ماريا ابي حبيب، روري جونز | وول ستريت جورنال
لسنوات حذرت واشنطن الكويت ودول الخليج الأخرى التي لم تبذل الجهد الكافي لمنع مواطنيها في دعم الجماعات المتطرفة. فإستهداف الكويت في تفجير انتحاري يوم الجمعة التي تحملت مسؤوليتها الدولة الإسلامية جددت التدقيق في هذا الدعم، وأكدت المخاوف من رد فعل سلبي. مسؤولون غربيون وعرب قالوا قبل وبعد الهجوم أن الكويت هي من بين دول الخليج الاخرى التي تنتشر فيها الافكار المتطرفة إلى حد كبير دون رادع ويتم تمويلها بسخاء، ويرجع ذلك جزئياً إلى اشتراك الانظمة الملكية السنية والجماعات المتطرفة السنية في كراهيتها لإيران الشيعية، المنافس الإقليمي على حد سواء.
ونتيجة لذلك، فقد حاول مسؤولون غربيون بجهد كبير مع الكويت والدول الخليجية العربية الحليفة الأخرى في وقف التبرعات الخاصة بالجماعات الجهادية، هذه التبرعات كثيراً ما كانت تقدم التمويل إلى جماعات مثل الدولة الإسلامية بعيدا قبل أن تصبح الجماعات كبيرة بما يكفي لتسيطر على مساحات من الأراضي وتجمع الضرائب والرسوم ثم لتشن هجمات إرهابية في دول الخليج، وفقا لمسؤولين غربيين.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية في واشنطن يهتم بشؤون الشرق الأوسط “بعد 11/9، كنا نظن أنهم فهموا أن هذا لم يعد مقبولا” وأضاف “يبدو أن الرسالة لم تصلهم.”
الا ان مسؤولين في الكويت قالوا أنهم حاولوا خنق الجماعات المتطرفة. فبعد سنوات من الضغط الأمريكي، قامت الكويت – وهي قاعدة للأميركيين في مكافحة الإرهاب- بإعتبار تمويل الجماعات الإرهابية غير قانوني، على الرغم من أن التنفيذ كان يمثل تحديا. بعض الممولين الرئيسيين في السنوات الأخيرة، كانوا من موظفي الخدمة المدنية ومسؤول حكومي رفيع، تمت معاقبتهم بعد موجة من الغضب العام من الغرب. وقال مسؤول حكومي “تلتزم الكويت بجميع القوانين التي تجرم تمويل الإرهاب”. اما وزارة الداخلية فلم تعلق.
دبلوماسي غربي مقيم في الشرق الأوسط وافق على أن الحكومة الكويتية حاولت تضييق الخناق على تمويل الجماعات الإرهابية خلال العام الماضي، على الرغم من ان المواطنين العاديين هم بعض الممولين الرئيسيين للجماعات الجهادية في سوريا منذ عام 2012. ولا يزال ممكنا للأفراد استخدام شبكات القنوات غير الرسمية في جمع الأموال لغايات إرهابية، ولكن الدبلوماسي قال ان هذه لم تكن مشكلة كويتية فقط. وقال الدبلوماسي ان “المؤسسات العامة لا توجه الأموال إلى الجماعات الإرهابية المعروفة، حيث كان هناك رد واضح جدا. وان المؤسسات المالية شددت على امور التمويل بشكل كبير “.
الكويت، إمارة صحراوية صغيرة تقع بين المملكة العربية السعودية والعراق، حتى الآن تمكنت تماما تقريبا من البقاء بعيدا عن عنف المتطرفين الذي احرق أماكن أخرى في المنطقة. ولكن في هجوم يوم الجمعة تم التعرف على مواطن سعودي، فهد سليمان عبد المحسن القباع، قال المسؤولون لوكالة الأنباء الكويتية أنه دخل البلاد فجرا عبر مطار مدينة الكويت، ثم لبس حزاما من المتفجرات حول جسده وفجر نفسه في أحد أكبر المساجد الشيعية. التفجير الذي أدى إلى مقتل 27 وإصابة 200 هو واحد من أعنف الهجمات في تاريخ الكويت.
وعندما خرج الآلاف في مدينة الكويت يوم السبت لتشيع جنازات الضحايا، تعهد وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد الاحمد الصباح ان الهجوم لن يشعل العنف بين الفصائل السياسية والدينية في الكويت. قبل وقت طويل من الهجوم، كان الكويتيون تحت المجهر للاشتباه بهم في تقديم المساعدات للجماعات المتطرفة. في آب (أغسطس) من العام الماضي، ضمت القائمة السوداء لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ووزارة الخزانة الأميركية مواطنين كويتيين يشتبه في تمويلهم للإرهاب.
شافي العجمي كان واحدا منهم، وهو أستاذ في جامعة كويتية تابعة للدولة الذي تحدث علناً عن قتل الشيعة – حيث ان المتطرفين الذين ينتمون إلى الطائفة السنية يعتبرون الشيعة مرتدين. وجاءت العقوبات بعد بضعة أشهر من قبل وزير العدل والشؤون الإسلامية الكويتي نايف العجمي، ليستقيل في ايار (مايو). اما وزارة الخزانة فكانت قد اتهمته بتشجيع تمويل الجماعات المتطرفة في سوريا، وهو اتهام رفضه العجمي.
عندما جمعت واشنطن تحالفها ضد الدولة الإسلامية في ايلول (سبتمبر) من العام الماضي، وصل وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى جدة في المملكة العربية السعودية لمطالبة الحلفاء الإقليميين بالقضاء على الدعم الفكري والمالي المقدم إلى الجماعات المتطرفة. ناقش ان العمل العسكري وحده لا يمكن هزيمة المتطرفين بعد عقدين من خوض الحرب على الإرهاب. التقى السيد كيري مع عشرة حلفاء عرب، بما في ذلك جميع الدول الخليجية الست. تعاهدوا معا على مواجهة “تمويل [الدولة الإسلامية] وبقية الجماعات المتطرفة، والتبرؤ من أيديولوجيتها البغيضة، وإنهاء الإفلات من العقاب وتقديم الجناة إلى العدالة.”
على الرغم من الوعود التي قطعت في جدة، أصدرت وزارة الخزانة توبيخا بعد شهر واحد فقط في تشرين الاول (اكتوبر) الى الكويت ودولة خليجية أخرى وهي قطر. قال ديفيد كوهين وكيل الوزارة لمكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية، ان الدول التي سمحت بالتمويل لديها “سلطات قضائية متساهلة في تمويل الإرهاب”. ويقول بعض النقاد أنهم وإلى حد كبير لم يستغربوا الهجوم، بسبب الاستجابة البطيئة للكويت في ايقاف تمويل الشبكات الإرهابية.
خالد الشطي، وهو محام شيعي ونائب سابق قال “أنا كنت على يقين من أن الإرهاب سيصل إلى الكويت “واضاف” كما هو متوقع، فإن هذه الجماعات الإرهابية تغير ولائها وتهاجم الآن دول التمويل.” وجاء هجوم يوم الجمعة في الوقت الذي ترتفع فيه حدة التوترات الطائفية داخل الكويت. في وقت سابق من هذا العام، ألقي القبض على اثنين من زعماء الشيعة البارزين في الكويت بما في ذلك السيد الشطي لانتقاده الحرب التي تقودها السعودية ضد المتمردين الموالين لإيران في اليمن.
التفجير جدد التركيز على مكافحة العنف الطائفي في دول الخليج مثل قطر والإمارات العربية المتحدة، الممالك السنية الغنية بالنفط التي دعمت التحالف بقيادة الولايات المتحدة لإجراء الضربات الجوية ضد الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. وجاء الهجوم في أعقاب سلسلة من التفجيرات في المساجد الشيعية في المملكة العربية السعودية المجاورة، وادعتها الدولة الإسلامية أيضا. وانضم ما بين 1500 إلى 2500 مقاتل سعودي إلى الجماعات المتطرفة في سوريا منذ بداية الصراع، وفقا لتقرير صادر عن المركز الدولي لدراسة التطرف نشر في وقت سابق من هذا العام. وقال التقرير في الوقت نفسه، أنه تم تعيين 70 مقاتل من الكويت.
في المملكة العربية السعودية، يلقى القبض عادة على المقاتلين عند عودتهم إلى بلادهم، ويحكم عليه بالسجن قبل ان يخضعوا لبرنامج اجتثاث التطرف. هذا البرنامج مشكوك النجاح فيه – ذهب الجهاديون في هذا البرنامج وانضموا إلى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن، التي تعتبر المنظمة الإرهابية الأكثر فتكا من قبل المسؤولين الأمريكيين. بالإضافة إلى الاعتقالات، حاولت السلطات السعودية أيضا في الأشهر الأخيرة اتخاذ إجراءات صارمة ضد التجنيد من خلال تكثيف المراقبة على أنشطة المتطرفين في وسائل الاعلام الاجتماعية، وحث الآباء على مراقبة أبنائهم إذا ظهرت أية علامات تطرف.
في الوقت نفسه، واصلت الحكومة جهودها لقطع التمويل عن الجماعات المتطرفة عن طريق مطالبة المواطنين بضمان أن تصل تبرعاتهم إلى الجمعيات الإسلامية الخيرية المرخص لها رسميا فقط.
الكويت تواجه تحديات داخلية خاصة بها. قال أنور الرشيد، رئيس منتدى الخليج الكويتي للجمعيات المدنية ان تهميش بعض الجماعات الدينية والاجتماعية، مثل البدون أو المواطنين عديمي الجنسية، قد يجعلهم أرضا خصبة للدولة الإسلامية مما قد يؤدي إلى هجمات داخلية. وقال السيد رشيد “كل هذا النقص في الديمقراطية يشجع الإرهابيين”.
قالت السلطات، ان الرجل الذي قاد الانتحاري الى موقع الهجوم يوم الجمعة من البدون، في حين قال نشطاء سياسيون من البدون في نيسان (ابريل) انه كان هناك بعض الدعم للدولة الإسلامية ولكنها حتى الآن تبقى مجرد معتقدات. في علامة على تنامي المخاوف، أصدرت الحكومة في وقت سابق من هذا العام عفواً عن حاملي الاسلحة لتشجيع الكويتيين على تسليم أسلحتهم النارية.
رابط المصدر :
Kuwait Attack Renews Scrutiny of Terror Support Within Gulf States