أصدر الرئيس باراك أوباما، بمناسبة اعياد نوروز، رأس السنة الفارسية، تسجيلاً مصوّراً هنّأ فيه الشعب الإيراني، وقال “عقودٌ مرّت وأمّتانا منفصلتان بسبب سوء الظن والخوف، الآن في بداية هذا الربيع لدينا فرصة لتحقيق تقدّمٍ يصبُّ في مصلحةِ بلدينا والعالَم لسنواتٍ عديدةٍ قادمة”. والغرض من الرسالة كان تشجيع الشعب الإيراني للضغط على قادتهم للإلتزام بإتفاقية، مع الولايات المتحدة وحلفائها، حول برنامج الطاقة النووية المثير للجدل.
وقال أيضاً “إذا ما قام قادة إيران بالإختيار الصحيح الآن، فإنّ الصفقة النووية يمكن أن تُساعد في فتحِ أبوابِ مستقبلٍ مشرقٍ لكم يا شعب إيران الذي لديه الكثير ليقدمه للعالم، فأنتم وَرَثَةُ حضارةٍ عظيمة”.
حتى الآن، وتقريباً بكل تأكيد، قضى وزير الخارجية جون كيري وقتاً مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، أطول من أي وقت قضاه مع أي وزير خارجية آخر في العالم، والعلاقات غير الرسمية بين البلدين، تبدو أقرب اليوم من أي وقتٍ مضى منذ الثورة الإسلامية في 1979، فلقد التقى الجانبان عدّة مرات أُخر هذا الاسبوع في لوزان، في محاولة لمعالجة النقاط العالقة الأخيرة، وقال كيري للصحفيين هناك “لقد أحرزنا تقدماً كبيراً”. لكن المحادثات توقفت الآن بسبب عطلة رأس السنة الايرانية، وسوف تستمر الأربعاء 25 آذار لمدة يومين هما آخر مجهود في هذا الشأن.
لقد أوجدت الفرق المتفاوضة علاقةً فعّالة مختلفة تدل على الإحترام، ومتقاربة بما فيه الكفاية ليتم عرضها على الجمهور في وقت حدادٍ كهذا، فبعد التقارير الاخبارية التي أعلنت وفاة سكينة بيواندي، أم الرئيس الايراني حسن روحاني وشقيقه حسين فريدون الذي هو أحد المفاوضين، قدّم كيري ووزير الطاقة، إرنست مونيز وهو عالم الفيزياء النووية الذي إنضم مؤخراً فريق المفاوضين الأميركيين، تعازيهم عبر الهاتف إلى فريدون في مقر إقامته في لوزان، وفي تصريح صحفي، قال كيري “نحن نشاركهم في حزنهم… ونشاطر عائلتهم همّهم هذا”.
وأصدرت وكالة أنباء إيرانية عدّة صورٍ للزيارة، وإحدى هذه الصور تُظهر كيري وشقيق الرئيس يسيرون بإتجاه بعضهم، مفتوحي الأيدي، وعلى وشك العناق، وفي صورة أخرى ظهر كيري جالساً بجوار فريدون، مادّاً يده لمسك ذراعه. هذه الصور وغيرها، كانت، ولوقت غير بعيد، تعد خيانة في طهران، لكنها انتشرت بشكل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي.
لقد عاد الإيرانيون إلى بلدهم من أجل نوروز ولحضور الجنازة، ومن المعتاد أن تتضمن جنازات عوائل القادة الإيرانيين مراسيم سياسية وشعبية، وحتى ألدّ المنافسين يحضرون لإظهار الاحترام، لذا ستكون هذه المناسبة فرصة للرئيس روحاني لإظهار مكانته في إيران، وربما يجمع الدعم من أجل الاتفاقية.
وأضاف أوباما في فيديو التهنئة “تبقى هناك العقبات المهمة، وهي تخص، في المقام الأول، برامج البحوث والتطوير النووية الايرانية، وشروط رفع العقوبات الدولية الجزائية على إيران خلال العقد الماضي”.
الأكثر إشكالاً هو أنّ الولايات المتحدة وفرنسا منقسمتان، ففرنسا تصرّ على أن تكشف إيران كل نشاطاتها التي تتعلق بأبحاثها وصناعاتها العسكرية التي من الممكن أن تُستخدم لبناء رأس حربي لنقل أي سلاح، وأيضاً تصرّ على أن تُرفع العقوبات على شكل مراحل بطئية.
وقد بقيت تفاصيل المحادثات وثيقة العقد بين إيران والولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا، لمدة ثمانية عشرة شهراً قيد الكتمان مع حدوث تسريبات قليلة، على الرغم من النزاعات العميقة بين الأعضاء حول المشاكل العالمية، لا سيما بين الولايات المتحدة وروسيا حول أوكرانيا، لكن السفير الفرنسي في واشنطن، جيرارد أولييه، تحدّث علناً، ومن جانب واحد، يوم الخميس، كاشفاً الخرق، بالقول “لقد كانت فرنسا دائماً واضحة حول الضمانات التي تعدها ضرورية، ولقد أثبتت مسبقاً حزمها حول موقفها”، وقد التقى كيري مع نظرائه الأوروبيين يوم السبت 21 آذار لمحاولة حل خلافاتهم.
ثم ردّ ظريف، وزير الخارجية الإيراني، على تويتر قائلاً “لقد اتخذ الإيرانيون قرارهم مسبقاً بالإشتراك بالنقاش، لكن مع حفظ الكرامة، ولقد آن الأوان للولايات المتحدة وحلفائها أن تختار بين الضغط أو الوصول إلى إتفاقية”.
إنّ الصفقة المحتملة تواجه تحدياتٍ أكبر على الطريق، فلقد قال أوباما في رسالته المصورة “هنالك أشخاص، في كل من بلدينا والبلدان الآخرى، يعارضون الحل الدبلوماسي، ورسالتي لكم يا شعب إيران هي أنّنا، معاً، يجب أن نرفع أصواتنا من أجل المستقبل الذي نبحث عنه.
كما قام السيناتور الجمهوري بوب كوركر، والديمقراطيان روبرت مينديز وتيم كاين، بتقديم مشروع قانون هذا الشهر، يُلزم أوباما بتقديم نصٍّ لتتم مراجعته من قبل الكونغرس، وكذلك أرسل أكثر من ثلاثمئة عضو في مجلس النواب رسالة إلى البيت الأبيض هذا الاسبوع طالبين فيها أن يتم أي تخفيف دائمي للعقوبات عبر تشريعٍ جديد.
كما هدد السيناتور ليندسي غراهام، يوم الخميس، أنه سوف يتحرك من أجل تعليق تمويل الولايات المتحدة للأمم المتحدة في حال تحركها لرفع العقوبات عن إيران قبل حصولها على موافقة الكونغرس، وقال في تصريح لفوكس نيوز “إثنان وعشرون بالمائة من تمويل الامم المتحدة يأتي من دافعي الضرائب الأميركيين، وأنا مسؤول عن هذا”. بالاضافة إلى ذلك، فلقد قام إثنان من أعضاء المجلس الجمهوريين، وهما بيتر روسكام، وليه زيلدن، بالطلب من زملاءٍ لهم أن يوقّعوا على رسالة وجّهوها إلى أوباما وهددوه فيها بقطع تمويل المباحثات.
وفي ختام الرسالة المصوّرة، إستشهد أوباما ببعض كلماتٍ للشاعر الفارسي، حافظ، الذي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي، حول أفراح الموسم الجديد، وقال أيضاً “ربّما لن تأتِ هذه اللحظة مرة اخرى في المستقبل القريب، أنا على يقين أن أمّتينا لديهما فرصة تاريخية لحلّ هذه المسألة سلمياً، وعلينا أن لا نضيّع هذه الفرصة”. ربّما يكون الحصول على موافقة الإيرانيين أسهل من الحصول على موافقة في واشنطن.
تم إقتباس مقتطفات لهذا المقال من مقال كتبه روبن رايت في صحيفة ذا نيويوركر.