جاكوب سيغل – موقع ديلي بيست
قالت طهران انها ستبدأ بتدريب ضباط الجيش العراقي والذي يمكن أن يتصادم مع بعثة الولايات المتحدة لتدريب الجيش العراقي وكيف يمكن ان يؤثر ذلك على صراع النفوذ؟
في إعلان أنه قد يعقد حجر الزاوية في مهمة أميركا لتدريب الجيش العراقي لقتال داعش قال جنرال إيراني انه مستعد لبدء تدريب ضباط في الجيش العراقي, وتأتي هذه الرسالة بعد أن توصل كل من بغداد وطهران الى اتفاقية أمنية في كانون الاول والتي لم تعلن لكنها على ما يقال زيادة في التعاون العسكري بين البلدين. واشنطن وطهران تعاونتا بهدوء في مكافحة داعش إلى حد كبير عن طريق تجنب الاتصال المباشر وحفظ الفصل في مناطق النفوذ وإذا بدأت إيران بتدريب الضباط العراقيين في نفس الوقت الذي فيه تنفذ الولايات المتحدة مهمة التدريب الخاصة بها لعدة سنوات عندها يمكن لهذه المجالات ان تتصادم. وايران لم تبدأ فعليا أي تدريب بعد انما أشارت فقط الى استعدادها ولكن إذا بدأت فان هناك بعض الأسئلة اللوجستية الواضحة لفرز الآثار التي تحمل نطاقا أوسع, وليس من الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة وإيران من شأنهما تقسيم الجيش العراقي في انواع التدريب وذلك بتبني مشترك لوحدات مختلفة أو إذا كان الضابط العراقي يمكن أن ينتهي به المطاف لتلقي التوجيه من المستشارين الأمريكيين والإيرانيين على حد سواء.
بدأ الجيش الأمريكي بتدريب القوات العراقية في أواخر كانون الاول قبل أيام من الاتفاق الامني بين إيران والعراق وحاليا تقوم الولايات المتحدة بالتحقق من افراد القوات العراقية للتأكد من أنهم ليس لديهم علاقات مع الجماعات الإرهابية ولكن لم تبلغ عن التحقيق في العلاقات مع اطراف مسلحة اخرى .. وقال مسؤول في البنتاغون لديلي بيست ان الادارة كانت على علم باعلان ايران عن تدريب ضباط عراقيين, ولم يحدد المسؤول بمزيد من التعليقات فيما اذا ستتأثر مهمة البعثة الامريكية لتدريب الجيش العراقي إذا بدأت إيران برنامجا مماثلا.
انه ليس سرا أن الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة ضد داعش تعتمد على الميليشيات الطائفية التي ترعاها إيران لمحاربة التنظيم في العراق فبعد انهيار الجيش العراقي عند بدء هجوم داعش اخذت الميليشيات بملئ الفجوة وقتال داعش خارج المناطق الكردية في العراق, وبينما صدت الميليشيات المضادة داعش على الأرض ركزت الولايات المتحدة على إجراء الضربات الجوية وإعادة تدريب الجيش العراقي للقضاء في نهاية المطاف على التنظيم.
ولكن تنامي نفوذ الميليشيات الشيعية التي لها علاقات مع إيران والتي تعمل تحت غطاء جوي أمريكي في الماضي يطرح مشاكل للكل الولايات المتحدة والعراق, في حين تحاول بغداد تشكيل حكومة وطنية وجلب السنة في البلاد مرة أخرى إلى النظام السياسي واذا برجال من الميليشيات الشيعية يتهمون بذبح أكثر من 70 قرويا سنيا في الشهر الماضي.
البيان الصادر يوم الاثنين عن العميد الركن حسين فاليفاند من قبل وسائل الإعلام الإيرانية أفاد عن تدريب ضباط عراقيين لكنها لم تتلق إنتباها يذكر في الغرب, وقال فاليفاند الذي يدير قيادة الجيش الايراني وكلية الأركان العامة “الخبراء العسكريين الإيرانيين مؤهلين بما فيه الكفاية لتقديم التدريب للقوات العراقية” وفقا لـ(تي في برس) التي تنقل أخبار طهران باللغة الإنجليزية, وأضاف فاليفاند ” أن مسألة تدريب الجنود العراقيين قد نوقش خلال الزيارة التي قام بها وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي لطهران”.
و”الزيارة الأخيرة” هي إشارة إلى اجتماع بين وزير الدفاع العراقي ونظيره الإيراني التي أسفرت عن اتفاقية أمنية بين البلدين, وكانت قناة العربية قد قدمت بعض التفاصيل القليلة حول الاتفاق باللغة الإنجليزية نقلا عن التلفزيون الرسمي الإيراني وذكرت قناة العربية ان وزيري الدفاع “اتفقا على مواصلة التعاون في مجال الدفاع مع إنشاء جيش وطني لحماية سلامة أراضي وأمن العراق.”
وقال فيليب سميث الباحث في (النزعة العسكرية الإسلامية الشيعية) في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى “وكلاء القوات الإيرانية التي تشمل عناصر من الحرس الثوري الإيراني [الحرس الثوري، قوة إيران العسكرية للتدخل السريع] يفعلون هذا بالفعل منذ عدة أشهر, انه نوع مثير للاهتمام من حملة تواصل شعبية” وقال سميث عن إعلان يوم الاثنين “لإظهار المزيد من الدعم للكيانات الوطنية العراقية وفي نفس الوقت تنشر النزعة العسكرية الميليشية في باقي اجزاء البلاد.”
اما مارك دابووايتز الذي يتزعم فرض العقوبات على ايران ومشروعات حظر الانتشار النووي في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات التي تصف نفسها بأنها معهد سياسي غير حزبي يركز على تعزيز “القيم الديمقراطية” ومواجهة “الأيديولوجيات التي تدفع الإرهاب”, قال دابووايتز عن الاتفاق والدور العسكري التوسعي الإيراني في العراق “لا شيء من هذه يشكل مفاجأة”.
دابووايتز يرى إيران “تغطي رهاناتها” في العراق وتعزز نفوذها في كل من الجيش وبين الميليشيات الموالية لها, “إيران ومن الواضح أنها تدرب الميليشيات الشيعية وتستخدم وكلاءها بشكل فعال جدا في العراق وفي أماكن أخرى, أتصور أن إيران تغطي رهاناتها: تدرب قوات الأمن والميليشيات حتى تتمكن من زيادة نفوذها وتسهل التنسيق بين الجهات الرسمية والميليشيات وتتأكد من ذلك، وأياً كان الفائز فانها تحتفظ بسيطرتها الفعالة. انها نفس قواعد اللعبة التي تمارسها في لبنان فمع ان حزب الله وكيلها الا ان ايران تزيد من نفوذها على الهيئات العسكرية النظامية “.
دوغ اوليفنت المدير السابق للعراق في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيسين بوش وأوباما، يرى ان لا صراع حتمي سيقع هناك إذا قامت الولايات المتحدة وإيران بتدريب القوات العراقية على حد سواء, وقال اوليفنت “أعتقد أننا ذاهبون للمنافسة في مختلف المجالات والقوات الامريكية مقيدة ببضع القواعد العسكرية وطالما لم تتواجد القوات الإيرانية على تلك القواعد فلن يكون هناك الكثير من فرص التفاعل”.. اوليفنت بعد أن خدم في العراق كضابط في الجيش وفي وقت لاحق عمل في البيت الأبيض، يعمل الآن شريك إداري في مانتيد الدولية وزميل اقدم في مؤسسة أمريكا الجديدة.
ووفقا لما قاله اوليفنت فان ما تراه العين في إمكانية تدريب إيران للضباط العراقيين اقل مما تراه في الخفاء “هذا يظهر فقط أن الإيرانيين ذاهبون للمنافسة معنا على النفوذ في العراق لأنها مهمة, ولأنهم وصلوا هناك في وقت مبكر ولأنهم جيران فإنهم يتمتعون بالافضلية”.
المفاوضات حول المنشآت النووية الإيرانية جعلت واشنطن وطهران على اتصال وثيق منذ تولى الرئيس أوباما منصبه ووضعت داعش بـ”منطق عدو عدوي” الولايات المتحدة وإيران على نفس الجانب, ولكن على الرغم من التعاون الضمني في العراق فانه لا يوجد تحالف رسمي في المعركة المشتركة ضد داعش وهذا يترك الكثير من الأسئلة التي يتعين حلها بين البلدين القويين وذلك بمحاولة تأثيرهما على نتائج الحرب من خلال أطراف ثالثة.
وقال دابووايتز من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات “لو كنت في المخابرات الإيرانية لهمني أن ابحث ذلك بعناية جدا” واضاف “انها طريقة مثيرة للاهتمام لوزارة المخابرات [وزارة الاستخبارات الإيرانية] والحرس الثوري للدخول تحت الخيام وتعلم كل ما تستطيع عن تدريب الولايات المتحدة، مواقف القوة والسلطة” … واضاف “من وجهة نظر الأجهزة الأمنية العراقية، فانا اراهن على الإيرانيين, واراهن على الأمريكيين في الحصول على أكبر قدر من التدريب والتسليح مما معروض، ولكن في نهاية اليوم سأراهن على التواجد الإيراني الذي سيبقى على الأرض بعد التواجد الأمريكي لفترة طويلة “.
جاكوب سيغل مراسل صحفي ومحرر في صحيفة الديلي بيست ومحارب قديم في الجيش الامريكي في العراق وأفغانستان, مؤلف ومحرر (النار والنسيان: قصص قصيرة من الحرب الطويلة), ومختارات ادبية من خيال المحاربين القدماء في العراق وأفغانستان.
رابط المصدر: