مايكل أوهانلون |معهد بروكينغز – واشنطن
استراتيجية الرئيس أوباما تجاه العراق خلال العام الماضي كانت صحيحة اكثر من كونها خاطئة.
بعد السقوط المأساوي للموصل والمناطق الرئيسية الأخرى في الشمال الغربي ذات الاغلبية السنية في ربيع عام 2014، استخدم أوباما القوة الجوية للولايات المتحدة في مساعدة الكرد لدرء هجمات داعش ضدهم، ساعد في هندسة عملية الانتقال السياسي العراقي ليحل الزعيم الحالي، حيدر العبادي محل رئيس الوزراء نوري المالكي، وقدم أرقام متواضعة من المدربين الأمريكيين لمساعدة الجيش العراقي في إعادة بناءه بعد تعرضه للتفكك وفقدانه للمصداقية.
تم اتخاذ جميع هذه الخطوات في الاتجاه الصحيح – أولا، استخدام القوة الجوية وجعلها في وضع الطوارئ لوقف المزيد من النجاحات التي حققتها داعش، ثم التحول السياسي الضروري للحصول على دعم السنة والكرد في الحكومة العراقية المركزية، وأخيرا إلى الحاجة في بدء التدريب العسكري للقوات المسلحة العراقية لاصلاح الضرر الذي سببه المالكي على مر السنين.
ولكن منذ فصل الشتاء، تعثرت استراتيجية الولايات المتحدة تجاه العراق. في وقت سابق، كان تنبؤ الجنرال لويد أوستن القائد في القيادة المركزية، ان الموصل سيتم استعادتها في ربيع هذا العام، متفائل جدا.
وكان نجاح تكريت في هذا الربيع، يرجع جزئياً إلى دور الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، لكن السقوط الأخير في الرمادي في محافظة الأنبار جعلت الموازين تتعادل. عموما، لا توجد أية مؤشرات واضحة على ضعف داعش في العراق التي إذا ما قورنت مع سوريا من المفترض أن يكون أسهل الجبهتين الرئيسيتين حيث يجب على أمريكا وحلفائها أن تهاجمها في نهاية المطاف، وإلحاق الهزيمة بها.
خطة ارسال عدة مئات من المستشارين الأمريكيين، وفي مقدمتهم 3000 هم بالفعل في العراق، لإقامة مؤسسة تدريب كبيرة في محافظة الانبار هو نبأ سار. كان مفهوماً أن الرئيس أوباما عارض دائماً حرب العراق وحذر كثيرا من انخراط القوات الأميركية مرة أخرى في أي دور قتالي كبير هناك، قد تكون خطوة إضافية نحو مساعدة العراقيين في الحد الأدنى، كما ان بيان الجنرال مارتن ديمبسي في ان الولايات المتحدة قد توسع جهودها أكثر قليلا في الأسابيع والأشهر المقبلة، مرحب به. ومع ذلك، أن خطة السيد أوباما مفهومة منطقيا، لكنها مقيدة للغاية.
يجب أن يبقى مع الجوهر الأساسي للاستراتيجية ولكن في نفس الوقت عليه ان يكثف من الدور الأمريكي فيما يقرب من ثلاثة أضعاف، من حيث أعداد القوات، مما يجعلها أقرب إلى مهمتنا الحالية في أفغانستان، حيث يدعم الآن 10 الاف جندي أمريكي القوات المسلحة الأفغانية التي تقوم بـ(95-99) في المئة من جميع انواع الاعمال القتالية في بلادها.
هناك ثلاثة مخاطر رئيسية لحذر السيد أوباما المفرط والمتدرج في العراق:
1- استراتيجيتنا تضع مستقبل العبادي السياسي في خطر.
رئيس الوزراء العبادي هو أفضل ما يمكن أن نأمله حالياً من زعيم عراقي في منصب كمنصبه. زعيم رئيسي للسنة، ونائب رئيس الوزراء السابق، رافع العيساوي، قال عنه “رجل جيد” في خطابه الأخير في بروكينغز، وهو نوع من الدعم المطلوب من أولئك العراقيين الذين يشككون في تأثيره. وفي الوقت نفسه، ومع ذلك، يسعى رئيس الوزراء السابق المالكي إلى تقويض حكم العبادي، وربما عينه في اتجاه استعادة عمله السابق، والشوفينيين الشيعة الآخرين أيضا يشككون في جهود تواصل العبادي بالعمل مع السنة والكرد، حيث نظروا إلى العبادي على انه عديم التأثير وفاقد للسلطة، لذا فان الأساس بأكمله الذي تستند اليه الاستراتيجية السياسية والعسكرية الحالية لأوباما يسقط بعيدا.
2- بعد معرفة هذا، العبادي ليس لديه خيار سوى التساهل مع الكثير من الميليشيات الشيعية
هذه المجموعات المدعومة من ايران هي حقيقة من حقائق الحياة في العراق، التي لا يمكن التخلص منها بمجرد التمني. أنها ساعدت في انقاذ بغداد في الصيف الماضي، عندما كان داعش قريبا من المدينة، وبخلاف ذلك لا توجد قوة قتالية مضادة لداعش أكثر موثوقية في الوقت الراهن أكثر من أي منظمة أخرى باستثناء البشمركة الكردية العراقية، لكنها تهدد بأن تزيد من التوتر الطائفي وتشعل الحرب الأهلية في العراق. في نفس الخطاب في بروكينغز، شبههم العيساوي بداعش، في الواقع.
وهكذا، هناك حاجة لجمع أسوأ من فيهم، وعلى مر الزمن يتم التحقق منهم بشكل فردي ووضعهم في تنظيم للحرس الوطني – القوة العراقية التي لا توجد إلا على الورق في الوقت الحاضر، وأن هناك حاجة ماسة للتعامل مع الانقسامات الطائفية الحالية في العراق للتعويض عن عدم كفاية جيشه الرئيسي. يمكن للعبادي كبح جماح الميليشيات فقط لو كان موقفه السياسي قوي وإذا صارت اتجاهات المعركة ضد داعش تتوافق مع خططه.
3- استراتيجية التدرج العسكرية تعطي العدو وقتا للتكييف
إذا وسعت القوات العراقية عملياتها تدريجيا وكثفتها بدعم من قبل الولايات المتحدة والقوات الجوية المتحالفة، فإن داعش سوف تتعلم الدروس التكتيكية وتعالج بعض من نقاط ضعفها مثل اخفاء مقر قادتها في المدن التي يمكنها التحكم فيها في الوقت الحالي. في حين ان “الصدمة والرعب” لديها سمعة سيئة في العراق، بل هو واقع لا يمكن إنكاره أن الجيش يحاول بجد الهجوم وخلق الفرص قبل استغلال العدو لاعادة توازنه. ستان ماكريستال أظهر هذا، في كيف انه أمر قيادة قوات العمليات الخاصة المشتركة في العراق قبل وأثناء بروز داعش. في الواقع، هذا هو أحد الأسباب لماذا يفضلون الذهاب أبعد من التوصيات المعتادة في زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق، المزيد من المدربين، المراقبين الجويين – المستشارين، وكذلك نشر مؤقت (وغير معلن) للقوات الخاصة في العمل المباشر، الذين يمكنهم العمل كفريق مع القوات الخاصة العراقية في حملة قوية ضد داعش، عندما تكون الاستعدادات اللازمة للمعركة قد اتخذت (ربما في وقت لاحق من هذا العام أو أوائل العام المقبل).
استراتيجية السيد أوباما الأساسية في العراق ليست غير سليمة، ولكن تنفيذ الاستراتيجية الجيدة بشكل ضعيف وفاتر يمكن ان تنتهي بهزيمة. نحن بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد في الحد الأدنى لا للتدرج، علينا تصعيد لعبتنا في العراق بمقدار ضعفين أو ثلاثة أضعاف في الأشهر المقبلة.
رابط المصدر :