على الرغم من الانكماش الاقتصادي الذي تمر به تركيا وقضية الفساد التي صاحبت وزراء و متنفذين في حكومة حزب العدالة والتنمية فلقد تمكن الحزب في الانتخابات المحلية الأخيرة في آذار من العام الماضي من الحصول على 43,5% من الأصوات ولكن الأمور قد تكون مختلفة في الانتخابات البرلمانية القادمة والتي ستقام في 7 من حزيران أي بعد أسبوع واحد ، وسيكون 276 مقعداً كافياً لتشكيل الحكومة وإذا ما أراد التعديل الدستوري والقاضي باعتماد النظام الرئاسي بدل البرلماني فعليه الحصول على 330 مقعداً وأما بوصوله الى367 مقعداً فسيكون الحزب الحاكم قادراً على تعديل الدستور من دون الحاجة إلى الاستفتاء.
الاستبانات تشير إلى أنّ شعبية الحزب تتراوح حول نسبة 40% من الرأي العام التركي وهي النسبة التي مكنته من الفوز في الانتخابات الماضية والتي ستمكنه من الفوز في القادمة!
النظام الانتخابي المعمول به في تركيا (عتبة 10%) والذي يرفض حزب العدالة والتنمية والمؤسسة العسكرية وبعض الأحزاب القومية تغييره خشية دخول حزب العمال الكردستاني وبعض الأحزاب اليسارية للبرلمان.
فمن دون قانون العتبة الانتخابية سيخسر حزب العدالة والتنمية ما يقرب من 40-50 مقعداً مما سيقطع الطريق على طموحاته الرئاسية وستلزمه بالتحالف مع أحزاب أخرى لتشكيل الحكومة الجديدة.
ولأول مرة سيشارك حزب الشعوب الديمقراطية (الكردي) برئاسة صلاح الدين ديميرتاش في الانتخابات بصفته الحزبية أي بمرشحين حزبيين وككتلة حزبية وليس كشخصيات كردية مستقلة كالسابق وضمن ائتلاف كبير يضم حركات نسائية مؤيدة لحقوق المرأة وبعض الاحزاب الاشتراكية واليسارية وحتى بعض الحركات العلوية التركية والأقليات الأخرى، والحزب كان قد حصل في الانتخابات السابقة على حوالي 60-65% من أصوات الناخبين في المدن الكردية الرئيسة في الجنوب الشرقي للبلاد وهي نسبة 6,5% على الصعيد الوطني وهي نسبة أقل بكثير من عتبة ال10% وبالرغم من ذلك فلقد تمكن (الأكراد) كمستقلين من دخول البرلمان والحصول على 35 مقعداً (من أصل 555 مقعداً) وهي نسبة أقل من الأصوات الفعلية التي يدلي بها الاكراد في الدوائر الكردية وهو الأمر الذي يركز علية حالياً الحزب الكردي في الحملة الانتخابية، وتشير أحدث استطلاعات الرأي أن نسبة التأييد للحزب تحوم حول 10% فالحزب بحاجة إلى أصوات الأكراد المحافظين الذين كانوا يميلون نحو حزب العدالة والتنمية وبذلك تكون قد خلطت الاوراق على حزب العدالة والتنمية.
فصراع الانتخابات سيكون في المناطق الكردية (الجنوب والجنوب الشرقي) إذا ما جزمنا بأن الأصوات في مناطق تركيا الأخرى شبه محسومة بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية.
فلقد أشارت الاستطلاعات إلى أنّ شعبية حزب العدالة والتنمية كانت قد وصلت في نهاية العام الماضي الى 55%ثم تراجعت الى 50% مع بداية العام الحالي ثم تقهقرت مع بداية شهر أيار لتصل 42% وهو ما يخشاه الحزب فهذا يشير إلى مشكلة حقيقية! وهذه المشكلة تجد تربة خصبة لها في وسط الأكراد الذين يعيشون في اسطنبول والمتدينين الذين دأبوا على التصويت للحزب. وهؤلاء يزعجهم كلام الحزب الحاكم على الملف الكردي، وبعضهم يشعر بأنه ابتعد عن الشعب وعن الشارع.
وحزب «الوطن الأم» عاش تجربة مشابهة في انتخابات 1989 المحلية حين وجه إليه الناخب تحذيراً بسبب ابتعاده عن رغبات الشارع الأساسية، ثم بلغ زعيم الحزب ترغوت أوزال القصر الجمهوري وتراجع الحزب تدريجياً إلى أن اندثر.
المؤشرات جميعها تشير الى صعوبة تحقيق حزب العدالة والتنمية الأغلبية مما يجعلها مضطرة الى التحالف مع حزب ثانٍ لتشكيل الحكومة فرئيس الجمهورية اردوغان يرغب بالتحالف مع حزب الشعوب الديمقراطية (الكردي) لتحقيق المصالحة مع الاكراد وترسيخ الاستقرار كما يدعي ولكن المراقبين يرون أنّ السبب الحقيقي هو عدائه لحزبي الشعب الجمهوري والحركة والقومية فيما يرى رئيس الوزراء داود اوغلو أنّ حزب الحركة القومية اليميني الاقرب في التحالف معهم لوجود الكثير من المشتركات.