ديفيد إغناتيوس –واشنطن بوست
(كركوك-العراق) المنظر من سطح مكتب المحافظ نجم الدين كريم يوضح ان هذه المدينة المتعددة الأعراق تستلقي في الاسفل, بينما اشار المحافظ نحو الحويجة الضاحية السنية التي تبعد ما يقرب من 15 ميل إلى الغرب التي يسيطر عليها الدولة الإسلامية انطلق منها المتطرفون قبل أسبوعين بهجوم شرس من هناك والتي كادت تقريبا ان تكسر خطوط دفاع كركوك.
قال كريم “عيني داعش على كركوك وبالنسبة لهم هي الجائزة الكبرى” مستخدما عبارة العدو التي هي شائعة هنا. في هذا الصباح بالذات رمادية اللون وضعفية الرؤية حيث يفضل المهاجمون، بدأت الدولة الإسلامية هجومها بالمدفعية والهاونات من ضاحية سنية جنوب المدينة تسمى داقوق, وقصفت غارات التحالف الجوية أهداف داعش هنا مرتين هذا الاسبوع.
محافظة كركوك تجلس بصعوبة على خط الصدع, فإلى الشرق مع كردستان وإلى الجنوب الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد وفي الغرب المناطق السنية, كريم نفسه كردي وعضو في احد الأحزاب السياسية الكبرى الاتحاد الوطني الكردستاني ولكنه يصر “كمحافظ أنا للجميع”.
توضح كركوك المعضلات التي تواجه الحكومة الإقليمية الكردية في أربيل التي تبعد تقريبا ساعة بالسيارة الى الشمال فالأكراد يعتبرونها جزء من أرض آبائهم وأجدادهم، بينما يدعو الدستور العراقي للاستفتاء الذي من الممكن ان تصوت الأغلبية الكردية في المدينة على مغادرة مدار بغداد لتصبح جزءا من كردستان.
ولكن هل يمكن للأكراد ابتلاع كركوك دون ان يختنقوا بسبب الفئات الأخرى التي تعيش هنا؟ كريم يعتقد أن الأكراد يشكلون أكثر قليلا من 50 في المئة من سكان كركوك، بينما يمثل السنة 32 في المائة إلى 35 في المائة، والتركمان لديهم بنسبة 13 في المئة إلى 14 في المئة, انها صورة مصغرة من اللغز الأكبر العرقي العراقي.
في الوقت الراهن فإن العدو المشترك هي الدولة الإسلامية ويبدو أنها تجمع العراقيون معا هنا, البشمركة الكردية تحيط بالمدينة وتعتبر القوات الأمنية الأكثر أهمية ولكن داخل المدينة فان الأمن يدار من قبل قوة الشرطة المحلية التي يقول كريم انها تقريبا 39 بالمائة من العرب و 36 في المئة من الاكراد و 26 في المئة من التركمان, وقال كريم “إن كانوا يقولون ان الأكراد هم فقط من يحفظ النظام في المدينة فهذا غير صحيح”.
يقول كريم انه يفضل وضع خاص لكركوك ضمن كردستان مثل ما لدى كيبيك في كندا, لكن فلاح مصطفى بكر وزير كردستان للشؤون الخارجية يرفض هذه الصيغة “لقد انتظرنا فترة طويلة جدا” حسبما قال في مقابلة أجريت معه في مكتبه في اربيل “نحن لا نريد أن تستمر مع المرحلة الانتقالية وتتأخر.”
كركوك هي مجرد واحدة من علامات الاستفهام لكردستان التي في نواح كثيرة هي قصة نجاح عراقية كبيرة فالمنطقة تمتلك الأمن وفرص العمل والأهم من كل شيء هي الحيوية المتجانسة للسكان حيث يشترك الجميع تقريبا بنفس حلم الاستقلال الكردي في نهاية المطاف.
ولكن كردستان لديها أيضا بعض المشاكل الدنيوية بدءا من الفساد, فالبلاد تحكم من قبل الأحزاب السياسية التقليدية التي يهيمن عليها عشائر بارزاني وطالباني الذين سيطروا على الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني على التوالي تاريخيا, ومع وجود صلات مناسبة واعطائهم بعض النقود فقد أصبحت وسيلة للحياة هنا.
يعترف مسرور بارزاني رئيس مجلس الأمن الإقليمي الذي يشرف على جميع الأنشطة الاستخباراتية بانها “الحقيقة تماما” ان كردستان قد ضعفت بسبب الفساد, اما بكر فيوافق “نحن لا ندعي الكمال” لكنه يقول إن الفساد في كردستان هو أقل بكثير من سيرك السرقة في بغداد, فقد أعطت حكومة الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم أصغر الاحزاب الإصلاحية المعروفة باسم “التغيير” السيطرة على وزارة المالية والاشراف على البشمركة, ولكن عندما سئل عما اذا كان الإصلاحيون ازالوا الرشاوى والمحسوبية فان رجل الأعمال المحلي البارز حرك عينيه فقط.
حتى البشمركة المحبوبة عند الأكراد فانها واجهت متاعب في الأيام الأولى من الحرب ضد الدولة الإسلامية في آب الماضي, ويوضح البارزاني “كانت البيشمركة نائمة لفترة طويلة”، بعض القادة عديمي الخبرة التفوا حولها فكان على قدامى المحاربين تعبئتها. منذ آب فقدت البشمركة أكثر من 1000 قتلوا في المعركة وأكثر من 4500 اصيبوا والأكراد ما زالوا يريدون بلدهم في يوم من الأيام (القادة يتحدثون عن كونفدرالية خلال العقد المقبل) لكنهم الآن ما زالوا عراقيين.
مشاكل كردستان قابلة للإدارة إذا ما أخذها القادة على محمل الجد ويكمن الخطر في أن الفساد والتوتر السياسي قد اضعف أسس المنطقة الكردية تماما كما في بقية العراق، أما الآن فإن الأكراد يحافظون على أقوى منصة في المنطقة – وقاموا بأفضل الاعمال في محاربة متطرفي الدولة الإسلامية ولكن لا شيء يدوم إلى الأبد وعلى كردستان ان تحل المشاكل التي تعترض النجاح كما فعلت بعد قرون من العزلة والخيانة.
رابط المصدر:
In Iraq, Kirkuk remains a question mark