صحيفة نيويورك تايمز – هيئة التحرير
من الموجب أن يكون القتال ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) جهداً من جوانب عدة مصممة لمواجهة الإرهابيين وعقيدتهم واستراتيجيتهم القاتلة على المستويات كلها.
وفي الوقت الحالي تقوم حملة عسكرية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وسوريا على أثر مؤتمر مكافحة العنف المتطرف الذي عقده الرئيس أوباما في واشنطن الاسبوع الماضي، خلق آمالاً في الاستجابة الدولية للحرب على داعش والقضاء على تماسكه وعلاقاته العامة وحملته الأيديولوجية التي أغرى بها الكثير من المقاتلين الشباب في صفوف الجماعة. والمطلوب الشراكة والعمل المنسق لحرمان الدولة الإسلامية، المعروف أيضا بـ( داعش)، من المبالغ المالية الهائلة التي يحتاج إليها التنظيم لإدامة حكمه الإرهابي.
إن تطلعات الدول الإسلامية الإقليمية لحكم أجزاء كبيرة من العراق وسوريا لا تزال أكثر طموحا من سابقاتها، مثل القاعدة، وتتطلب المزيد من المال. لكن هذا هو أيضا نقطة ضعف خطيرة ، وفقا لتقرير جديد هام من قبل مجموعة عمل المال، وهي هيئة دولية أنشئت في عام 1989 لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وبحسب ما جاء في التقرير، فإن احتياجات المنظمة كبيرة جداً الى حد “أنه من غير الواضح فيما إذا كانت جميع عائدات الدولة الإسلامية غير المشروعة التي تجنيها من احتلال الأراضي، بما في ذلك الابتزاز والسرقة، سوف تكون مستدامة على مر الزمن” من دون الاستيلاء على مزيد من الاراضي.
فضلاً عن أن هذا يشكل تحدياً كبيراً، فإن إيقاف تشغيل تيارات التمويل يتيح فرصة للولايات المتحدة وحلفائها لا يمكن التفريط بها.
فتنظيم داعش قد وضع نفسه، بصرف النظر عن الجماعات الإرهابية الأخرى ليس فقط من قبل الهمجية ولكن عن طريق حلمه، في مستوى إقامة خلافة الإسلامية. إن أعداد موالي هذا التنظيم وأتباعه ما يقرب من 30،000 مقاتل، بما في ذلك 19،000 مقاتل من 90 دولة أجنبية، يتقاضون راتباً شهرياً ما لا يقل عن 350 دولار إلى 500 دولار. فتكاليف التنظيم من هذه الناحية ما يقرب من عشرة ملايين دولار أمريكي شهرياً. وتسعى المجموعة أيضاً لتعزيز جاذبيتها من خلال توفير الخدمات العامة، للمدنيين تحت سيطرتها بما في ذلك الكهرباء . وهذا ايضاً يكلف مالاً كثيراً.
المصدر الرئيس للدخل هو ببيع النفط من حقول الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، في السوق السوداء. ويبيعون المنتجات المكررة للمستهلكين المحليين وذلك باستخدام وسطاء ومهربين، والنفط الخام للعملاء في العراق وسوريا، بما في ذلك النظام السوري.
ويقال أن داعش تتقاضى مبلغاً بين 20 الى 35 دولارا للبرميل الواحد، والوسطاء يبيعونه بمبلغ يصل الى 100 دولار البرميل. ويتم نقل النفط أساساً في شاحنات ناقلة للنفط .ومعظم المعاملات هي نقداً، مما يجعلها من الصعب تعقبها وتعطيلها. والمبلغ الإجمالي من النفط المهرب غير معروف ، لكن أفضل تقدير هو50,000 برميل يومياً، والتي يمكن أن تجلب أكثر من مليون دولار يومياً، والكثير من تفاصيل العملية ليست معروفة او واضحة.
ولحد الآن، داعش لم تتمكن من إستغلال هذا المورد بشكل كامل. وشركات القطاع الوطني الخاص انسحبت من المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية والإرهابيين، الذين يفتقرون إلى الخبرة، فيضطرون إلى الاعتماد على تقنيات بدائية لاستخراج النفط وتكريره.
ولديها إيرادات تأتي من مصادر أخرى مثل نهب البنوك وابتزاز المدنيين ،ومطالبتهم بفدية لضحايا الخطف، والإنخراط في إتجار بالبشر، وجمع التبرعات من خلال المنظمات الخيرية الجماعية على الإنترنت.
والمجتمع الدولي، بما في ذلك فرقة العمل، إتخذت خطوات لعرقلة التمويل. بتدمير خطوط الأنابيب والمصافي, والقصف الأميركي للمنشآت النفطية التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية، مما جعل قدرة الجماعة على استخراج البترول وتكريره “تتضاءل بشكل كبير” . لقد حاولت تركيا وأكراد العراق السيطرة على محاولات التهريب عبر مناطقهم، ولكن يرى العديد من الخبراء أن هذه الجهود غير كافية.
وقد بذلت الحكومة العراقية والمؤسسات المالية العالمية تقدماً كبيراً في منع البنوك في المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية من الوصول إلى النظام المصرفي الدولي. على سبيل المثال، البنك المركزي العراقي وجه المؤسسات المالية بمنع التحويلات البرقية من وإلى ما يقرب من 90 بنك تقع في الأراضي التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية، ومعظم المؤسسات المالية الكبرى التي تعمل دولياً قطعت علاقاتها مع البنوك في سوريا، وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية.
ولكن هناك المزيد من العمل والذي يتعين القيام به. الحكومات يجب أن تعمل – مع تفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – على جعل تمويل الجماعات الإرهابية جريمة. كما يجب عليهم تجميد أصول الجماعات الإرهابية والمستفيدين منهم، وتبادل المعلومات الإستخباراتية وإجراءات أكثر صرامة ضد مبيعات النفط غير المشروعة عن طريق معرفة من يتداولون بالنفط ويشترونه وكيف يقومون بذلك.
أن وقف تدفق الإيرادات والأموال يجب أن يكون محوراً جاداً لأي جهد حقيقي لهزيمة الدولة الإسلامية في العراق والشام.
رابط المصدر:
To Hurt ISIS, Squeeze the Cash Flow
(المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي المركز)