لافداي موريس
تكريت العراق
في مقر قيادة الجيش العراقية الأولية لعملية تطهير تكريت ، يقرأ اللواء محمد إبراهيم الإحداثيات لطائرات الأهداف بقيادة قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة ، وإن أهدافها هي ضرب ( مبنى المجلس المحلي، و معهد المعلمين ، ومركز تجاري محلي).
ومنذ انضمام الطائرات المقاتلة الأمريكية لاستعادة تكريت في الأسبوع الماضي، يقول القادة أن الضربات قتلت عدداً من كبار قادة الدولة الإسلامية وخفضت قدرة المتشددين على التحرك. ومع ذلك، فإن قرار استدعائها في غارات أخرى هو أيضاً مغامرة – لأنها خفضت بشكل كبير من القوى العاملة مع القوات الموالية للحكومة.
إذ تراجعت بعض الميليشيات الشيعية من المعارضة عن مشاركة الولايات المتحدة في هذه المعركة. في حين أن هذا يتناسب مع توجهات بعض القادة العسكريين الأميركيين، الذين لا يرغبون في منح تغطية جوية للجماعات شبه العسكرية المدعومة من إيران، وإن الضباط العراقيين على الأرض يكافحون من أجل سد الفجوة ؛ في حين تجري المفاوضات لإقناع رجال الميليشيات للعودة إلى المعركة.
وبحلول يوم الأحد ، فإن معظم الميليشيات الشيعية الذين كانوا منتشرين سابقا في مجمع الجامعة قد غادروا، وتركوا صمتاً غريباً في المكان يتخلله إطلاق قذائف الهاون وصدى صوت الغارات الجوية.
وكان مقر الميليشيا الشيعية ـ المسمى بكتائب الإمام علي، التي تقاتل في الخطوط الأمامية مع القوات الخاصة العراقية ـ فارغا.
وأوضح اللواء رائد عباس الزبيدي ـ القائد في إحدى الميليشيات ـ على مأدبة العشاء ليلة السبت قبل رحيله. أحرص على عدم الوضوح بإدلاء من أين أتوا. وقال إن ّ رجاله يغادرون مواقعهم على أطراف حي القادسية ، خارج محيط مجمع الجامعة، للانتقال إلى بلدة بيجي .
وإنّ انسحابهم يعطي القوات المسلحة النظامية فرصة لإثبات ذاتها في المعركة ، وهي قد اُستبعدت إلى حد كبير . ومن الواضح إنّ القادة العراقيين لم يكونوا راضين عن مقدار الانسحابات. عندما زار أحد الشيوخ الشيعة من جنوب العراق السبت ، أحد القادة في الجيش حاول إقناع الميليشيات على البقاء وقال:
“في الوقت الحالي نحن بحاجة إليهم ، وبصراحة ، لقد حققوا الكثير من الانتصارات “، وقال الجنرال عبد الوهاب السعيدي ـ أحد القادة في القوات الخاصة العراقية الذي يرأس عملية إستعادة السيطرة على المدينة ـ : “لو كنا جيشاً كاملا، كنت أقول عكس هذا”.
والجيش يعتمد على القوى البشرية التي أصبحت تعرف في العراق باسم “الحشد الشعبي”. وهو مصطلح ظهر في الصيف الماضي لوصف عشرات الآلاف من المتطوعين الذين استجابوا لنداء المرجعية الدينية للقتال ، لكنه أصبح إلى حد كبير يعرف بالميليشيات الشيعية.
وأدى تدخل الولايات المتحدة إلى خلافات بين رجال الميليشيات والحكومة ، مع رد غاضب لقادة الميليشيات العراقيين على ضربات التحالف في عملية كانوا يقودونها.
عاد قائد الإيرانيين الذي قدم المشورات العسكرية للميليشيات هناك ، اللواء قاسم سليماني، إلى إيران، وبحسب صور رسمية شرتها القيادة الإيرانية.
قال العميد غسان نور الدين ـ وهو ضابط كبير في الجيش العراقي ( إن السياسة قد أدت إلى تعقيد الجهود العسكرية. ولدينا مشاكل مع الجماعات التي تقاتل بطريقة طائفية )، وأضاف : ( وكذلك لدينا مشكلة في أن الدولة تريد أن تثبت نفسها على الأرض ).
وقال قادة الجيش : ( جرى إرسال كتيبتين من الجنود إلى الجامعة لتحل محل الميليشيات المتراجعة. وكذلك إرسال مجموعة من 54 متطوعاً من مدينة كربلاء الجنوبية للمساعدة في عقد خطوط دفاعية في الجامعة. ولكن هناك شكوكاً حول ما إذا كان هذا يكفي للتعويض عنهم . و رفض القادة التصريح بعدد القوات الناشطة في القتال في مدينة تكريت – ولكن ليس هناك شك في – أن أعدادهم جدياً إنخفضت ).
وقال مسؤولون امريكيون : ( إن هناك حوالي 4,000 جندياً، يفوقون عدد المسلحين للدولة الإسلامية بنسبة لا تقل عن 10 جنود مقابل كل واحد من رجال داعش. ولكن في عمليات ديالى وجرف الصخر جنوب بغداد ، قد اعتمدت القوات الموالية للحكومة على القوى البشرية بشكل ساحق- إلى حد كبير من رجال الميليشيات – لمحاولة كسب المعركة. ويقول بعض الجنود إنهم يفتقرون إلى الخبرة في المحاربة من شارع إلى شارع وهو القتال الضروري في تكريت ).
وقال السعيدي في إشارة إلى معركة دامية لمدينة خرمشهر في إيران في الحرب التي استمرت ثماني سنوات بين إيران والعراق أن : “هذه هي المرة الأولى منذ عام 1981 التي يقاتل فيها الجيش العراقي في مثل هذه المناطق المدنية “.
ولكن السعيدي قدر الضربات التي تقودها الولايات المتحدة ووصفها بالدقيقة ، التي تفتقر إليها القوة الجوية العراقية. وأضاف أن :” طياري السلاح الجوي العراقي ممتازين ، ولكن ليس بهذه الطائرات”، مضيفاً : ( أن موجة الضربات الأولى على القصور الرئاسية السابقة في تكريت ، المحتلة الآن من الدولة الإسلامية، قتلت كبار القادة ).
وسلطت الأضواء ، يوم الأربعاء على الحاجة إلى الدقة بحادثة إطلاق نيران صديقة. حفرة جديدة وعميقة تقع على الطريق بالقرب من مجمع مقر قيادة الجيش – حصلت ليس من نيران العدو ولكن عن طريق الطائرات العراقية. إذ أن طائرة لوحدها أطلقت خمس قنابل على المجمع . وفي وقت سابق من ذلك اليوم ، كان وزير الدفاع العراقي ينظر بفخر إلى طياريه في قاعدة الرشيد الجوية في بغداد. ويتكون أسطول العراق من خمس طائرات من نوع سوخوي سو-25 القتالية المستعملة ، بعد صفقات مع روسيا وإيران . وسبعة أخرى باقية في حظائرها ولكنها عاطلة ، وذا بحسب ما ذكره الطيارون في القاعدة .
وقال أنور حامد، رئيس سلاح الجو العراقي، “إنها ليست بعدد الطائرات، ولكن النتائج التي تحققها” عندما يشاهد انطلاق الطيارين في بغداد.
وفي وقت لاحق، وصل كبار القادة في الجيش العراقي إلى بغداد للتحقيق بالأمر، وكانت الميليشيات الشيعية غاضبة ، وكذلك عـدوا أن طائرات تحالف الولايات المتحدة ستقصفهم بدلاً من متشددي الدولة الإسلامية . وغادر بعض رجال الميليشيات القاعدة على الفور في أعقاب الضربات. وقال لقد توقفوا عن القتال ولكن تعهدوا بالبقاء في مواقعهم على جبهات أخرى في جميع أنحاء تكريت- لاسيما الميليشيات الكبرى- مثل عصائب أهل الحق، ومنظمة بدر وكتائب حزب الله. وكانت هناك دلائل تشير إلى أن من المحتمل عودتهم للانضمام إلى القتال ليلة الأحدر، وبعد بيان من مجموعة التعبئة العامة التي تقول إن كل قواتها “عازمة على تحرير تكريت”.
وقال محمد قاسم ـ وهو أحد الجنود في الجيش والبالغ من العمر 25 عاماً ـ : ” ليس لدينا ما يكفي من الجنود “، وأضاف ” ويستغل العدو كل فرصة للمضي قدما “.
ساهم مصطفى سليم بهذا التقرير.
رابط المصدر :