ظاهرة مقلقة وهي أن الدولة الإسلامية نجحت باستقطاب شباب الأكراد الأتراك، بينما أبناء جلدتهم في العراق وسوريا- بمعظم الأجزاء- يحملون السلاح ضد الدولة الإسلامية. أصبح المسلحون الأكراد في سوريا، بدعم من الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة، القوة القتالية الأكثر فعالية ضد الجماعة المتطرفة.
لم تعلن الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن أي من التفجيرين، ولكن أتهم رئيس الوزراء التركي الجماعة بتنفيذ هجوم سروج.هاجمت القوات المسلحة التركية مسلحين من حزب العمال الكردستاني المعروفين أيضا بـ(PKK)،في سيرناك، تركيا يوم الثلاثاء وقامت طائرتان من طرازF-16 بتنفيذ ضربات جوية على المنطقة ما بين الحدود العراقية التركية.
ومع ذلك، ساعدت الهجمات بتدعيم قرار تركيا في يوليو للانضمام إلى الولايات المتحدة في شن غارات جوية على قوات الدولة الإسلامية في سوريا. واقترنت تلك الضربات مع هجوم كبير ضد الجماعة الانفصالية الكردية الـ(PKK)،المحظورة من قبل تركيا والمتمركزة في شمال العراق. بدأ القصف، وهو الاول من نوعه على قواعد الـ(PKK) في العراق منذ 2011، والذي سوف يخلق مناخاً خصباً لحركة العنف المتصاعد مما سوف يجذب الشباب كالسيد جوندر إلى الانضمام إلى المليشيات.تم الاشتباه بالمتمردين الأكراد في هجومين جديدين يوم الأحد الذي ذهب ضحيته ثلاثة جنود أتراك.
بدأ مصطفى والد السيد جوندر البالغ من العمر 60 عاماً بملاحظة تغييرات على ابنه في العام الماضي عندما بدأ يدرس لامتحانات القبول في الكلية مع مجموعة جديدة من الأصدقاء. فإنه كان يخرج معهم لساعات عدة خارج المنزل. ثم بدأ الشاب يربي لحيته ويصلي خمس مرات في اليوم،وتجاهل التقاليد الدينية الأقل صرامة للأسرة بوصفها من أفراد الأقلية العلوية المتأثرة بالتشيع. وقال سكان محليون ان الشاب وأصدقاءه رفضوا الصلاة خلف الإمام الدائم، وانتظروا خارج المسجد حتى يخرج المصلون جميعهم قبل دخولهم للصلاة.
لقد تم استدراج بعض الأكراد بجاذبية من قبل رؤية الدولة الإسلامية لخلق دولة الخلافة وفرض تفسيرها المخيف للإسلام. على ظاهرها، تبدو أديامان على إنها تشكل تحدياً على ان تكون أرضا لتجنيد للدولة الإسلامية. فهذه المدينة ذات الـ 250,000ألف نسمة لم تحتضن الفكر القومي الكردي كما أكثر مناطق جنوب شرق تركيا. ولكن مع ارتفاع معدلات البطالة جنبا إلى جنب مع هيمنة الثقافة الإسلامية المحافظة قد خلقت مناخاً للدولة الإسلامية للتدخل واستقطاب مجندين برواتب لائقة وزوجات شابات.
قال مسؤول أمني محلي رفيع المستوى.”من السهل جذب الفتيان العاطلين عن العمل مع الرواتب العالية التي تدفعها داعش” و “تقترن هذه الوعود مع وعد بالتزويج من امرأة أو حتى امرأتين. في بلداتهم المحافظة، لا يمكن للأولاد ان يواعدوا الفتيات.”عندما بدأ السيد جوندر بقضاء بعض الوقت في المقهى الإسلامي الذي افتتح حديثا في المدينة، انضم والداه وآخرون على حث الشرطة لإغلاق المقهى.
في يونيو الماضي وقبل عام من تفجير ديار بكر، قال الأب السيد جوندر أنه هو وزوجته ذهبوا إلى مركز شرطة أديامان لتحذيرهم بأن ابنهما كان يُجرى له غسيل دماغ من قبل المتطرفين الذين يريدون من الفتى المراهق ان يذهب للقتال في سوريا. وبعد أسبوع، طلبت الشرطة الشاب أن يأتي إلى المركز لاستجوابه. لكنه نفى كل شيء. قائلاً”أنا لم أتحدث في المنزل عن الأحداث السورية أو الجهاد” وقال أورهان جوندر للشرطة. “ليس لدي أي نية للسفر إلى سوريا”.
وقال المسؤول الأمني: إن عشرات الآباء في أديامان ذهبوا لمراكز الشرطة مع مخاوف مماثلة ولكن كان هناك القليل مما يمكن القيام به، كما لم يكن لديهم أي دليل على أنه قد شارك في أي نشاط متعلق بالإرهاب. وأضاف المسؤول الأمني المحلي “الأسر قد تتوسل بنا إلى حبس أبنائهم بحيث لا يمكنهم أن يذهبوا إلى سوريا، ولكن ما يمكن أن نقوم به، من الناحية القانونية لا يمكننا إثبات خططهم،ولا يمكننا أن نثبت أنهم قد كانوا في سوريا في حال عودتهم”.لم يمض وقت طويل قبل ان يختفي السيد جوندر الشاب. أولا، هرع والديه إلى المقهى الإسلامي وطالبوا بأن يعرفوا أين ذهب ابنهما. قال الأب”هؤلاء الرجال ذوي اللحى الطويلة يحدقون بنا فقط،من دون ان يخبرونا بشيء”.
ابلغ الأبوان الشرطة في الحال، وسافروا إلى المدن على طول الحدود السورية حيث قدموا صور ولدهم للشرطة المحلية وحثوهم على إلقاء القبض على المراهق. ولكن الشاب كان في طريقه إلى مناطق الدولة الإسلامية في سوريا. يقول المسؤول الأمني وأسرة جوندر ان السيد جوندر اخذ إلى سوريا من قبل اخوين تركيين والذين انضما مؤخرا للمسلحين في سوريا. بعد سبعة أشهر من اختفائه،اتصل السيد جوندر أخيرا بوالده.”قال انه في سوريا”،وقال والده،وأضاف “انه بكى، وبكينا أيضا. ربما كان قد أخبر بأنه سوف يقوم بالتفجير.”
لم يكن لأبوي السيد جوندر أي فكرة ان ابنهما قد عاد إلى تركيا، ولكن مسؤولين أمنيين كانوا يعلمون قبل بضعة أيام من هجوم الـ5 يونيو، اعتقلت الشرطة الشاب في فندق في ديار بكر، لكن ليس لأسباب ارتباطه بالإرهاب، ولكن للتهرب من الخدمة العسكرية.والدا السيد جوندر يريدون أن يعرفوا لمَ تم الإفراج عن ابنهم من قبل الشرطة. وكانت الشرطة قد صنفت اختفاء الشاب بأنه “اختفاء متعلق بالإرهاب. لكنهم لم يأخذوا الأمر على محمل الجد “. بعد يوم من التفجير، ألقت الشرطة القبض على الشاب، الذي نفى أنه قد نفذ الهجوم. وقال والده: “اشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب أن ابني هو من قام بهذا العمل”.وأضاف “لكني أيضا غاضب جدا. أنا ووالدته، قمنا بكل ما في وسعنا لجعل مسؤولي الأمن قادرين على منعه مما يجرى له من غسيل دماغ، لمنعه من السفر إلى سوريا “.
أعرب مسؤولون أمنيون محليون التعاطف مع رب عائلة جوندر. وقالوا إنهم قد فعلوا ما في وسعهم لمعالجة تزايد المخاوف بشأن تهديد الدولة الإسلامية. في أبريل، بعد شهور من الضغط من قبل الآباء كعائلة جوندر،أغلقت الشرطة المقهى الإسلامي.
ايلا البايراك
عملت في مكتب صحيفة وول ستريت جورنال في اسطنبول منذ عام 2010،ومهتمة في كتابة القصص وإنتاج أشرطة الفيديو في المواضيع التي تتطرق إلى السياسة التركية في المسألة الكردية وأزمة اللاجئين السوريين.
رابط المصدر :
http://www.wsj.com/articles/islamic-state-woos-kurdish-attackers-in-turkey-1438556990?tesla=y