كيندي لانان، و زينة كرم ، و باسم مروة
واشنطن (ا ف ب) – بعد إنفاق مليارات الدولارات ومقتل ما يقرب من10.000 آلاف مقاتل متطرف، لم يصبح داعش أضعف مما كان عليه عندما بدأت حملة القصف التي تقودها الولايات المتحدة في العام الماضي، كما لخصت وكالة الاستخبارات الأمريكية. لا يشكك القادة العسكريون الأمريكيون على الأرض في هذا التقييم، ولكنهم يشيرون إلى المحاولة المقبلة لتطهير المدينة السنية المهمة الرمادي، التي سقطت بأيدي المسلحين في أيار،بوصفها منطقة بالغة الأهمية.
صرح العميد في مشاة البحرية الجنرال كيفن كيليا، الذي يساعد في تنظيم جهود التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق،للصحفيين في البنتاغون في مؤتمر فيديو من المنطقة. إنّ المعركة من أجل الرمادي، التي متوقع أن تجري خلال الأشهر القليلة المقبلة، “تعد اختبارا هاما” لقوات الأمن العراقية.
يقول كيليا بان الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة وضعت داعش في موقف دفاعي، مضيفا بأن”هناك تقدماً.” يقول شهود عيان على أرض الواقع بأن الغارات الجوية والإجراءات الكردية على الأرض تضغط على المسلحين في شمال سوريا، لاسيما في عاصمتهم الرقة.
لكن وكالة الاستخبارات الأميركية تقيم الوضع العام على أنه مأزق إستراتيجي، يظل داعش يمتلك جيشاً متطرفاً ممولا تمويلا جيداً، وهو قادر على تجديد صفوفه من خلال المجاهدين الأجانب بأسرع مما يمكن للولايات المتحدة من القضاء عليه. وفي الوقت نفسه،توسع التنظيم إلى بلدان أخرى، بما في ذلك ليبيا، وشبه جزيرة سيناء المصرية، وأفغانستان.
تظهر تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة استخبارات الدفاع وغيرهم تناقضاً مع التفاؤل الذي حمله مبعوث إدارة أوباما الخاص، الجنرال المتقاعد جون ألين، الذي قال في منتدى في آسبن، كولورادو، في الأسبوع الماضي بان” داعش يفقد”العراق وسوريا. وقد وصفت الاستخبارات من قبل المسؤولين الذين لم يتم الكشف عن أسمائهم لأنهم غير مخولين لمناقشة المعلومات علنا.
“لم نرَ أي تدهور ملموس في أعدادهم” قال مسؤول بوزارة الدفاع، نقلا عن تقديرات الاستخبارات التي وضعت قوة المجموعة الإجمالية مابين 20.000و 30.000،وهو التقدير نفسه لشهر آب الماضي،عندما بدأت الضربات الجوية.
إنّ بقاء داعش في السلطة يثير تساؤلات بشأن موقف الإدارة الأمريكية من التهديد الذي تشكله المنظمة للولايات المتحدة وحلفائها. وعلى الرغم من أن المسؤولين لا يعتقدون أن داعش يخطط لهجمات معقدة في الغرب من أراضيه، إلا أن دعوة التنظيم للمسلمين في الغرب للقتل في البلدان التي يعيشون فيها يعد مشكلة خطيرة، كما يقول مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي و مسؤولون آخرون.
ويقول محللون بأن حملة إدارة أوباما من القصف والتدريب ،التي تحظر على القوات الأميركية استخدام المقاتلين في المعارك أو توجيه الضربات الجوية من الأرض، قد تستغرق عشر سنوات أو أكثر لطرد داعش من ملاذاته الآمنة. كانت الإدارة ولا تزال مصرة على عدم إرسال أي قوات برية أمريكية إلى المعركة على الرغم من دعوات بعض أعضاء الكونغرس للقيام بذلك.
حققت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها السوريون والأكراد بعض التقدم، فقد خسر داعش 9.4 في المائة من أراضيه في الأشهر الستة الأولى من عام 2015،وفقا لتحليل مجموعةIHS المراقبة للصراع. ويقول مسؤولون أمريكيون إن الهجوم الذي قامت به قوة دلتا في سوريا في شهر أيار والذي أسفر عن قتل ممول داعش (أبو سياف ) كشف أيضا عن معلومات استخباراتية بشأن بنية الجماعة وقدراتهم المالية،تعاونت زوجته في العراق مع المحققين من خلال إعطائهم معلومات عن التنظيم.
وقد انتزع المقاتلون الأكراد السوريون وحلفاؤهم السيطرة على معظم الحدود السورية الشمالية من داعش،وأن الإعلان عن خطة الولايات المتحدة وتركيا هذا الأسبوع لإنشاء”منطقة آمنة” من المتوقع أن يعمل على تعزيز تلك المكاسب.
في الرقة،استهدفت قنابل التحالف بقيادة الولايات المتحدة مواقع المجموعة وقادتها مع زيادة في الانتظام. وقد أعاق هذا تحركات المسلحين على الجسور بسبب الخوف من الضربات الجوية ،وقد بعث بعض المقاتلين أسرهم بعيدا إلى مناطق أكثر أمنا.
لكن مسؤولي الاستخبارات الأميركية وخبراء آخرين يقولون إن داعش ليست عرضة لخطر التعرض للهزيمة في أي وقت قريب من الآن.قالت هارلي ينجامبير، وهي محللة في مجال مكافحة الإرهاب في معهد دراسات الحرب، وهو معهد أبحاث بواشنطن، “الضغط على الرقة مهم … ولكن بالنظر إلى الصورة العامة، فان داعش في الغالب يكون في المكان نفسه”.
على الرغم من أن مسؤولين أمريكيين أكدوا على أهمية قيام الحكومة في بغداد باستعادة السنة الساخطين،إلا أن هناك دلائل تشير إلى عدم حدوث ذلك. وقد أسفرت جهود تدريب المتمردين السوريين لمحاربة داعش التي تقودها الولايات المتحدة بتخريج 60 مقاتلا.
ويقول مسؤولون إن المسلحين عدلوا تكتيكاتهم لإفشال حملة القصف الأمريكي الذي بدأ يحاول أن يتجنب سقوط ضحايا من المدنيين. لم يعد المقاتلون يتحركون في مدرعاتهم المستهدفة بسهولة، وقال مسؤول بوزارة الدفاع أنهم يعملون الآن على إخفاء أنفسهم بين النساء والأطفال، ويتواصلون من خلال البريد السريع لإحباط محاولات التنصت وتحديد الموقع الجغرافي.
يستمر النفط ليكون مصدر دخل رئيس. صرح دانييل جلاسر،مساعد وزير شؤون تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة، بأنه بحسب أحدى التقديرات، يحصل داعش 500 مليون دولار سنوياً من مبيعات النفط. هذا فضلاً عما يقدر بحوالي 1 مليار دولار نقداً ضبطت من مجموعة من البنوك التي تقع في الأراضي التي يسيطر عليها داعش. وقال مسؤول بوزارة الدفاع على الرغم من أن الولايات المتحدة قد قصفت البنية التحتية للنفط ،إلا أن المتشددين بارعون في إعادة بناء مصافي تكرير النفط، والحفر،والقدرة التجارية على التسويق والبيع. كما يعمل الوضع المتأزم على جعل معركة الرمادي أكثر أهمية.
إن قوات الأمن العراقية، بما في ذلك 500 مقاتل سني،بدأوا الاستعداد لاستعادة السيطرة على المدينة السنية، وتم الاتفاق على أن تكون هناك 100 ضربة جوية يقوم بها التحالف لدعم هذه الجهود،لكنه حذّر من أن هذه العملية سوف تستغرق وقتا طويلا.
رابط المصدر :