منظر عام لساحة الفردوس في موقع الصورة التي أخذها جيرو مديلاي لتمثال صدام حسين وهو يسحب من قبل القوات الأمريكية والعراقيين في 9 ‏نيسان 2003. تصوير: مايا الاريزو
منظر عام لساحة الفردوس في موقع الصورة التي أخذها جيرو مديلاي لتمثال صدام حسين وهو يسحب من قبل القوات الأمريكية والعراقيين في 9 ‏نيسان 2003. تصوير: مايا الاريزو

مصطفى حبيب| مكتب طهران ، صحيفة الكارديان

ترك الاتفاق التأريخي الرأي العام العراقي منقسماً على أسس عرقية و طائفية

ما هي إلّا ساعات قليلة بعد أن تم إعلان الاتفاق النووي، بدأ العراقيون مناقشة الموضوع بسخونة في الشوارع، والمقاهي والمنتديات ووسائل الإعلام الاجتماعية ،هل قامت الولايات المتحدة ببيعهم؟ هل ستكون إيران قادرة الآن على التدخل في العراق من دون عقاب؟

كما هو الحال في معظم المواضيع المتعلقة بالجارة الشرقية، والتي يتشارك العراق معها بـ1500 كيلومتر من الحدود، والتاريخ الملوث بالحرب، جاءت ردود فعل الجمهور بشأن الاتفاق النووي متباينة، بحسب التقسيمات العرقية والطائفية الموجودة في المجتمع العراقي. معظم الذين وقفوا مع الاتفاق كانوا من المسلمين الشيعة، ورأى هؤلاء إن إنشاء علاقات أفضل بين إيران والولايات المتحدة من شأنه أن يحسّن الأمن في بلدهم، إذ غالبا ما تساهم المنافسة بين وكلاء الولايات المتحدة من السنة والشيعة المدعومين من إيران في عدم استقرار البلد.

يمكن للانفراج بين إيران والولايات المتحدة – وهما أقوى حلفاء العراق – تهدئة الصراع الطائفي وتوحيد المقاومة ضد داعش

قال حيدر كاظم:”ذهبت إلى طهران قبل ثلاثة أشهر، ورأيت ما تسببت به العقوبات الاقتصادية”، وهو صاحب متجر في منطقة الكرادة في وسط بغداد، “جعلني ذلك أتذكر المشاكل التي تسببت بها العقوبات هنا في العراق: الفقر والمرض ونقص الخدمات. إنهم جيراننا، ونحن قريبون إليهم. اذا كانت حالتهم جيدة، سنكون نحن في حالة جيدة ايضا “.لكن المعارضين للاتفاق، معظمهم من المسلمين السنة في كثير من الأحيان، يقولون إنّ الاتفاق يمنح إيران الحق في التدخل في العراق من دون أي معارضة من قبل الولايات المتحدة.

قال صفاء عبد المجيد، وهو موظف في وزارة الكهرباء، ويعيش في حي يسيطر عليه السنة في السيدية جنوب بغداد:”إنّ الاتفاق النووي يعمل ضد مصالح العراق”، “لقد تحالفت إيران والولايات المتحدة لتدمير هذا البلد، وقد صرح علي خامنئي مرارا وتكرارا بأن التدخل العسكري لبلاده في العراق سيستمر بعد الاتفاق” جلب الاتفاق النووي الإيراني ذكريات غير سارة لكثير من العراقيين، بسبب البرنامج النووي الذي بدأه حاكم العراق السابق صدام حسين. في الفيسبوك وعلى طاولات العشاء العائلية، يقوم أنصار الاتفاق باتهام أولئك الذين يعارضون الصفقة بالتعاون السري مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية.

قال ماجد كاظم، أستاذ علم الاجتماع وعلم النفس الذي يحاضر في جامعة بغداد والجامعة المستنصرية “في كل مرة كان هناك موضوع مثير للجدل من هذا القبيل، يختار العراقيون جانباً على الآخر”،، وأضاف “إنهم لا يتفقون”.

أعطى الاتفاق النووي أيضا منتقدي الحكومة العراقية فرصة للتكلم عن السياسيين المحليين، وخاصة وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري وهو شيعي، لأدائه السيئ على جبهات عدة مثل الصراع بشأن المياه مع تركيا، والنزاع بشأن ميناء مبارك الكبير في الكويت، ومقارنته مع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، الذي يُنظر إليه على أنه المنتصر بعد نحو عامين من مفاوضات طويلة وصعبة. رحب معظم السياسيين الرفيعي المستوى في العراق بالاتفاق، على الرغم من أن تصريحات البعض كانت أكثر فتوراً من البقية.

صرح الرئيس العراقي فؤاد معصوم، وهو سياسي كردي، لوسائل الاعلام المحلية.”سيساعد الاتفاق في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط” ، وقال إياد علاوي، أحد نواب الرئيس العراقي الثلاثة، “لسوء الحظ لم يناقش الاتفاق مسألة احترام السيادة العراقية، وتدخلات إيران في الدول الأخرى في المنطقة” على الرغم من أن علاوي شيعي، إلا انه يميل نحو اللوبي العلماني، وهو معروف بكراهيته لإيران. “ومع ذلك،” اعترف علاوي، “لا يزال الاتفاق مهماً”.

ووصف نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي السابق، واحد النواب الآخرين للرئيس في البلاد، الاتفاق بأنه “انتصار لأولئك الذين يحبون السلام في هذه المنطقة وفي العالم”. وبحلول نهاية ولايته في العام الماضي، كان المالكي معروفا بصلاته الوثيقة مع إيران.

وامتنع رجل الدين مقتدى الصدر، الذي يقود التيار الصدري، ذو القاعدة الشعبية المليونية، والذي لطالما شكك بسياسة إيران تجاه العراق في الماضي القريب،عن التعليق على الاتفاق.

أصدر احد نظراء الصدر، عمار الحكيم، وهو رجل دين يرأس حزباً سياسياً شيعياً كبيراً، المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، بياناً يقول فيه، “نهنئ الشعب الإيراني النبيل، وقادته الحكماء، والمفاوضين الشجعان … ونحن نعتقد أن الاتفاق النووي هو مفتاح لحل العديد من المشاكل الشائكة في المنطقة “.

على المدى الطويل، من المتوقع أن يؤثر الاتفاق على اقتصاد العراق عن طريق خفض أسعار النفط العالمية. سيكون هذا التحدي المالي كإنذار للحكومة العراقية، التي تحتاج إلى رفع الأسعار للتغلب على العجز في الميزانية الحالية.

قال أحمد الآلوسي، وهو محلل سياسي محلي في بغداد،”وقد ركزت المحادثات على أكثر من المسألة النووية”،”سوف نعلم ومما لا شك فيه … ما اذا كان الجانبان قد اتفقا على حل الصراعات الأخرى بطريقة تصالحية، من خلال التفاوض، أو ما إذا كانوا سيبقون على الوضع الراهن ببساطة.”

رابط المصدر :

http://www.theguardian.com/world/iran-blog/2015/jul/28/iraqis-fear-iran-after-nuclear-deal