باتريك كوكبرن -صحيفة اندبندنت
(حصري من أربيل) باتريك كوكبرن استمع الى مسؤول كردي كيف ان اموال النفط الخليجية تدعم الإرهابيين, مما يشير إلى ان هناك حرب طويلة مقبلة في الافق.
قال مسؤول كردي رفيع ان الدولة الإسلامية لا تزال تتلقى دعما ماليا كبيرا من المتعاطفين معها من العرب خارج العراق وسوريا، مما مكنها من توسيع مجهوداتها الحربية.
وفيما تحاول الولايات المتحدة وقف تلك الجهات الخاصة المانحة في دول الخليج النفطية من ارسال الاموال إلى الدولة الإسلامية التي بدورها تقوم بدفع رواتب مقاتليها الذين قد يصل عددهم الى ما يزيد عن (100,000) مقاتل.
فؤاد حسين، رئيس ديوان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، قال للاندبندنت يوم الاحد “هناك تعاطف مع داعش في العديد من الدول العربية, وتُرجم هذا التعاطف إلى تمويل – وهذه كارثة”, وأشار إلى أن المساعدات المالية اعطيت مؤخرا علانية قليلا او كثيرا من قبل دول الخليج للمعارضة في سوريا – ولكن الآن معظم هذه الجماعات المتمردة انضمت الى داعش, جبهة النصرة او الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة، ولذلك فهم ” الآن من لديه المال والسلاح”.
ان السيد حسين لم يحدد الدول التي تقوم بتمويل داعش الآن، ولكنه يعني نفس دول الخليج النفطية التي مولت في الماضي المتمردين من العرب السنة في العراق وسوريا.
وقال الدكتور محمود عثمان العضو المخضرم في القيادة الكردية العراقية الذي تقاعد مؤخرا من مجلس النواب العراقي, كان هناك سوء فهم لماذا تقوم دول الخليج بتمويل داعش. الجهات المانحة ليست فقط مؤيدة لداعش، إلا أن الحركة “تحصل على التمويل من الدول العربية لأنها تخشى منها”حسبما قال, واضاف ان “دول الخليج تعطي المال لداعش بعد تعهد الاخيرة بعدم تنفيذ عمليات على أراضي الخليج”.
القادة العراقيون في بغداد يعبرون بشكل خاص عن شكوك مماثلة – فمع إقليم بحجم بريطانيا العظمى وبعدد سكان ستة ملايين تخوض حربا على جبهات متعددة، من حلب إلى الحدود الإيرانية – لا يمكن أن تكون ماليا مكتفية ذاتيا، اذا ما نظرنا إلى مواردها المحدودة.
الدولة الإسلامية تبذل كل ما في وسعها لتوسيع قدراتها العسكرية، ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، والقيادة المركزية الأمريكية يهددان بشن هجوم في وقت لاحق من هذا العام لاستعادة الموصل. بغض النظر عن جدوى هذه العملية، فان قوات الدولة الإسلامية تقاتل في مواقع مختلفة على نطاق واسع في شمال ووسط العراق.
في ليلة الثلاثاء شنت الدولة الاسلامية هجوما مفاجئا بـ(300 الى 400) مقاتل، وكثير منهم من شمال أفريقيا من تونس والجزائر وليبيا، على القوات الكردية 40 ميلا إلى الغرب من العاصمة الكردية اربيل. وقال الكرد أن 34 مقاتل من الدولة الاسلامية قتلوا في القتال والغارات الجوية الأمريكية. وفي الوقت نفسه كانت الدولة الاسلامية تقاتل من أجل السيطرة على بلدة البغدادي، عدة مئات من الأميال عن محافظة الأنبار. وعلى الرغم من توقعات المتحدث باسم القيادة المركزية في الأسبوع الماضي أن “المد قد تغير” وان الدولة الاسلامية تتراجع, لكن الدلائل على أرض الواقع قليلة.
على العكس من ذلك، يبدو أن الدولة الاسلامية لديها من الموارد البشرية والمالية ما يمكنها خوض حرب طويلة، رُغم كل الضغوط التي تتعرض لها. ووفقا لمقابلات بالهاتف أجرتها صحيفة اندبندنت مع اُناس يعيشون في الموصل، أو مع اللاجئين الفارين مؤخرا من المدينة، ان مسؤولي الدولة الاسلامية يجندون شابا واحدا على الأقل من كل عائلة في الموصل، التي يبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة. ووضعت قائمة بعقوبات صارمة لكل من ليس على استعداد للقتال، بدءا من 80 جلدة وتنتهي مع الاعدام.
كل هؤلاء المجندين الجدد يتلقون أجرا مع مصاريف معيشة، الذي كان حتى وقت قريب 500 دولار في الشهر ولكن تم تخفيضها الآن إلى حوالي 350 دولار. الضباط والقادة يتلقون أكثر من ذلك بكثير. وقال مصدر محلي لم يشأ الكشف عن اسمه، إن المقاتلين الأجانب وهناك من يقدرهم بـ(20,000) في الدولة الاسلامية يحصلون على راتب أعلى من ذلك بكثير بدءً من 800 دولار في الشهر.
وقال أحمد وهو صاحب متجر يبلغ من العمر 45 عاما لا يزال يعمل في الموصل “أنا أعرف ثلاثة مقاتلين أجانب أراهم عادة عند نقاط التفتيش في حيّنا احدهم تركي والآخران أوروبيان, بعضهم يتكلم العربية قليلا. أنا أعرفهم جيدا لأنهم يشترون المشروبات الغازية من المحلات التجارية في حيّنا, التركي زبون لدي يقول انه يتحدث إلى أسرته باستخدام الانترنت المتوفر للأجانب، الذين لديهم امتيازات ممتازة من حيث الرواتب والغنائم وحتى الأسرى”.
وأضاف أحمد: “اعتقل مقاتلي داعش أربعة معلمين في مدرسة ثانوية بعد طلبهم من طلابهم عدم الانضمام الى داعش”, حيث بدء مقاتلوا الدولة الإسلامية بالذهاب الى المدارس والطلب من طلاب السنة النهائية الانضمام اليهم. داعش أيضا خفضت سن التجنيد لما دون أعمار 18 سنة، مما دفع بعض العائلات إلى مغادرة المدينة, كما تم إنشاء معسكرات لتدريب وتسليح الأطفال.
ونظرا لهذا الدرجة من التعبئة من قبل الدولة الإسلامية، فإن تصريحات السيد العبادي والقيادة المركزية حول استعادة الموصل في ربيع هذا العام باستخدام (20,000 الى 25,000) من قوات حكومة بغداد والقوات الكردية، تبدو وكانها محاولة “رفع معنويات” في محاربة داعش.
المتحدث باسم القيادة المركزية ادعى انه لا يوجد في الموصل سوى (1,000 الى 2,000) مقاتل لداعش، والذي لا يتطابق مع ما يقوله المراقبون المحليون. مما ينذر بالسوء، ان الحكومات العراقية والأجنبية لديها سجل رائع من الاستخفاف بالقدرات العسكرية والسياسية لداعش على مدى العامين الماضيين.
وقال السيد فؤاد حسين انه في نهاية العام الماضي كان لداعش “مئات الآلاف من المقاتلين” في الوقت الذي كانت فيه وكالة الاستخبارات المركزية تدّعي ان عددهم يترواح بين (20,000 الى 31,500). وقال انه لا يستبعد كليا استعادة الموصل بعد الهجوم عليها ولكن مع وجود ظروف ناجحة للهجوم ، وتوقع أن استعادت المدينة لن تكون في أي وقت قريب. لاقتحام الموصل من قبل قوات البيشمركة الكردية فأنها بحاجة إلى معدات أفضل بكثير “من أجل شن حرب حاسمة ضد داعش وإلحاق الهزيمة بها” حسبما قال, واضاف “حتى الآن إلحاقنا الهزيمة بهم في أماكن مختلفة من كردستان بإراقة دمائنا. لقد قتل (1,011) من البيشمركة واصيب حوالي (5,000)”.
الكرد يريدون أسلحة ثقيلة بما في ذلك عربات الهمفي والدبابات لتطويق الموصل ولكن ليس لدخولها، وبنادق القناصة لأن داعش لديها الكثير من بنادق القناصة الدقيقة للغاية، وكذلك هم بحاجة الى معدات للتعامل مع العبوات الناسفة والشراك الخداعية، وكلاهما يستخدمها داعش بغزارة.
قبل كل شيء، أن المشاركة الكردية في الهجوم يتطلب شريكا عسكريا في شكل جيش عراقي فعال وحلفاء محليين من السنة. دون هذا الأخير، فإن المعركة من أجل استعادة الموصل التي سيقوم بها الشيعة والكرد وحدهما ستثير المقاومة العربية السنية. السيد حسين يشكك في فعالية الجيش العراقي الذي انهار في حزيران الماضي، فعلى الرغم من عدده الذي بلغ (350,000) جندي الا انه هُزم امام بضعة آلاف من مقاتلي داعش.
“هناك فرقتان من الجيش العراقي تحميان بغداد، هل من الممكن للحكومة العراقية تركهما؟” يسأل السيد حسين. “وكيف سيصلون الى الموصل؟ إذا كان من خلال تكريت وبيجي، فذلك صعب لان عليهم القتال على طول الطريق قبل ان يصلوا الى الموصل”.
وبطبيعة الحال، الهجوم ضد داعش له مزايا لم تتوفر في العام الماضي، مثل الضربات الجوية الأمريكية، ولكن هذه المزيا قد تكون من الصعب استخدامها في المدينة. القوات الجوية الامريكية نفذت غارات جوية لا تقل عن 600 على الجانب المحتل من قبل داعش في مدينة كوباني الكردية السورية الصغيرة, ثم تراجعت داعش أخيرا بعد حصار دام 134 يوما. في السيناريوهات الأكثر تفاؤلا ان داعش ستتعرض لانشقاقات أو ان تقوم انتفاضة شعبية ضدها، ولكن حتى الآن لا يوجد دليل على ذلك وأثبتت داعش أنها تنتقم بلا رحمة من أي فرد أو من المجتمع اذا ما واجهت معارضة.
السيد حسين يشير الى نقطة هامة أخرى: على الرغم من صعوبة وخطورة استعادة الموصل للكرد وحكومة بغداد، الا أنهما لن يستطيعا ترك المدينة لنفسها. ومن هنا فأن داعش فاز فوزه الاول العظيم وأعلن أبو بكر البغدادي الخلافة في 29 حزيران من العام الماضي.
“الموصل هي مهمة سياسيا وعسكريا” كما يقول. واضاف “بدون هزيمة داعش في الموصل، سوف يكون من الصعب جدا الحديث عن هزيمتها في بقية العراق”.
في هذه اللحظة، قوات البيشمركة هي على بعد ثمانية أميال فقط من مدينة الموصل. لكن بالمقابل فان مقاتلي داعش ايضا ليسوا بعيدين كثيرا عن المدينة النفطية التي يسيطر عليها الكرد في كركوك، إذ تعرضت لهجوم داعش الشهر الماضي. نظرا لحجم العراق وصغر حجم الجيوش المنتشرة، فانه يمكن لكل جانب إلحاق مفاجآت تكتيكية على الجانب الاخر من خلال لكم بعضهم البعض في الخطوط الأمامية.
هناك نوعان من التطورات الأخرى لصالح الدولة الإسلامية. حتى في مواجهة التهديدات المشتركة، يظل القادة في بغداد وأربيل منقسمين بشدة. عندما سقطت الموصل العام الماضي، ادعت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي أن الجيش العراقي تعرض للطعن في الظهر بمؤامرة بين الكرد وداعش. لا يزال الجانبان يشتبهان للغاية في بعضها البعض، في بداية الأسبوع الماضي، فشل وفد بقيادة رئيس الوزراء الكردي نيجيرفان بارزاني في التوصل الى اتفاق مع بغداد حول “كم من عائدات النفط العراقية يجب ان تذهب الى الكرد” مقابل الكمية المتفق عليها سابقا من النفط من حقول النفط الكردية في الشمال.
“شيء لا يصدق، الانقسامات الآن كبيرة كما كانت في ظل حكومة المالكي” حسبما قال الدكتور عثمان. صنعت الدولة الإسلامية الكثير من الأعداء، ولكنها في آمان بسبب عدم قدرتهم على التوحد ضدها.
رابط المصدر:
Private donors from Gulf oil states helping to bankroll salaries of up to 100,000 Isis fighters