back to top
المزيد

    لماذ سربت الولايات المتحدة خطة حربها في العراق؟

     جوشوا روفنر, كيتلين تالمادج  –صحيفة واشنطن بوست

    أعطت القيادة المركزية الامريكية في الأسبوع الماضي عبر مؤتمر صحفي معلومات مختصرة مهمة عن الهجوم المقرر في أواخر الربيع على الموصل لاخراج الدولة الإسلامية من المدينة العراقية, مما جعل القيادة المركزية الأمريكية وإدارة أوباما تتعرضان للنقد لبوحهما إلى العدو بأهداف العمليات.

    وفي رسالة مفتوحة الى الرئيس، حذر السيناتوران جون ماكين وليندساي غراهام من أن “الإفشاء ليس خطرا فقط على نجاح المهمة، ولكن يمكن أيضا أن يكلف حياة قوات الولايات المتحدة، وقوات التحالف في العراق”.

    وبغض النظر عما إن كان هناك أحد ما يتفق مع ماكين وغراهام أم لا، فبالتأكيد ان الإفشاء من قبل القيادة المركزية الأمريكية يعد أمرا غريباً. وعادة ما يظهر ضباط الجيش انزعاجهم اذا ما طلب منهم تقديم تفاصيل محددة عن الحملات العسكرية المستقبلية. فلماذا تقوم القيادة المركزية الأمريكية بنشر خططها؟

    وفقا لإحدى التقارير، فإن المسؤولين الأميركيين اردوا تحذير ما يقدر بـ(1,500 – 2,000) من مقاتلي الدولة الإسلامية في الموصل بأنهم سيواجهون قريبا هجموماً من قبل (25,000) مقاتل أو أكثر من قوات التحالف، بما في ذلك خمسة ألوية من الجيش العراقي وثلاثة ألوية من البشمركة الكردية، وكلها مدعومة من القوة الجوية الامريكية، والاستخبارات، مع المشورة والتحليل المقدمة إليهم. ربما مقاتلو الدولة الإسلامية سيتراجعوان بدلا من الصمود والدفاع عن عاصمتهم الفعلية في العراق، مما سيجنب إراقة الكثير من الدماء وإهدار الكثير من الاموال لجميع المعنيين.

    هذا التبرير المنطقي يتناقض مع الأنشطة الأخرى للولايات المتحدة في العراق، ففي حين يقوم المستشارون بتدريب القوات العراقية، وتخطط (وتعلن) لهجوم وشيك الموصل، فإن القوات الجوية لقوات التحالف كثفت من الغارات على المدينة وحولها. إذا كان الهدف هو حث المسلحين على الفرار، يمكننا أن نتوقع من المسؤولين الأمريكيين ان يسمحوا لهم بطريق خروج آمن. ولكن القصف يرسل بالضبط رسالة معاكسة: يقول للمقاتلين اذا حاولتم الفرار من المدينة فإنكم سوف تتعرضون لقصف القوة الجوية العملاقة للولايات المتحدة. لذا فالحملة الجوية يمكن ان تشجعهم على الاحتماء وتعزيز دفاعاتهم.

    فما يحدث في الواقع؟ أولا، الدولة الإسلامية قد لا تكون ضمن الجمهور المستهدف من رسائل الولايات المتحدة. فهي تعرف ان معركة سقوط الموصل قادمة – مما دفع الولايات المتحدة في الصيف الماضي الى التفكير بالعودة الى العراق- وبالتالي ربما لن يحدث فرقا هائلا للتنظيم الذي يتوقع المعركة فى آيار او في وقت آخر.

    الدفاع عن الموصل هو شيء مرجح بالنسبة للدولة الإسلامية التي أخذت ذلك بالفعل في خططها. وعلى أية حال, ونظرا للعمليات الامنية السيئة من قبل الجيش العراقي، فإن فرص الحفاظ على سرية أي حملة بقيادة عراقية ستكون ضعيفة.

    بدلا من ذلك، على الولايات المتحدة ان تتحدث أكثر الى شركائها في التحالف ونظرائهم العراقيين من أن تتحدث الى الدولة الإسلامية. يمكننا تخمين ديناميات ما وراء الأبواب المغلقة، ولكن شركاء الائتلاف ربما احجموا عن مساهماتهم العسكرية الخاصة ودعمهم السياسي وسط شكوك حول الولايات المتحدة وعزيمة العراقيين لانتزاع السيطرة على المنطقة من المتشددين الاسلاميين.

    القوات العراقية أيضا تشكك برغبة الولايات المتحدة واستعدادها في تقديم الدعم لهم في أي هجمات مخطط لها. أو أنها قد تفضل أولا الى أن تبادر الى السيطرة على غرب العراق بدلا من التوجه الى الشمال. قد تكون الولايات المتحدة تحاول إرسال إشارة خاصة بها كشريك جدير بالثقة، تقوي ظهر القوات العراقية غير المحفزة، وتصنع أمرا واقعا فيما يتعلق بتخطيط الحملة، أو مزيج مما سبق. وباختصار، ربما تهدف رسائلها الى أهداف أخرى غير الدولة الإسلامية.

    يمكن للمرء أيضا ان يشعر انها رسالة إلى جمهور الولايات المتحدة حول الموصل بمنطق “مهما حصل سننتصر”. إذا كانت قوات الدولة الإسلامية وعلى نحو غير معهود ستفرمن دون قتال، فإنها ستواجه الذل والانتكاسة في مطالباتها بالسيطرة على العراق. أما إذا قررت الدولة الإسلامية البقاء في الميدان، وبدأت في الاستعدادا للدفاع عن المدينة بإرسال تعزيزات الى الموصل، فإن ذلك شيء جيد من الناحية العملية أيضا. هذه القوات ستكون عرضة لهجمات قوات التحالف الجوية، والتي بالفعل تشكل تهديدا خطيرا على شريان الحياة للمتشددين بين الرقة والموصل. إرسال التعزيزات الى الموصل سيجعل موارد الدولة الإسلامية بعيدةً عن سوريا، حيث قدرة التحالف على محاربتها هناك أكثر تقييدا بكثير، اما في العراق فأن قدرة التحالف هي أكثر قوة.

    مهما كانت المبررات وراء التصريحات الأمريكية، فإن الخطة الشاملة لاستعادة الموصل تنطوي على مخاطر تكتيكية واستراتيجية خطيرة. هذه المخاطر موجودة للقيادة المركزية الأمريكية سواء اطلقت دعاية للحملة أم لا. القتال في المناطق الحضرية مكلف، حتى إذا ربحت الحرب. والولايات المتحدة تعرف هذا من تاريخها في مدن مثل (هوي) خلال حرب فيتنام. العراقيون يعرفون ذلك أيضا من تاريخهم، مثل معارك خرمشهر والبصرة خلال الحرب مع إيران. أما التجربة الأكثر حداثة من الفلوجة ما زالت تعيش في ذاكرة كثير من الجنود لكل من العراق والولايات المتحدة.

    في الموصل هذه القوات ستدعو للمعركة قوات الدولة الإسلامية المتأهبه للغاية مع جميع ما لديها من مزايا في الدفاع، بما في ذلك معرفة التضاريس، والسيطرة على السكان المحليين، واستخدام السكان المدنيين كدروع عملاقة. انه لشيء رائع “ان نريد من تحرير الموصل تبدو كتحرير باريس او ستالينغراد” ولكن من المهم أن نتذكر أن التحرير”السهل” جاء بعد أكثر من عامين من المعارك الرهيبة في ستالينغراد وتسببت في أكثر من مليون إصابة. وكان المسير الى باريس ممكنا فقط بعد الخسائر الهائلة التي عانى منها الجيش الألماني على الجبهة الشرقية.

    وعلاوة على ذلك، فإن الدولة الإسلامية التي تعاني من العزلة مع فرصها الضئيلة بالفرار، فإنها قد تقاتل بضراوة. (سون تزو) الشهير – وهو جنرال صيني استراتيجي عاش قبل الميلاد- قال ذات مرة ان الجنود يقاتلون بقساوة عندما يكونون على “أرض الموت”، حيث كان ينصح القادة بتفادي فرض الحصار.

    وفي الوقت نفسه ستكون معظم القوات العراقية من الشيعة والكرد لإستعادة المدينة السنية, وبسخرية يطلب منهم الموت من أجل أرض تابعه لمنافس طائفي قاتلوه خلال العقد الماضي قبل ظهور الدولة الإسلامية. وسواءً إتحدوا أم لا, او إن كان السنة سيرحبون بهم كمحررين, فهناك علامات استفهام كبيرة.

    إذا كانت الإجابة على أي سؤال هو بلا، فان ذلك سوف يكثف من ضغط الولايات المتحدة للتصعيد، ويمكن أن تميل إدارة أوباما لزيادة دورها الامريكي القتالي المباشر. ومن المفارقات، ما يشبه نهجا لانتصار غير دموي مع عراقيين في القيادة، قد ينتهي بالقوات الأمريكية وهي تشارك في عمليات برية هجومية دائمة.

    جوشوا روفنر هو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الميثودية الجنوبية.

    كيتلين تالمادج هو أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن.

    رابط المصدر:

    The U.S. just leaked its war plan in Iraq. Why?