إنّ هبوط أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2014 كان مفاجئاً للحكومة العراقية، وأدّى ذلك إلى عدة تنقيحات في الموازنة، وتشكّلت عدة تحديات أمام الاقتصاد، آخذين بنظر الاعتبار الاعتماد على النفط، ومن تلك التحديات السيولة النقدية لتوفير مصاريف ورواتب قطاع الدولة، وتوفير المدفوعات لشركات النفط العالمية، والاستمرار بتمويل الحرب ضد داعش، وتمويل الجهد الانساني لمساعدة النازحين داخلياً. لكن، ربما يكون أهم شيء يخص هبوط أسعار النفط هو أنّه شخّص عدة نقاط ضعف في إدارة الاقتصاد مثل ضعف التخطيط، والقطاع الخاص غير مكتمل النمو، والاعتماد المفرط على النفط، والمصاريف المنتفخة للدولة. وعلى الرغم من أنّ عدة محللين قد توقعوا هبوط أسعار النفط في 2014، إلا أنّ الحكومة العراقية، لغاية تشرين الأول 2014، توقعت أن تبقى الأسعار بحدود 90 دولار أو أكثر.
وافق مجلس النواب العراقي على موازنة التقشّف يوم 29 كانون الثاني 2015، والتي تضمنت توقعات واردات بقيمة 94,05 تريليون دينار عراقي مقابل مصروفات بقيمة 119,59 ترليون دينار، وعجز بقيمة 25,54 ترليون دينار. ومن المتوقع أن تساهم مبيعات النفط في عائدات الدولة بمقدار 78,65 ترليون دينار أو 83,6% من الدخل الاجمالي، لكن من المحتمل أن يكون الرقم الحقيقي أعلى من 90%. صادرات النفط ثبتت على معدل 3,3 مليون برميل في اليوم بسعر بيع مقداره $56 دولار أميركي للبرميل، ومن المتوقع أن يغطّى العجز عن طريق السندات والقروض من مصادر محلية وعالمية.
حتى وقت كتابة هذا التحليل، تراوح سعر النفط عام 2015 أقل من 56$ (Average) وهذا الرقم المستهدف الذي قيمته $56 يتطلب أن يكون سعر السوق أعلى بحوالي $10 دولارات بسبب التكاليف المرتبطة بالتصدير. وإذا حقق العراق صادرات بقيمة 3,3 مليون برميل في اليوم فسيكون رقماً قياسياً وعودة لمستويات لم نرَها منذ سبعينيات القرن العشرين.
لسوء الحظ، إنّ أرقام الأشهر الثلاث الأولى من سنة 2015 مخيبة، فالعراق لم يحقق كمية التصدير المستهدفة أو سعر البيع المستهدف، ومعدّل الايرادات الشهرية المستهدفة من مبيعات النفط حسب الموازنة هو 5,54 مليار دولار، لكن كما يُظهر الجدول أدناه، فلقد هبطت الايرادات أقل من ذلك بكثير.
الشهر | العدد الكلي للبراميل المُصدّرة | الايراد الكلي من الصادرات | معدل أسعار البيع للبرميل الواحد | معدل الانتاج التصديري اليومي (برميل في اليوم) |
كانون الثاني | 78,6 مليون | $3,26 مليار | $41,45 | 2,54 مليون |
شباط | 72,7 مليون | $3,40 مليار | $46,80 | 2,60 مليون |
آذار | 92,4 مليون | $4,46 مليار | $48,24 | 2,98 مليون |
لقد كان الوارد الكلي المتوقع للأشهر الثلاث الأولى من سنة 2015 هو $16,63، لكن الايراد الفعلي كان $11,12 مليار، وبأسعار الصرف الحالية فانّ العجز $5,51 مليار دولار أو 7,11 تريليون دينار عراقي، وبالطبع، فانّ هذا سيُضاف إلى العجز الحالي الذي قيمته 25,54 تريليون دينار عراقي في الموازنة السنوية.
إنّ أرقام التصدير المتوقعة لشهر نيسان حسب تصريحات وزير النفط، عادل عبد المهدي، هي:
الشهر | العدد الكلي للبراميل المُصدّرة | الايراد الكلي من الصادرات | معدل أسعار البيع للبرميل الواحد | معدل الانتاج التصديري اليومي (برميل في اليوم) |
نيسان | 93 مليون | $4,84 مليار | $52 | 3,1 مليون |
سيرتفع العجز لشهر نيسان ليصل إلى $0,7 مليار والذي عندما يُضاف إلى الأشهر الثلاث الأولى يصبح 8 تريليون دينار عراقي، وهذا سوف يرفع عجز الموازنة إلى أكثر من 33 تريليون دينار عراقي، وبأسعار النفط للربع الثاني من السنة المتوقع أن تكون $56 دولار يبدو أنّه ستكون إضافات أكثر للعجز في الأشهر القادمة، وطبقاً لـ “ادارة معلومات الطاقة الأميركية”، فقط في الربع الأخير من هذا العام، من المحتمل أن يتراوح خام برنت بحدود $67، وبالتالي سوف يحقق العراق سعر البيع $56، وحتى لو وصلت الصادرات إلى 3,3 مليون برميل في اليوم في الأشهر القادمة، سيبقى هنالك عجزٌ حتى الربع الأخير، مما سيزيد عجز الموازنة الكلي بمقدار 5 إلى 6 تريليون دينار عراقي.
بالاضافة إلى ذلك، يبدو أنّه من غير المتوقع جداً أن الحكومة العراقية سوف تكون قادرة على رفع الـ16,4% من الموازنة من المصادر غير النفطية، وبالتالي، سيكون العجز الكلي في الحقيقة أكبر لأن النفط سيسهم في النسبة الأكبرمن واردات الحكومة.
ومن المهم ملاحظة أن سعر الصرف في الوقت الذي أُقرّت فيه الموازنة في شهر كانون الثاني كان 1 دولار = 1,160 دينار عراقي. بينما بقي سعر الصرف الرسمي نفسه. هناك احتمال ان يتغير ذلك لأن الحكومة العراقية قد اقترضت من المصارف الحكومية لتتخذ تدابير الطوارئ الأخرى لزيادة المعروض من النقود لها. العراق يستلم مدفوعات صادراته بالدولار، فانّ هبوط قيمة الدينار العراقي قد تمحو جزءاً من العجز المتزايد لأن الموازنة العراقية تُحسب بالدينار العراقي، لكن بالطبع، هبوط الدينار العراقي سوف يسبب تأثيرات أخرى ومن المحتمل أن يزيد هذا من مشاكل العراق الاقتصادية ومن المشاكل المتعلقة بموازناته.
مخطط خام برينت الصادر عن موقع tradingview.com بتاريخ 20/4/2015